حذر المفكر والمؤرخ، حسن أوريد، من مغبة إضاعة فرصة إصلاح قطاع التعليم في “الفرصة الأخيرة”، داعيا إلى ضرورة التفكير بموضوعية في قضية الهندسة اللغوية بالمغرب، والتعاطي مع اللغات الأجنبية ببمراغماتية، ونفعية.
وقال أوريد، في محاضرة ألقاها الخميس، بكلية الحقوق في الرباط، حول موضوع “رهانات الدولة الاجتماعية في المغرب الراهن”، إن طريقة التدريس الحالية، أصبحت متجاوزة، ويجب التفكير في سبل لتحسينها، وتطوير التعليم، لأنه بوابة للتفكير في الدولة الاجتماعية.
واعتبر أوريد أن قضية التعليم ليست قضية قطاع حكومي، أو اتجاه سياسي معين، ولكنها قضية مجتمعية ينبغي أن ينصرف الجهد كله نحوها، ومن الأمور الأساسية، التي يجب التفكير فيها في هذا الصدد، قضية التقييم، “التي تسمى الاختبار، ويجب تجاوز هذه المصطلحات”.
وتطرق أوريد بإسهاب إلى المسألة اللغوية بالمغرب، وقال إن “قضية اللغة إشكال شائك ومعقد في المغرب، وينبغي معالجتها بموضوعية دون مرجعية إيديولوجية بقراءة الواقع، والتاريخ وبأن يظل النظر منصبا نحو المستقبل”.
واللغة العربية، حسب أوريد، جزء من النسيج الثقافي، لكنه يستبعد إمكانية تنزيل تجارب أوروبية سابقة، تسمح بتعميم اللغة العربية على كل مناحي الحياة. وقال أوريد، في الصدد ذاته، أنه “من العسير إجراء مطابقة مع ما عرفته أوروبا، حيث قامت الدولة القومية في تطابق بين دولة وأمة ولغة، مثل ما قامت به إيطاليا، وبولونيا، والبرتغال، وهذا صعب بالنسبة للمغرب لأن السياق مختلف”.
وبالنسبة إلى المغرب، حسب المؤرخ، فإن العربية ليست لغة وطنية، ولكنها كانت لغة حضارية لاعتبارات متعددة، على رأسها الحمولة الدينية، كما أن الإنجليزية، كذلك أصبحت اليوم لغة حضارة، وبالتالي، فإنه “ينبغي التفكير خارج القوالب، والنظر لواقع الحال بالنسبة إلى هذه اللغة، والعلوم، ولا يمكن التضحية بالعربية، ولكن ينبغي قراءة الواقع اللساني قراءة موضوعية”.
ودعا أوريد إلى ضرورة التعامل مع اللغات الأجنبية بطريقة نفعية براغماتية بعيدة عن الخطاب الإيديولوجي، مشيرا إلى أن “الفرنسية، كذلك، جزء من النسيج الثقافي، وبنية الدولية، وينبغي الانطلاق من واقع الحال العالمي، حيث لغات أخرى”.
وعبر أوريد عن ارتياحه لما يعتزم قطاع التربية الوطنية القيام به، مشيرا إلى أن “أطر الوزارة على علم بما يواجهه القطاع من مشاكل”، غير أنه حذر من مغبة إخلاف موعد إصلاح القطاع هذه المرة، وإنقاذه مما يعيشه من تخبطات على مدى سنوات، وقال في الصدد ذاته إن “هذه فرصتنا الأخيرة للارتقاء بالمنظومة التربوية، ومع ما تواتر من مشاريع إصلاح لا أعتقد أن هناك فرصة أخرى، وإلا فستزداد الأمور تعقيدا”.