في الذكرى 18 لصدور مدونة الأسرة، أطلقت حقوقيات اليوم الخميس، دعوة للمطالبة بتغيير جذري وشامل للمدونة، يضمن الملاءمة والمساواة والملاءمة مع مقتضيات دستور 2011، لمواكبة التغيرات التي عرفها المجتمع المغربي خلال السنوات الأخيرة.
وفي ذات السياق، قالت عائشة ألحيان رئيسة جمعية اتحاد العمل النسائي، في حديثها لـ”اليوم 24″ على هامش إطلاق حملة المطالبة بتغيير مدونة الأسرة، أنه “في البداية اعتبرت المدونة ثورة هادئية ولكن من 2004 إلى اليوم حدثت تغييرات في المجتمع يجب أن يواكبها المشرع المغربي، وعلى رأسها مواكبة ما نص عليه الدستوري من مساواة بين النساء والرجال”.
وترى ألحيان أنه ” آن الأوان ويجب أن تتلاءم مضامين مدونة الأسرة مع الدستور”، خصوصا بعدما قالت أنه “ثغرات ظهرت على القانون واختلالات في عدد من النصوص على رأسها ما يتعلق بزواج القاصرات والتعدد وتدبير ممتلكات الأزواج”، مضيفة أنه “كان يفترض منع تزويج القاصرات وتجريمه خصوصا بعد الدراسة التي أصدرتها النيابة العامة التي تظهر معاناة الفتيات من هذه الظاهرة”.
إضافة إلى ذلك، تقول ألحيان أن عددا من الأمور التي يتم تطبيقها من خلال مدونة الأسرة “تنعكس على المكانة الاقتصادية للاجتماع واستدامة الفقر وانعدام الأمن القانوني”، مشددة على أن المطلب الآن ” لا يقتصر فقد على تغيير بعض الفصول ولكن بنائها القانوني بشكل عام بما يضمن كرامة النساء المغربيات”.
ومن بين ما رصده الاتحاد تضمن المدونة لـ”نصوص تمييزية تكرس التراتبية في العلاقة بين الزوجين والحيف والعنف ضد النساء والفتيات، وتؤدي إلى انتهاك حقوقهن الأساسية وتفقيرهن وعدم شعورهن بالأمان، وخاصة ما يتعلق بالزواج، تزويج الطفلات، الطلاق، الولاية الشرعية على الأبناء، النفقة، ثبوت الزوجية، اقتسام الممتلكات المتراكمة أثناء الحياة الزوجية، الحضانة، النسب، تعدد الزوجات والإرث”.
ويقول الحقوقيون، إن هناك ثغرات تكرس التحايل على القانون كالمادة 16 وعلى قواعد الاستثناء التي عمقت دونية النساء والفتيات، كما هو الحال بالنسبة لتزويج الطفلات، وعلى مواد مفتوحة على التأويلات الفقهية المحافظة بلا حدود كالمادة 400، وأخرى عديمة الفعالية لحماية حقوق النساء وأطفالهن مما ينتج عنه مآس مريعة وخاصة ما يتعلق بالنفقة في ظل غياب معايير لتحديدها وضمانات لتنفيذها وسكن المحضون الذي اختزل في مبالغ زهيدة، ضدا على مقتضيات المادة 168 التي تلزم الأب أن يهيئ لأولاده محلا لسكناهم أو يؤدي واجب كرائه، وحق النساء في الممتلكات المكتسبة أثناء الزواج “على سبيل المثال لا الحصر”.
ويطالب الحقوقيون بحظر تعدد الزوجات، وحظر تزويج الطفلات، واعتماد السن القانونية للزواج المحددة في 18 سنة للذكر والأنثى دون أي استثناء، واعتماد الزامية عقد تدبير ممتلكات الأسرة واشتراطه ضمن الوثائق اللازمة لملف الزواج، والتنصيص صراحة على اعتبار دور العمل المنزلي وتربية الأطفال في تقويم مساهمة النساء.
ومن بين التعديلات المقترحة على مدونة الأسرة، إسناد الولاية على الأبناء إلى الأم والأب دون تمييز أثناء قيام الزوجية وعند انحلالها، وتوحيد مسطرة انحلال الزوجية بالنسبة للطرفين معا والاقتصار على مسطرة الطلاق الاتفاقي والتطليق الذي تكون من موجباته عدم احترام شروط العقد أو الضرر أو الغيبة، وإلغاء التمييز الحاصل في مواد الحضانة وعدم اعتبار زواج الأم الطليقة عاملا لإسقاطها عنها، كما هو الحال بالنسبة للأب الطليق.
المطالب الحقوقية، تأتي بعد فترة قصيرة من كشف عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، على أن المخطط التشريعي لوزارته، يتضمن إجراء تقييم لنصوص مدونة الأسرة في اتجاه إعداد تصور لمراجعة بعض مقتضياتها.
وأوضح وهبي، في حديث سابق له بلجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، أن تعديل مدونة الأسرة يبقى من اختصاص الملك باعتباره أميرا للمؤمنين، إلا أن ذلك لا يمنع من اتخاذ قرارات بشأنها وعرضها عليه، معلنا بقوله: “سنتخذ قرارات بشأن مدونة الأسرة، ونعرضها على السدة العالية بالله، التي سيكون لها القرار النهائي”.