قال أحمد رضا الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إن انتظارات مختلف الفاعلين من مشروع النموذج التنموي تكمن في ثلاثة تطلعات رئيسية، أولها خدمات عمومية ناجعة من شأنها ضمان تكافؤ الفرص وتقوية القدرات الفردية، ثم اقتصاد أكثر إدماجا وخلقا للفرص الاقتصادية ولمناصب الشغل ذات جودة، وأخيرا تعزيز دولة الحق والقانون، ونجاعة الفعل العمومي وتخليق الحياة العامة.
وأشار الشامي خلال ندوة نظمتها جامعة القاضي عياض بمراكش، الثلاثاء، حول النموذج التنموي الجديد، إلى المعيقات، التي تتسبب في تراخي وتيرة التنمية، والمتمثلة في غياب الانسجام والالتقائية بين الاستراتيجيات والبرامج، وكذا القدرات المحدودة للقطاع العام، وبطء في التحول الهيكلي للاقتصاد، ثم الشعور بضعف القدرة على التوقع، مما يحد من المبادرات.
وأكد الشامي أن المغرب يطمح من خلال النموذج التنموي الجديد إلى خلق مزيد من الثروات وتوفير الفرص للجميع، ومغرب الكفاءات يروم تطوير قدرات المواطنين وتنمية كفاءاتهم، ومغرب الإدماج الذي يستهدف تقوية سبل الإدماج وتكريس العدالة الاجتماعية والإنصاف، بالإضافة إلى مغرب الاستدامة من خلال الحفاظ على الموارد الطبيعية على صعيد كافة المجالات الترابية، ثم أخيرا مغرب الجرأة من خلال الاعتماد على خمسة رهانات للمستقبل في مجالات استراتيجية (البحث والابتكار، الرقميات، الطاقة، التمويل، علامة « صنع في المغرب »).
كما سلط الضوء على المرجعية الجديدة للتنمية، التي تستمد جذورها من التاريخ العريق للمملكة والهوية الوطنية الغنية بتعدد روافدها الهادفة إلى تحقيق توازن بين دولة قوية ومجتمع قوي، حيث تم تحديد أدوار كل منهما بدقة، كما تم التنصيص على العديد من المبادئ العملية المشتركة، ووضع إطار لترسيخ الثقة والمسؤولية أساسه عدالة حامية للحريات ومصدر أمان، حياة عامة تتميز بالنزاهة والقدوة في السلوك والأخلاقيات، ومؤسسات حكامة اقتصادية مستقلة وفعالة، والمحاسبة والتقييم المنتظم، والولوج إلى المعلومات، وأخيرا تعزيز مشاركة المواطنين.
كما أن المحاور الاستراتيجية للتحول تشير إلى ضرورة خلق اقتصاد منتج ومتنوع قادر على خلق مزيد من الثروة ومناصب شغل ذات جودة، وأيضا ضرورة خلق فرص لإدماج الجميع وتقوية الرابط الاجتماعي، ثم توفير رأسمال بشري مدعم بشكل أفضل للمستقبل، وأخيرا توفير مجالات ترابية مستدامة كفضاء لترسيخ أسس التنمية.
ويراهن النموذج التنموي الجديد على التعليم العالي والبحث العلمي وأيضا الرقمنة والطاقة التنافسية والخضراء، وتحويل المملكة إلى قطب مالي إقليمي، ثم الرهان على علامة صنع في المغرب، ومن شأن هذه الرهانات تعزيز قوة المملكة الناعمة على المستويين الإقليمي والدولي.
وأشار المسؤول إلى رهان المعرفة، الذي جاء بفكرة تصميم وتنزيل نموذج جديد لمؤسسات التعليم العالي يمزج بين التكوين النظري والعلمي، واعتماد هندسة بيداغوجية جديدة تولي أهمية كبيرة للغات والرقميات، وخلق أقطاب للتميز تندرج ضمن ثلاث منصات مندمجة (اقتصاد-تدبير، العلوم والتقنيات، العلوم الإنسانية والاجتماعية) على مستوى الجهات 12 للمملكة، وأيضا وضع نموذج اقتصادي يرتكز على شراكات بين القطاع الخاص والعام، إلى جانب استراتيجية طموحة للتموقع على المستوى الدولي. وجاء المشروع بفكرة وضع نموذج جديد لتقييم وتمويل البحث العلمي، يرتكز على خلق منصة لتمويل البحث العلمي والابتكار، وإعادة بناء منظومة تكوين المكونين من خلال وضع مخطط استراتيجي لتكوين الدكاترة وفق المعايير الدولية.
وأكد على أن قيادة التغيير تقتضي خلق رافعات للتحول، ثم تفعيل النموذج التنموي الجديد وأخيرا خلق آليات للتتبع والتحفيز. وأشار الوزير السابق إلى أن تصورات المواطنين والأحزاب السياسية والمنظمات المهنية والشركاء الاجتماعيين والفاعلين المؤسساتيين خلصت إلى الإقرار بالمكتسبات والإمكانات المتعددة للبلاد مع تعثر سبل الارتقاء الاجتماعي وتقاطبية المجتمع، وأجمعوا على أن هناك أزمة ثقة بين مختلف الفاعلين تعرقل تلك الرغبة الكبيرة في التغيير.
واعتبر الشامي أن اللجنة المكلفة بإعداد النموذج التنموي الجديد اعتمت مقاربة غير مسبوقة في المشاورة والبناء المشترك، حيث تجاوزت 1000 ساعة عمل من التفاعل المباشر مع مختلف الفاعلين وقرابة 500 ساعة عمل داخل اللجنة وبمشاركة أكثر من 350 خبير وطني وأكثر من 70 خبير دولي من خلال العديد من ورشات العمل، وأيضا التفاعل المباشر لأكثر من 9700 شخص مع هذه اللجنة عبر آليات التشاور.