أكد متحدثون في ندوة بعنوان « الاتجار بالبشر: أي حصيلة لإعمال القانون » نظمها مساء اليوم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن محاربة هذه الظاهرة في المغرب تواجه عددا من التحديات التي تعيق الكشف والتبليغ والتكفل بضحاياها، مع غياب إحصائيات دقيقة بخصوصها.
خديجة ثبان، عضوة « اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه » سجلت خلال مشاركتها في هذه الندوة، أن وجود صور عديدة ومختلفة للاتجار بالبشر يجعل اكتشافها صعبا، لاسيما في ظل ضعف إلمام مختلف المتدخلين بهذه الظاهرة في قطاعات العدل والصحة والأمن وغيرها، الأمر الذي يتسبب في مشاكل تكييف أو تصنيف القضايا، بل إن بعض الضحايا قد لا يعرفون بدورهم أنهم ضحايا جريمة يعاقب عليها القانون.
كما أكدت المتحدثة أن اللجنة حاولت منذ تنصيبها منتصف عام 2019، ورغم ظروف جائحة كورونا التي أعقبت هذا التنصيب، إطلاق ورشات للتكوين للتعريف بهذه الجرائم، لكنها سجلت أن هذه الجهود تبقى محدودة الأثر في ظل ضعف الإمكانيات المرصودة للجنة وغياب موارد خاصة بها.
وسجلت غياب إحصائيات دقيقة حول الظاهرة في المغرب، بالنظر إلى عدم دقة البيانات المتوفر عليها، لاسيما وأن هذه الجرائم جرائم مركبة يصعب الكشف عنها، فضلا عن ضعف ثقافة التبليغ.
وفي السياق ذاته سجلت المتحدثة أن القضاة على سبيل المثال يجدون صعوبة في معالجة ظاهرة التسول باستعمال الأطفال، حيث لا يجرأون على متابعة الآباء بتهمة الاتجار بالبشر، لاسيما مع وجود إشكالية التكفل بالأطفال الضحايا.
وفي مقاربتها للحل، أكدت خديجة ثبان على ضرورة إيجاد نموذج لإشراك المجتمع المدني في جهود محاربة الظاهرة التي وصفتها بـ »العبودية المعاصرة »، وذلك بالنظر لما للمجتمع المدني من قدرات كبيرة في الكشف عنها ومعالجتها، كما حثت على ضرورة إيجاد رؤية واضحة للموضوع وخطة وطنية بشأنها، ورفع التحسيس والتواصل، وتكوين مختلف الفاعلين بخصوصها، وإيجاد مراكز خاصة للتكفل بالضحايا.
من جهته أكد رشيد مزيان ممثلا عن وزارة العدل، عدم توفر المغرب على قاعدة بيانات وطنية في موضوع الإتجار بالبشر، مشيرا إلى وجود تضارب في المعطيات الرسمية بخصوصها، حيث تختلف الأعداد التي ترصدها تقارير الأمن الوطني مع تلك الصادرة عن القضاء.
وسجل مزيان أن كل متدخل في الملف يكيف جريمة الاتجار بالبشر وفق منظوره، موضحا « الشرطة حينما تقبض على شخص تتحدث في محاضرها عن جريمة الاتجار بالبشر، لكي تقوم بإحصائها، بينما يمكن للنيابة العامة أن تقوم بتكييف آخر للجريمة ».
وواصل المتحدث بالقول، إن قضاء الحكم بدوره يمكنه أن يعيد تكييف الجريمة مجددا، وبالتالي فإن اللجنة لا يمكن أن تعتمد على إحصاءات الشرطة أو الدرك، بل تقوم بتحليل مختلف المعطيات الصادرة عن مختلف الفاعلين كما تنظر في الأحكام الصادرة عن القضاء باعتبارها الأكثر ضبطا.