أقر حزب الاتحاد الاشتراكي في ورقته السياسية، الموجهة إلى مؤتمره المقرر هذا الشهر، بأنه يعيش نوعا من التمزق الداخلي، الذي أرجعته الوثيقة إلى مخلفات مرحلة التناوب، التي أفضت إلى « سيادة منطق التوافق » بحسب الوثيقة، إذ اعتبرت هذه الأخيرة أن الحزب مدعو في هذه المرحلة، التي أعقبت الاستحقاقات الانتخابية إلى العمل على « التجديد والابتكار » والتميز في مطالبه ومواقفه، والتفكير في رصيده السياسي،
وسجلت الوثيقة أن مسار الاتحاد، خلال المراحل السابقة، أدى إلى تآكل داخلي دون الوصول إلى انكساره، كما أشارت إلى تخلي الطبقة الوسطى بما لها من تأثير سياسي، وثقافي داخل المجتمع عن المشروع الاتحادي، بعدما كانت حاملة لمشروع التغيير، ومدافعة عن قيم الحداثة، رغم أن الوثيقة ذاتها سجلت أن الحزب تمكن خلال العشر سنوات الأخيرة، من خلال وجوده في المعارضة، أو الحكومة من « الشروع في استعادة مكانته »، وتحوله نحو المعارضة المجتمعية.
وأشارت الورقة إلى أن مرحلة ما بعد استحقاقات 2021 تشكل مرحلة سياسية جديدة، أصبح لازما على الحزب فيها أن يعمل على التجديد والابتكار، والتميز في مطالبه، ومواقفه بين ما هو بنيوي وما هو وظبفي، والتفكير في رصيده السياسي، كما رأت أن المطلوب الآن الخروج من هذه المرحلة، والدخول لمرحلة جديدة، معتبرة أن الحزب صار في وضع جديد ليس لكونه في المعارضة، ولكن لحاجته إلى « مقاربة نقدية جدلية ».
من جهة أخرى، سجلت أن الحزب « الذي يحمل صفة الاشتراكي لازال عرضة لحملات مستمرة من عدد من المصادر حددتها في « القوى المحافظة الرجعية، وبعض اللوبيات النفعية في البلاد ». وأشارت إلى أن مختلف الهجمات، التي وجهت نحو الحزب لم تمكن من وصفتهم بـ « الحالمين » بالحلول محله بإمكانيتاتهم المادية، أو « المحافظين باستغلالهم البشع لفكر لاديني من أن ينالو مكانته »، وذلك في إشارة إلى حزب العدالة والتنمية، معتبرة أن استحقاقات 2021، وإن كانت قلصت من تأثير الدين في العمليات الانتخابية، فإن استعمال المال لايزال في حاجة إلى سياسة صارمة تقضي عليه بصفة نهائية.
كما اعتبرت أن نضالات الحركة الديمقراطية، والنقابة، ومنظمات المجتمع المدني « معرضة اليوم للسطو السياسي من خلال إعادة إنتاج أنماط تقليدية، وتجديدها، وتغليفها بمظاهر الحداثة »، مضيفة أن تقليص المشاركة السياسية المبنية على القناعات، والاختيار الحر يدفع إلى استعادة نظام الولاءات التقليدي لقوته.
وتتابع الوثيقة بالقول، إن اعتماد الحزب شعار المغرب أولا في الانتخابات الأخيرة، لا يجب أن يكون توقيعا لشيك على بياض، بل ينبغي للاتحاد ربط هذه الأولوية للوطن بسياسات عمومية ناجعة في الصحة، والتعليم والتربية، والثقافة، والبيئة، وغيرها من مقومات المواطنة.