من المقرر أن تضع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان و”ترانسبرانسي” المغرب شكاية ضد وزارة الصحة بخصوص الصفقات التفاوضية، التي أبرمتها الوزارة خلال فترة الأزمة الصحية الخاصة بـ”كوفيد”.
تنضاف هذه الشكاية إلى واحدة أولى، وضعتها “المنظمة المغربية لحماية المال العام” الأسبوع الفائت، لدى النيابة العامة في الرباط، تتهم فيها وزارة الصحة، بـ”الفساد المالي وتبديد المال العام والرشوة”. ورفضت الوزارة هذه الاتهامات في بيان أصدرته لاحقا، ولوحت بملاحقة مقدمي الشكاية.
وكشفت نسخة من الشكاية الجديدة أن الهيئتين، سيتقدمان بناء على تقرير اللجنة الاستطلاعية البرلمانية، بشكاية لدى رئاسة النيابة العامة بالرباط يوم 9 دجنبر الجاري، من أجل التحقيق في الصفقات التفاوضية، التي أبرمتها وزارة الصحة.
ومما جاء في الشكاية أنه بناء على الإمكانية المطلقة لوزارة الصحة، التي خولت لها بمقتضی مرسوم المرسوم الاستثنائي رقم 270.20.2 بتاريخ 16مارس 2020 المتعلق بمساطر تنفيذ الصفقات المنجزة من لدن وزارة الصحة (ج ر عدد 6865 مكرر بتاریخ 17 مارس 2020)، الذي استمر العمل به إلى أن تم توقيفه ونسخه في غشت 2020 مقتضى المرسوم رقم 2.20.145، أبرمت الوزارة المعنية بناء على تقرير المهمة الاستطلاعية 333 صفقة خصص تمويلها من الحساب الخصوصي لمواجهة جائحة “كوفيد 19″، باعتمادات مالية إجمالية ملتزم بها تتجاوز المليار درهم، إضافة إلى التحويلات المالية بما يقارب 900 مليون درهم للوكالة المغربية للتعاون الدولي، أي بما مجموعه 425.457.1.886 درهم، كاعتمادات مالية ملتزم بها ضمن الحساب الخصوصي المتعلق بمواجهة “كوفيد 19”.
وأكدت الشكاية التي اطلع عليها “اليوم 24″، أن بعض هاته الصفقات على وجه الخصوص تمت خارج نطاق القانون ودونما احترام للقواعد المنظمة بموجب مرسوم الصفقات العمومية، وللمنظومة القانونية، التي تحدد شروط تصنيع واستيراد أو تسويق المنتجات الطبية، سواء للعموم أو لوزارة الصحة، التي من المفروض أنها ملزمة بمراقبة مدى احترام القانون عند إبرام هاته الصفقات، وكذلك صحة وسلامة المنتجات الطبية التي تشتريها.
وأشارت المنظمتان الحقوقيتان إلى الصفقات “المشوبة بخرق القانون والقواعد المنظمة لإبرام الصفقات، والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال التذرع بالإكراهات والظرفية، التي فرضتها الجائحة، لأن هناك أسس قانونية وقواعد لا يمكن عدم الالتزام بها أو مخالفتها تحت أي ظرف كان”:
وفي هذا الصدد كشفت الوثيقة صفقات لاتتوفر الشركات المنجزة لها على الأهلية القانونية، كشركة حاصلة على كل من الصفقة رقم 43 بمبلغ 9.696.000,00 درهم، والصفقة رقم 55 بمبلغ 94.536.000,00 درهم، وشركة حاصلة على الصفقة رقم 33 بمبلغ 66.660.000,00 درهم. وشركة حاصلة على الصفقة رقم 14 بمبلغ 29.492.686,80 درهم وأخرى حاصلة على الصفقة 9 بمبلغ 3.011.435,19 درهم وشركة حاصلة على الصفقة رقم 36 بمبلغ 1.575.600,00 درهم.
ووقفت الشكاية عند الشركة الحاصلة على كل من الصفقة رقم 41 بمبلغ 1.787.547,60 درهم، والصفقة رقم 47 بمبلغ 4.848.000,00 درهم، والشركة الحاصلة على كل من رقم 21 بمبلغ 8.325.834,00 درهم، والصفقة رقم 26 بمبلغ 5.575.200,00 درهم، والشركة الحاصلة على الصفقة التفاوضية رقم 61 بمبلغ 1.308.960,00 درهم، والشركة الحاصلة على كل من الصفقة رقم 44 بمبلغ 5.514.600,00 درهم، والصفقة رقم 62 بمبلغ 576.912,0 درهم، مطالبة بالتحقيق في هذا الملف.
واعتبرت الهيئتان أن تدبير هذه الصفقات أثار نقاشا عموميا كبيرا، خصوصا فيما تعلق بمدى احترام الصفقات العمومية، التي أبرمتها وزارة الصحة للقوانين والقواعد الشفافية وتكافؤ الفرص وشروط السلامة الصحية المعتمدة، وهو النقاش نفسه الذي أثير حول موضوع التحليلات الطبية للكشف عن الفيروس (PCR)، ومدى ملاءمة تكلفتها عند الاستيراد، بالإضافة إلى الإشكالات المرتبطة بمدة صلاحيتها، لا سيما وأن صفقة هاته التحاليل كانت من أولى الصفقات المستعجلة، التي تم صرف اعتماداتها المالية من الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا”.
وأشار المصدر ذاته إلى تكليف مجلس النواب لنائبات ونواب للقيام بمهمة استطلاعية مؤقتة بخصوص الصفقات المنجزة من لدن وزارة الصحة خلال فترة جائحة “كوفيد 19″، طبقا لأحكام الفرع الرابع من الباب الثاني للنظام الداخلي لمجلس النواب (المواد 109 108 107)، خلال الولاية التشريعية العاشرة (2021-2016) دورة أبريل 2021، والتي كان رشيد العبدي رئيسا لها، وعبد اللطيف بروحو مقررا، حيث قامت بالمتعین وأنجزت تقريرا بمهمتها تحت عنوان “تقرير المهمة الاستطلاعية، الصفقات التي أبرمتها وزارة الصحة في ظل جائحة كوفيد 19”.
وخلص تقرير المهمة الاستطلاعية بعد البحث والتدقيق والتقصي في مجموعة من النقط الأساسية، منها الأساس القانوني للصفقات المنجزة خلال الجائحة، الحصيلة المالية لها، خصوصية إجراءات الصفقات الخاصة بها، إجراءات تسجيل المستلزمات الطبية والمقاولات خلال فترة الجائحة، الملاحظات حول مساطر الترخيص والتسجيل ومنها مدى احترام قواعد المساواة وتكافؤ الفرص بين الشركات، إبرام صفقات مع شركات غير مسجلة وغير مرخص لها قانونا، وكذا مدى احترام مبدأ المنافسة ومسطرة إبرام الصفقات وللمواصفات التقنية المتطلبة، إضافة إلى تطرق التقرير لمدى سلامة طرق تدبير الاعتمادات المالية والترخيص الاستعجالي، والحاجيات الفعلية للمؤسسات الصحية.
من جهة أخرى، أكد عمر أربيب أن الوضع الصحي في المغرب مأزوم، ولم يتم تأهيله، معتبرا أن الميزانية المرصودة للقطاع لم ترق إلى مستوى تطلعات المواطنين وحساسية القطاع، ومصيره في التنمية والرعاية الاجتماعيتين. وأشار المصدر ذاته إلى أنه لا زالت الأعطاب المرتبطة بالبنيات التحتية الممثلة في بناء مزيد من المستشفيات والنقص الحاد في الموارد البشرية… الطابع الذي توهم به السياسة الصحية في المغرب.
إلى ذلك، اعتبر عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن تحقيق الحماية الاجتماعية في المغرب يبقى أمرا في غاية الصعوبة في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية، مشيرا خلال ندوة نظمت بمقر فرع المنارة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان حول موضوع استراتيجية ضمان الحق في الصحة والحماية الاجتماعية، إلى أن القطاع يعرف خصاصا كبيرا يصل إلى الحاجة لـ 93 ألف إطار، إضافة إلى الخصاص الكبير الموجود في مجال التجهيزات الطبية وشبه الطبية، والظروف الصعبة التي تعمل فيها الأطر الصحية.