وجهت مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، التي تضم عددا من المكونات المدنية، والسياسية، انتقادات شديدة اللهجة إلى السلطات، بسبب المنع، الذي تعرضت له الوقفات التضامنية، التي نظمت في عدد من المدن المغربية، في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
وقال عبد القادر العلمي، المنسق العام لمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، في ندوة صحافية، نظمت، اليوم الاثنين، في العاصمة الرباط، إن تخليد الشعب المغربي، اليوم، لليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي يصادف الـ29 نونبر من كل عام، هو “تعبير عن الموقف الشعبي المغربي ووفائه لقضية فلسطين، ليس فقط تضامنا، بل أصالة في الانخراط، والكفاح، انطلاقا من المبدأ المغربي الثابت، وهو أن القضية الفلسطينية قضية وطنية”.
التدخل الأمني ضد الوقفة الشعبية “قمعي” و”التضييق ممنهج”
علق العلمي في التصريح، الذي قدمته المجموعة، اليوم، حول ما تعرضت له الوقفات التضامنية، أمس الأحد، من تدخل أمني لتفريقها، خصوصا في العاصمة الرباط، وقال إن السلطات العمومية تعاملت معها “بالمنع، والقمع بشكل مناقض للحريات العامة، والحق في التعبير”، معتبرا أن “حالة التضييق صارت سلوكا ممنهجا في المغرب، طوال الأشهر الماضية”، رابطا بين ما تتعرض له الوقفات الداعمة للقضية الفلسطينية من تدخل، وقرار المغرب استعادة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.
وقالت المجموعة إن “الفعاليات الداعمة للقضية الفلسطينية، والمناهضة للتطبيع مستهدفة بالإانزالات الأمنية، وهو الأمر الذي يطرح السؤال ليس فقط على الوضعية الحقوقية في المغرب، بل على حقيقة موقف السلطات، وما إذا أصبحت أنشطة التضامن مع الشعبية مع القضية الفلسطينية محظورة حظرا عمليا”، محذرة من أن “الأمر جد خطير في مغرب تعتبر القضية الفلسطينية لدى شعبه قضية وطنية”.
استقبال غانتس رسميا “صدمة”
ربطت مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، بين التدخل الأمني لفض الوقفات الشعبية التضامنية مع الشعب الفلسطيني، وخطوات ربط العلاقات بين عدد من القطاعات المغربية، ونظيرتها الإسرائيلية، في أول سنة من استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وقالت المجموعة، اليوم، إن توجه السلطات العمومية نحو منع الوقفات المتضامنة مع الشعب الفلسطيني، مرتبط بـ”سياق هستيريا التطبيع الرسمي”، معبرة عن “صدمتها الكبرى” برؤية وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، وهو يزور المغرب رسميا، ويوقع على اتفاقيات “في سابقة تشكل خطرا على الأمن القومي ووحدة البلد واستقراره”، مشددة على أن هذه الزيارة “لا يمكن القبول بها، ولا يمكن إلا أن تكون مدانة”، لكون “من لا يستطيع حماية نفسه من المقاومة الفلسطينية، واللبنانية طوال العقدين الماضيين لا يمكن التعويل عليه لحماية غيره”.
“الصلاة” للجيش الإسرائيلي في الرباط “جريمة”
تداول مغردون مقطع فيديو لصلاة للجيش الإسرائيلي في كنيس في المغرب، في سابقة هي الأولى من نوعها، أثار، كذلك، حفيظة مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، وهو ما تم التعبير عنه، اليوم، في ندوتها في الرباط.
وقال العلمي إن تلاوة صلوات داعمة للجيش الاإسرائيلي في معبد يهودي في العاصمة الرباط بحضور غانس، وأفراد من الجيش الإسرائيلي ببدلاتهم الرسمية، هي “جريمة وسابقة”، وتعد حسب قوله إنذارا بـ”تخريب علاقات المجتمع الداخلية مع مكوناته، خصوصا المكون اليهودي”.
وردا على هذه الخطوة، قال العلمي إن المجموعة تدعو إلى تعبئة شعبية مدنية لحماية السيادة الوطنية، و”تحرير الموقف الرسمي من تيار يدفع إلى خطوات خطرة على استقرار المغرب”، معتبرا أن “تدنيس للهوية المغربية بالتطبيع في مشهد مقزز، ومرفوض، ويعطي المبرر لخصوم الوطني لتقديم المغرب كحليف للمحتل الصهيوني، وهو ما لا يقبله أي مغربي حر أو مغربية حرة”.
قضية فلسطين قضية إجماع وطني و”لا خلاقات”
وعلى الرغم من تعدد الهيآت المهتمة بدعم الشعب الفلسطيني، واختيار بعضها أخذ مسافة من مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين بعد توقيع سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة السابق، على الاتفاق الثلاثي مع إسرائيل، وأمريكا، إلا أن المجموعة تؤكد أن صف الهيآت المشتغلة في هذا المجال لايزال موحدا.
وفي السياق ذاته، نفى العلمي أن يكون هناك أي خلاف مع هيأة تابعة لجماعة العدل والاإحسان، وقال إن الهيأة التابعة للجماعة تحضر فعاليات المجموعة، كما أن القيادات المنضوية تحت المجموعة تحضر نشاطات الهيأة، مشددا على أن “قضية فلسطين كانت قضية إجماع وطني، ولا زالت، ومهما تعددت المنابر، فالهدف واحد، وهو دعم الشعب الفلسطيني من طرف كل مكونات الشعب، والجميع يسعى إلى وحدة العمل في مرحلة دقيقة ينزلق فيها المغرب الرسمي في التطبيع”.

ويحمان: منع تخليد اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني غير مسبوق
من جانبه، اعتبر أحمد ويحمان، الناشط المعروف بمناهضة التطبيع، أن الطريقة، التي تم بها تفريق الأشكال التضامنية مع الشعب الفلسطيني، أمس، خصوصا في العاصمة الرباط، هي طريقة “غير مسبوقة”.
وقال ويحمان في هذا السياق، خلال أشغال الندوة ذاتها، إنه “لم يسبق أن تم منع وقفات التضامن في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني”، مضيفا أنه “لأول مرة يتم نزع الكوفيات من رقبة المتظاهرين، ولأول مرة يتم منع مشاركين في البرلمان من حمل الكوفية الفلسطينية، ولأول مرة يتم التجرؤ على العلم الفلسطيني لنزعه”.
وتجاوز ويحمان قراءة المنع، الذي تعرضت له وقفات التضامن مع الشعب الفلسطيني، أمس، لاعتباره “تضييق على الحضور الفلسطيني في الفضاء العام”.
السفياني: من لم يعد مع القضية الفلسطينية يجب أن يحاكم
وخلال أشغال الندوة ذاتها، علق خالد السفياني، القيادي في مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، على الرسالة، التي وجهها الملك محمد السادس، اليوم، إلى شينخ نيانغ، رئيس اللجنة الأممية المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، والتي أكد فيها الملك أن موقف المغرب “ثابت من عدالة القضية الفلسطينية، التي تبقى جوهر الصراع في الشرق الأوسط”، وأنه “موقف راسخ ليس ظرفيا أو مناسباتيا، ولا يندرج في إطار سجالات، أو مزايدات سياسية عقيمة”.
واعتبر السفياني أن النتيجة الطبيعية لرسالة الملك أن يحاكم كل من لم يعد مع القضية الفلسطينية، موجها انتقادات شديدة اللهجة إلى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي، والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، الذي يصفه بأنه “ضد الإرادة الملكية والإرادة الشعبية” في تحركاته الدبلوماسية المرتبطة بهذا الملف.
دحمان: محاولات الاختراق في مجال التعليم سيتم التصدي لها
الحديث عن التبيع في عدد من القطاعات خيم على نخليد مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين لليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني هذه السنة، ومنه ما تحدث عنه عبد الإله دحمان، الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم التابعة للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب خلال ندوة الرباط اليوم.
وفي دات السياق، قال دحمان إن عددا من الدول، منها المغرب، والبحرين، والإمارات، ومصر، ولبنان “تجاوزت مفهوم التطبيع إلى مقاربة التطابق والتماهي مع الأطروحة الصهيونية لإدماجها في المناهج التعليمية”.
وحذر دحمان مما وصفه بالخطر الحقيقي، الذي يهدد حضور القضية الفلسطينية، متحدثا، في الوقت نفسه عن “يقظة ورصد” في تتبع كل حالات التطبيع، المرتبطة بقطاع التعليم، وقال إن “التعليم المدرسي لم يصل الأمر فيه إلى مستوى اختراق المناهج، إلا أن هناك محاولة للاختراق، عبر تضمين نصوص لمناهج مثل مادة الاجتماعيات، تحت يافطة التنوع الثقافي والعرقي”، مشددا على أن كل محاولات “التطبيع التعليمي” سيتم التصدي لها في الميدان.
وعلى الرغم من ذلك، تحدث دحمان عن وجوجد “محاولات اختراق” في مستوى التعليم العالي، برصد “دينامية تطبيعية”، وقال إن محاولات للتطبيع مع الجامعات تحت لافتة “المختبرات العلمية”، مراهنا على ما وصفه بـ”الوعي الجمعي للمغاربة لإسقاط التطبيع”.