دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء الأوروبيين إلى التحلي بـ”الجرأة” لكي يفرض الاتحاد الأوروبي نفسه “قوة مستقبلية”، “تتمتع بالسيادة” من أجل عدم الاعتماد على قوى أخرى عالمية.
واعتبر ماكرون أن اوروبا بحاجة إلى تأسيس “نظام جديد للأمن والاستقرار” يستدعي عملية “إعادة تسلح استراتيجية” و”محادثات صريحة” مع روسيا.
وقال أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ “الأسابيع المقبلة يجب أن تقودنا الى وضع اقتراح أوروبي لبناء نظام جديد للامن والاستقرار. يجب أن نبنيه بين الأوروبيين ثم أن نشاركه مع حلفائنا في حلف شمال الأطلسي واقتراحه للتفاوض عليه مع روسيا”.
وخلص ماكرون الى القول إنه في مواجهة “الانقسامات بين الأوروبيين، علينا استعادة وحدة الصف ووضرورة التحلي بالجرأة (…) لدينا القوة للقيام بذلك ولدينا الإمكانات”.
وأضاف أن هذه التطلعات سيتم تأكيدها طوال فترة الرئاسة الدورية الفرنسية للاتحاد الاوروبي التي بدأت في الأول من كانون الثاني/يناير رغم انه لم يشر إلى الاثر الذي قد تتركه عليها الانتخابات الرئاسية المرتقبة في فرنسا في 10 و24 نيسان/ابريل.
لم يعلن ماكرون ترشحه رسميا بعد لولاية ثانية فيما يتهمه معارضوه باستخدام الرئاسة الفرنسية لمجلس الاتحاد الاوروبي للقيام بحملته بدون قول ذلك مباشرة.
منذ انتخابه العام 2017 والذي احتفل به على وقع نشيد الاتحاد الاوروبي، يقدم ماكرون نفسه قائدا للموالين لأوروبا في مواجهة “القوميين” و”الشعبويين”.
في خطابه أكد أنه “لا العودة إلى القومية ولا تفكك هوياتنا سيوفران أجوبة على هذا العالم القادم” الذي يتميز “بعودة مآسي التاريخ”.
وأكد أن الأولوية هي الدفاع عن سيادة القانون التي هي “كنزنا” و “إعادة اقناع الشعوب التي ابتعدت عنها” في كل مكان.
لتعزيز دولة القانون، عبر ماكرون عن رغبته في إدراج الحق في الإجهاض وحماية البيئة في ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي.
وأضاف “يجب تحديث هذا الميثاق ليكون أكثر وضوحا” بشأن هاتين الأولويتين فيما انتخب النواب الأوروبيون الثلاثاء المحافظة المالطية روبرتا ميتسولا المعارضة للاجهاض، رئيسة للبرلمان الأوروبي.
يقع الإجهاض تحت سلطة كل دولة، ومالطا هي الدولة الوحيدة بين الدول الاعضاء ال27 التي تحظره بالكامل.
لكن ميتسولا تعهدت الدفاع عن المواقف الرسمية للبرلمان بما في ذلك الحق في الإجهاض. تحدثت بالفرنسية قائلة لماكرون إنه بامكانه ان “يعتمد” على النواب الأوروبيين “لتقديم ردود” على اقتراحات الرئاسة الفرنسية لمجلس الاتحاد الأوروبي.
لكن رئيسة كتلة الاشتراكيين في البرلمان ايراتشي غارسيا بيريز توجهت الى ماكرون بالقول إن هذه الرئاسة “لن تدخل التاريخ بفضل مواهبك الخطابية، لكن بفضل ما سنكون جميعا قادرين على تحقيقه”.
من جهته قال مانفريد ويبر زعيم مجموعة حزب الشعب الأوروبي المحافظة “أوروبا في أيد أمينة للأشهر الستة المقبلة (…) لكننا بحاجة إلى أعمال ملموسة”.
كانت الاجواء هادئة عموما الى حين تحدث يانيك جادو، الداعم للبيئة والمرشح الوحيد للرئاسة الفرنسية المنتخب نائبا في البرلمان الاوروبي، لينتقد بشدة أداء ماكرون.
وقال “أوروبا الخاصة بك لن تكون أبدا لنا (…) ستدخل التاريخ على أنك الرئيس الذي لم يتحرك بشأن المناخ، تفضل المماطلة بدلا من إطلاق تعبئة عامة”.
ورد زعيم كتلة “تجدد أوروبا” في البرلمان الاوروبي الفرنسي ستيفان سيجورنيه بعنف قائلا “يا له من عار أن يتم تحويل هذا البرلمان الى جمعية وطنية فرنسية”. ثم ذكرت رئيسة البرلمان ميتسولا بان النقاش “ليس نقاشا وطنيا”.
ركز نائب أوروبي فرنسي آخر هو جوردان بارديلا من “التجمع الوطني” (يمين متطرف) انتقاداته على ملف الهجرة الذي أصبح موضوعا رئيسيا في حملة الانتخابات الفرنسية مؤكدا أن الدول الأوروبية “يجب ألا تختفي وألا تستبدل وألا تغرق”.
تلته فرنسية أخرى هي مانون أوبري (يسار متشدد) سخرت من الرئيس الفرنسي واصفة اياه “بالدكتور ايمانويل الذي قطع الكثير من الوعود والسيد ماكرون الذي لا يبالي بشأن حالة الطوارئ المناخية”.
في ختام هذا النقاش، يجتمع ماكرون مع ميتسولا قبل عقد مؤتمر صحافي مشترك.