خاصة وأن التركيبة الجديدة للمجتمع والأسرة المغربية هي التي حتمت على العديد من الاباء والأمهات التوجه نحو هذه المنازل لقضاء ماتبقى من أرذل عمرها بعيدا عن الحياة العامة والانزواء فيها و انتظار لحظة اللقاء بالخالق، مما حذا ببعض المهتمين بالمجال تسميتها بقاعة انتظار الموت وهو المصطلح الذي رفضه الاخصائيون الحاضرون في اللقاء جملة وتفصيلا واعتبروا المسن شخصا مازال بجعبته الكثير ليقدمه ، و لكن ظروف التنشئة أفرزت حوالي 14 % من نزلاء هذه المركبات هم من يتحركون ويقومون ببعض الأعمال والآخرون فقط يلجئون إلى النوم والانزواء كحل لقتل الوقت ،ومن جهة أخرى فإن أغلب هؤلاء المسنين يجترون الماضي والايام الخوالي ، ويعتبرونها ذاكرة مستعادة بمذاق الألم وأغلبهم يقول في قرارة نفسه " انا وحدي وليس معي أحد في محنتي " ،وبالتالي فهم يبقون أسرى لهذا الماضي وبالتالي يتكون لديهم حاجز نفسي يمنعهم من اعتناق الحياة من جديد .
وبلغة الأرقام ففي الدار البيضاء يتواجد مركزين لهذه الفئة بكل من عين الذياب وعين السبع والأول يقصده المسنون والمسنات للترفيه ، والثاني للاستفادة من العلاجات والتطبيب وهما مركزين لا يفيان تحقيق اكتفاء لمدينة تصل ساكنتها حوالي 7 مليون نسمة ، و على الصعيد الوطني يتواجد 80 جناحا تتكلف بمثل هذه الحالات ،ويعاني داخلها 40 % من سوء التغذية ، في حين تبلغ نسبة الذين فقدوا استقلاليتهم حوالي 38% بحيث اصبحوا عاجزين عن الحركة جزئيا او نهائيا ولا بد من توفر شخص ما يقدم لهم المساعدة لقضاء الضروريات مما يجعلهم اسيري هذه المراكز بامتياز،إضافة إلى أن 86,7 في المائة من المسنين، الذين يبلغ عددهم في المغرب خلال سنة 2006 ما يربو عن 2 مليون و400 ألف، لا يتوفرون على أي تغطية صحية، 77,6 بالوسط الحضري و96,8 بالوسط القروي، فضلا على أن 62,8 في المائة من النساء و55,1 في المائة من الرجال غير القادرين على الولوج إلى العلاجات الصحية؛ بسبب عدم توفر الإمكانات المادية،
وتبقى دور المسنين بالشمال الأحسن من نوعها على الصعيد الوطني وشبهها اخصائي اجتماعي بفنادق خمس نجوم ، في حين تبقى أخرى بمناطق متعددة عبارة عن " فندق " بكل ما تحمله الكلمة من معنى وتعتبر ملاذا لكل من هب ودب ويصعب العيش داخلها ، ويمارس فيها العنف وهي مركبات سجنية غير تابعة للمندوبية العامة للسجون و تسهر عليها جمعيات لا يهمها سوى استخلاص المنح من الجهات الرسمية وغير الرسمية ، وتبقى الأغلبية العظمى من هذه المراكز تفتقر لأبسط شروط الحياة وتضم فئات مختلطة من اطفال وشيوخ و مهووسين و مختلين عقليا ويغيب عنها الاطباء باستمرار والنظافة في دار غفلون " ولامجال للحديث عنها، بالاضافة إلى افتقارها لأطباء نفسيين و يبقى اغلب الاطباء الذين يقدمون خدماتهم ذوو التخصص العام ، ويبقى اهتمام الدولة بهذه الفئات أمرا ضروريا والدعوة موجهة للمجتمع المدني للانخراط بفعالية في المبادرات الرامية إلى اخراج المسنين من عزلتهم ومساعدتهم على نسج علاقات عائلية مع محيطهم وخاصة وان نسبة .منهم لم يعرف طعم العائلة بحيث اكد اخصائي أن 30%من النزلاء عزاب لم يحضوا بشرف تأسيس عائلة صغيرة