أطلق المتمردون اليمنيون الإثنين، صواريخ بالستية في اتجاه أبوظبي ومناطق سعودية تم اعتراضها بجهود مشتركة إماراتية-أمريكية، في مطلع أسبوع ثان من التصعيد، وهددوا بتوسيع عملياتهم في الإمارات، الدولة الثرية التي ينظر إليها على أنها واحة من الهدوء في منطقة مضطربة.
وتشارك الإمارات في تحالف عسكري بقيادة السعودية يدعم القوات الحكومية في اليمن بمواجهة المتمردين الحوثيين. وتعرضت لأول اعتداء مؤكد من الحوثيين على أراضيها الاثنين الماضي عندما استهدفت طائرات مسيرة وصواريخ، أبوظبي، موقعة ثلاثة قتلى. وغالبا ما يستهدف الحوثيون الأراضي السعودية بهجمات صاروخية.
وكثف التحالف بعد استهداف الإمارات، غاراته الجوية على المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين في اليمن، ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا، وأوقع دمارا، وتسبب بانقطاع في الإنترنت. وأوقعت غارة على سجن في صعدة، معقل الحوثيين، في شمال البلاد، سبعين قتيلا على الأقل وأكثر من مائة جريح. لكن التحالف نفى أن يكون نفذها.
وأعلنت الإمارات الاثنين اعتراض صاروخين بالستيين في أجوائها قالت إن المتمردين الحوثيين أطلقوهما باتجاه أراضيها، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الحكومية عن وزارة الدفاع.
وأشارت الوزارة إلى أن تدمير الصاروخين لم تنجم عنه “خسائر بشرية”، وأن “بقايا الصواريخ البالستية التي تم اعتراضها وتدميرها سقطت في مناطق متفرقة حول إمارة أبوظبي”.
وكانت المملكة العربية السعودية أعلنت مساء الأحد إصابة شخصين إثر سقوط صاروخ بالستي أطلقه المتمردون على جازان في جنوب المملكة. وفي وقت لاحق، قال التحالف إن الدفاعات السعودية دمرت “صاروخا بالستيا أطلق باتجاه ظهران” في جنوب المملكة.
من جهته، قال المتحدث العسكري باسم حركة “أنصار الله” (المتمردون) المدعومة من إيران يحيى سريع، إن الحركة نفذت “عملية عسكرية واسعة” استهدفت “العمقين السعودي والإماراتي”، وذلك “ردا على تصعيد العدوان” على اليمن.
وقال المتحدث باسم المتمردين محمد عبد السلام في مقابلات تلفزيونية، “يجب أن تتوقف الإمارات عن التدخل السافر في الشأن اليمني وإلا سيستمر رد نا”، محذرا من أن “الإمارات ستستهدف بكل مؤسساتها ذات الطابع العسكري والاقتصادي وخاصة نقاط ضعفها”.
كما اعتبر أن تصنيف “أنصارالله منظمة إرهابية لا قيمة له ولن يؤثر على مجريات المعركة أبدا “، وذلك بعد أن طالبت الإمارات واشنطن بإعادة الحوثيين إلى لائحة المنظمات الإرهابية.
وكان سريع شدد بدوره على “جهوزية” المتمردين “لتوسيع عملياتهم خلال المرحلة القادمة ومواجهة التصعيد بالتصعيد”، مجدد ا دعوته “للشركات الأجنبية والمستثمرين في دولة الإمارات بمغادرتها كونها أصبحت دولة غير آمنة ومعرضة للاستهداف بشكل مستمر طالما استمرت في عدوانها وحصارها للشعب اليمني”.
ومساء الاثنين، أعلنت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان على موقعها الإلكتروني أن “الإمارات تحتفظ بحقها في الرد على تلك الهجمات الإرهابية وهذا التصعيد الإجرامي الآثم”، واصفة تلك الهجمات بأنها “جريمة نكراء أقدمت عليها ميليشيات الحوثي الإرهابية خارج القوانين الدولية والإنسانية”.
ودعت الوزارة “المجتمع الدولي إلى إدانة هذه الأعمال الإرهابية التي تستهدف المدنيين والمنشآت المدنية ورفضها رفضا تاما”.
من جانبها، نددت الولايات المتحدة على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها، بالهجمات الصاروخية على السعودية والإمارات معتبرة أنها تشكل “تصعيدا مقلقا”. وطالبت “الأطراف كافة” بإعلان “وقف لإطلاق النار” و”احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني”.
وقال المتحدث “نجدد التزامنا بالمساعدة في تعزيز دفاعات شركائنا السعوديين والإماراتيين”.
في هذا السياق، أكد المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية في بيان أن الصواريخ التي أطلقت في اتجاه الإمارات استهدفت قاعدة جوية إماراتية قريبة من العاصمة أبوظبي وتم اعتراضها بفضل الجهود المشتركة للجيش الإماراتي والقوات الأمريكية.
بدوره، كتب السفير الإماراتي لدى واشنطن يوسف العتيبة في تغريدة أن “التعاون الإماراتي الأمركي الوثيق ساهم في صد جولة أخرى من هجمات مليشيات الحوثي الإرهابية صباح اليوم (الاثنين) في الإمارات”.
وأضاف “الخطوة التالية: وقف التدفقات المالية والأسلحة للحوثيين من الجهات الداعمة لهم وعلى الولايات المتحدة التحرك الآن لإعادة الحوثيين إلى قائمة الإرهاب”.
وأعلن المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي في مؤتمر صحافي أن الولايات المتحدة التي تنشر قوات على القاعدة المستهدفة الاثنين، ستدرس أيضا “احتمال” أن تكون الصواريخ أطلقت لاستهداف القوات الأمريكية.
وقالت وزارة الدفاع الإماراتية من جهتها إنها “على أهبة الاستعداد والجاهزية للتعامل مع أي تهديدات، وأنها تتخذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية الدولة من كافة الاعتداءات”.
وأعلنت الوزارة “نجاح” طائرة مقاتلة من طراز أف-16 عند الساعة 04,10 بتوقيت اليمن (01,10 بتوقيت غرينيتش) في “تدمير منصة إطلاق الصواريخ البالستية” التي أطلقت الصاروخين على أبوظبي.
وأشارت إلى أن المنصة التي أطلق منها الصاروخان كانت في الجوف في شمال اليمن، من دون أن تحدد ما إذا كانت الطائرة التي نفذت العملية إماراتية.
وسحبت الإمارات غالبية قواتها من اليمن في 2019، لكنها لا تزال تدرب وتدعم قوات يمنية تمكنت مؤخرا من استعادة أراضي من أيدي الحوثيين، الأمر الذي دفع المتمردين للتصعيد عبر مهاجمة أبوظبي، وفقا لمحللين.
في الرياض، شددت وزارة الخارجية السعودية في بيان على “الحاجة الملحة لتحرك المجتمع الدولي لوضع حد لهذا السلوك العدواني”.
وأدانت وزارة الخارجية البحرينية في بيان “الهجمات الغادرة التي شنتها ميليشيا الحوثي الإرهابية”، بينما أعربت وزارة الخارجية الكويتية عن “إدانة واستنكار دولة الكويت الشديدين للهجمات الإرهابية الجبانة”.
كما ندد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه “بتمادي ميليشيا الحوثي”، واصفا الهجمات بالتصرفات “الإجرامية”.
وتدور حرب في اليمن بين القوات الحكومية والمتمردين الذين يسيطرون على مناطق واسعة بينها العاصمة صنعاء منذ العام 2014، وتدخل التحالف إلى جانب القوات الحكومية منذ 2015. وتسبب النزاع بمقتل أكثر من 377 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة، بينما تعاني البلاد من أزمة إنسانية حادة.