بخلاف الانتقادات التي وجهت للشروط التي وضعتها وزارة التربية الوطنية لاجتياز مباراة مهنة التدريس، وخاصة عدم تجاوز المرشح سن30 سنة، اعتبر عبد الرحمان لحلو، الخبير في مجال التربية والتكوين، في حديث مع « اليوم24″، أن مسألة تحديد السن « ليست هي المهمة »، إنما الأهم في الشروط التي وضعتها الوزارة، هو « إعطاء الامتياز لخريجي سلك الإجازة التربوية ».
ورغم محدودية خريجي سلك الإجازة التربوية والذين لا يتعدى عددهم حوالي 2800 خريجا هذا العام، مقارنة مع 17 ألف منصب المفتوح للتباري هذه السنة، فإن لحلو يعتبر أن هذا التوجه « مفيد للمستقبل »، داعيا إلى تشجيع الطلبة على ولوج الإجازة المهنية في التربية، حتى يكون عددهم كافيا في المستقبل، لأن هؤلاء يخضعون لتكوين أساسي يساعدهم على ولوج مهنة التدريس.
وأشار لحلو إلى أن معايير اختيار الأساتذة في الدول الأوربية تقوم على أساس الخضوع للتكوين في مجال التربية لمدة خمس سنوات بعد الباكلوريا، وبعدها يتم إجراء المباراة لاختيار أساتذة التعليم الأولي أو الابتدائي أو الإعدادي الثانوي. مشددا على أن هذا يعني « تثمين مهنة التدريس ».
وتساءل لحلو، « لماذا نختار لمهنة الطيار والمهندس والطبيب أعلى المستويات عند الولوج، ونخضع هذه المهن لأحسن تكوين، في حين أن مهنة أستاذ يلجها أشخاص لا تفرض عليهم شروط صارمة.
وحول الجدل الذي أثير بشأن تحديد سن إجراء مباراة ولوج مهنة التدريس، قال لحلو، إن اختيار الإدارة لسن 30 سنة، يبقى اختيارا، قد يقصي شبابا في عمر 31 و32 أو حتى 35 سنة ربما يكونون مؤهلين، لكنه اعتبر أن خريجي الباكلوريا، الحاصلين على نقط جيدة، عادة ما يتخرجون في سن ما بين 21 و23 سنة، وبذلك فإن أمامهم سنوات تصل إلى عمر 30 سنة، لولوج مهنة التدريس، وقال « من يدخل مبكرا إلى مهنة التدريس، فإنه تكون أمامه فرصة للتطور مع التكوين »، أما من يصل 40 و45 عاما، فإنه عادة ما يكون قد اشتغل في مهن أخرى، ومضى على حصوله على الباكلوريا عدة سنوات، وربما يبدأ في التفكير في مهنة التدريس فقط، لأن « فيها أريحية وعطل أكثر »، في انتظار التقاعد، معتبرا أن » هذه عقلية موجودة في المجتمع ».
وأشار لحلو إلى تجربته السابقة كصاحب مؤسسة تعليمية خاصة، كان يدرس فيها 3500 تلميذا، قائلا « من اشتغلوا معي في سن مبكر مباشرة بعد الإجازة، تطوروا بشكل أفضل »، أما من ولجوا المهنة في سن 40 و45، « فنادرا ما كنت أقبلهم لأنه يصعب تكوينهم ».
وبخصوص التكوين الذي يخضع له الأساتذة الذين يتم انتقاؤهم والمحدد في مدة 7 أشهر، يليها تكوين ميداني في القسم، اعتبر لحلو، أن المهم هو « مضمون التكوين وجودته »، والاعتماد على مكونين « ممارسين »، ولاحظ أن مراكز التكوين في المغرب، تعرف إشراف أساتذة من خريجي كليات علوم التربية ومفتشين سابقين « تجاوزهم الزمن »، ولم يسبق لهم أن كانوا ممارسين، ما يؤثر على جودة التكوين.
وأشار لحلو إلى تجربته الشخصية كصاحب مؤسسة خاصة متخصصة في تكوين الأساتذة للعمل في المدارس الخاصة، قائلا إن مدة التكوين لديه لا تتعدى أربعة أشهر، لكن على أساس تخصيص 160 ساعة للتكوين الحضوري، و150 ساعة للتدريب والتأطير. وأوضح أن هذه المدة كافية نظرا لجودة التكوين بالاعتماد على أساتذة ممارسين لهم تجربة وأيضا لاقتباس تجارب دولية ناجحة، وقال، « إذا خضع الخريج للتكوين المستمر فيما بعد، فإنه سيتطور جيدا في المهنة »..