فيما كان يتجه للتعافي من التداعيات المدمرة لوباء كوفيد-19، تعرض الاقتصاد العالمي لضربة جديدة بسبب المتحورة أوميكرون، التي أدت إلى إعادة فرض قيود على السفر.
وانتشرت المتحورة الجديدة، التي أبلغت منظمة الصحة العالمية باكتشافها في جنوب إفريقيا، قبل أقل من أسبوع في قارات العالم ما دفع عشرات الدول إلى فرض قيود على السفر.
وستعتمد شدة الأثر الاقتصادي على مدى خطورتها، ومدى فعالية اللقاحات المتوفرة لمواجهتها.
لكن، حتى مع أخذ السيناريوهات الأكثر تفاؤلا في الاعتبار، يراجع خبراء الاقتصاد توقعاتهم للعام 2022 باتجاه خفضها.
ويصر صندوق النقد الدولي، الذي يتوقع نموا بنسبة 4,9 في المائة للعام المقبل، منذ أشهر على أن فيروس كورونا، ومتحوراته لا يزالان مصدر التهديد الرئيسي.
وقال غريغوري داكو، كبير خبراء الاقتصاد في شركة “أكسفورد إيكونوميكس”، المتخصصة إن الأثر الاقتصادي قد يكون “متواضعا”، في حدود 0,25 نقطة مائوية على النمو العالمي عام 2022، إذا كانت “أعراض أوميكرون خفيفة نسبيا”، وكانت اللقاحات “فعالة”.
وفي أسوأ السيناريوهات، حيث تكون أوميركون خطيرة جدا، وتسبب في إعادة إغلاق جزء كبير من اقتصادات العالم، قد ينخفض النمو في العام 2022 إلى حوالى 2,3 في المائة، مقارنة ب4,5 في المائة وفق توقعات “أكسفورد إيكونوميكس”، قبل ظهور المتحورة.
وفي سيناريو مماثل، ليس من المؤكد أن الحكومات، التي جمعت تريليونات الدولارات من المساعدات منذ بداية الوباء، ستكون على استعداد لإطلاق حزم جديدة للانتعاش الاقتصادي، خصوصا إذا كانت اللقاحات متاحة، وفق داكو.
ومن جانبه، قال إريك لوند، خبير الاقتصاد في منظمة “ذي كونفرنس بورد” غير الحكومية إن تلك المعطيات “ستكون أساسية لطريقة تأثيرها (أوميكرون) على الاقتصاد العالمي، وسلوكيات الناس”.
وبالإضافة إلى الإجراءات الحكومية لاحتواء المتحورة الجديدة، فإن الخوف من العدوى قد يدفع الناس إلى الحد من سفراتهم، ونشاطاتهم الاقتصادية، مثل الذهاب إلى المطاعم، وتقليل الاستهلاك، ما سيؤثر بدوره على النمو، بحسب لوند.
وهناك خطر آخر يتمثل في تفاقم أزمة سلاسل الإمدادات العالمية. وأوضح لوند أن “عددا كبيرا من الشحنات الجوية تخزن بشكل أساسي في طائرات الركاب”، مضيفا: “لذلك، إذا كان هناك إلغاء رحلات، وانخفاض في الطلب على الرحلات الجوية التجارية، سيظهر خطر تقييد المسار التجاري”، الذي قد يؤدي بدوره إلى تفاقم ضغوط التضخم فيما تصبح السلع أكثر ندرة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن موجة من المتحورة أوميكرون “قد تتسبب في تسريح بعض العمال موقتا، وثني آخرين عن العودة، ما يفاقم أزمة نقص اليد العاملة الحالية”، وفق نيل شيرينغ خبير الاقتصاد من “كابيتال إيكونومكس”.
وأثارت أوميكرون قلقا أكثر من أي متحورة أخرى، منذ ظهور دلتا، التي تبين أنها أشد عدوى من متحورات كوفيد-19 السابقة.
ورغم ذلك، قال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الاثنين، إنه “لا داعي للهلع” حتى لو أغلقت الولايات المتحدة حدودها أمام المسافرين من منطقة جنوب إفريقيا، حيث اكتشفت المتحورة.
أما بالنسبة إلى مصنعي اللقاحات، فأعربت أسترازينيكا، وفايزر/يايونتيك، وموديرنا، ونوفافاكس عن ثقتها في قدرتها على مكافحة المتحورة أوميكرون.
من ناحية أخرى، فإن التهديد، الذي تمثله متحورة أكثر خطورة، سيعقد مهمة المصارف المركزية، التي قد “تؤجل خططها لرفع أسعار الفائدة حتى تصبح الصورة أكثر وضوحا”، بحسب شيرينغ.
ومن المقرر أن يجتمع مجلس الاحتياطي الفدرالي، في 15 دجنبر، بالإضافة إلى اجتماعات أخرى، بما فيها للبنك المركزي الأوروبي، ومصرف إنجلترا في اليوم التالي.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة فايزر، ألبرت بورلا، إن الأمر سيستغرق أسابيع قليلة قبل أن يعرف مصنعو الأدوية معظم ما يحتاجون إلى معرفته حول المتحورة الجديدة.
وفي غضون ذلك “عدم اليقين مدمر” وفق داكو، الذي أضاف: “في كل مرة نعود فيها إلى جو من عدم اليقين، والخوف، يتباطأ تعافي الاقتصاد العالمي”.
والاثنين، حذر رئيس مجلس الاحتياط الفدرالي، جيروم باول من أن أوميكرون تمثل خطرا على الاقتصاد الأمريكي، الذي يعتبر مع اقتصادي الصين، والاتحاد الأوروبي، أحد المحركات، التي تقود الاقتصاد العالمي.