بوعشرين :أرى حكومة ولا أرى تحالفا

11 أكتوبر 2013 - 11:01

وقد أثارت التركيبة الحكومية الجديدة عدة ملاحظات:

الملاحظة الأولى: هي أن أصحابها ركبوا حافلة واحدة لكنهم ليس حلفاء، فقط اضطرهم البحث عن المنافع السياسية والمادية إلى دخول الحكومة، أما الود والتحالف والرؤية المشتركة والثقة المتبادلة فهي أمور غائبة، والدليل هو «التطاحنات» التي كانت بينهم إلى آخر لحظة حول توزيع «غنيمة الحكومة»، وهو الأمر الذي أدى إلى توسيع خيمة الحكومة وزيادة وزارات وكتابات دولة لا معنى لها في بلاد تشكو أصلا ارتفاع عدد الحقائب الوزارية. في ألمانيا، مثلا، لا توجد سوى عشر وزارات في الحكومة، وفي جل دول أوربا لا يتجاوز العدد 20 وزارة. نحن الآن أصبحت لنا حكومة بأكثر من 34 وزيرا، وهذا يسبب مشكلين؛ الأول هو إهدار المال العام في زمن الأزمة، فالوزير وطاقمه وإدارته وديوانه وسياراته وبناية الوزارة… كلها أمور تكلف أموالا كثيرة، ثم عندما يخرج الوزير من الحكومة تستمر الدولة في صرف راتب له لا يقل عن 40 ألف درهم مدى الحياة… ثانيا، وهذا هو الأهم، أن تشتيت القطاعات على وزارات عديدة يخلق عدم التنسيق وضعف الفعالية وغياب تقاطع السياسات العمومية…

الملاحظة الثانية: هي أن رئيس الحكومة قدم الدليل مرة أخرى على أنه لا يعرف كيف يتفاوض، لا مع أصدقائه ولا مع خصومه، وإلا كيف يعقل أن يعطي حزب الأحرار، وهو حاصل على 54 مقعدا في البرلمان، أكثر بكثير مما أخذه حزب الاستقلال، وهو حاصل على 60 مقعدا. لقد أعطى بنكيران الأحرار ثماني وزارات، جلها مهم جدا، وفوق هذا هدية كبيرة عبارة عن رئاسة مجلس النواب… ماذا يعني هذا؟ هذا معناه أن خطة بنكيران فشلت، ووجد نفسه يفاوض دون أوراق ضغط، ولهذا أخذ مزوار كل ما أراد، وغدا سيطلب اقتسام صلاحيات رئيس الحكومة، وليس فقط وزارات فوق ما يستحق. بنكيران كان يعول على «مساعدة دار المخزن» له في الضغط على الأحرار باعتبارهم أبناء الدار، ووظيفتهم في الحقل السياسي أن يلعبوا دور الحزب التكميلي، لكنه فوجئ بأن الدعم لم يأت، ولهذا دفع الفاتورة وزيادة. نعم، نجح رئيس الحكومة في إبعاد مزوار عن المالية والاحتفاظ بعين واحدة في هذه الوزارة من خلال الوزير المنتدب في الميزانية، الذي قاتل مزوار إلى آخر لحظة لكي يزيحه عن منصبه، لكن هذه الوزارة، في المقابل، كلفت بنكيران الشيء الكثير.

الملاحظة الثالثة: خسرت الأحزاب مجتمعة مكسب الوصول إلى وزارات ما يسمى بالسيادة، فإزاحة العنصر عن وزارة الداخلية تعد تراجعا، ورغم أن الكثيرين كانوا يعتقدون أن زعيم السنبلة ليس هو العقل المدبر للوزارة، وأن الشرقي الضريس هو صاحب المفاتيح، فإن إعطاء الداخلية لوجه حزبي، ولو شكليا، كان تقدما مهما في النسخة الأولى. الشيء نفسه يقال عن وصول وجوه غير حزبية تتم صباغتها على عجل، بالأزرق في الغالب، لتولي المسؤولية السياسية. هذا يبعد النخب والأطر عن الأحزاب باعتبارها قنوات ضيقة للوصول إلى مناصب المسؤولية، في حين أن القنوات الموازية المبنية على الولاءات للسلطة والشبكات الزبونية أسرع بكثير من قناة الحزب، وهذا فيه إضعاف للأحزاب وللديمقراطية عموما.

شارك المقال

شارك برأيك
التالي