ما هو الاستثناء المغربي؟
أعتقد أنه لا وجود لاستثناء مغربي، إلا إذا كان هناك استثناءات بقدر عدد دول العالم.
إذن، على ماذا يتم الحديث؟
الاستثناء المغربي هو واحدة من الأساطير المؤسسة للحكم الديكتاتوري المطلق. لكن النظام المغربي ليس الوحيد الذي ينشر فكرة الاستثناء هذه. فكثير من القوى الاستبدادية لجأت إلى فكرة الاستثناء للهروب من الديمقراطية الكونية.
هل لديكم أمثلة على ذلك؟
مبوتو سيسي سيكو و كناسيمب اياديما، ديكتاتوران اثنان من افريقيا، كانا يتحدثان عن الأصالة لشرح "الاستثناء"الإفريقي لإفريقيا العميقة على العموم، والزايير والطوغو على وجه الخصوص. الشيء الذي كان يبرر بالنسبة لهم تأجيل دخول شعوبهم للحقبة الديمقراطية. الصين الاستبدادية تستعمل كذلك نفس الحجة منذ حقبة دينغ كزاو بينغ.
وماذا عن المغرب؟
الاستثناء المغربي يصلح لتبرير الحجة التي بحسبها لا تستطيع أروبا والغرب فرض الديمقراطية علينا حسب معاييرهم. لقد شرع في استخدام مصطلح الاستثناء المغربي بعد الثورة الايرانية، بالتركيز على كون المغرب من الدول العربية والاسلامية القليلة التي لا يتواجد بها فرع للإخوان المسلمين أو لحزب البعث. ما دعى للقول أن المغرب كان "ملقحا" ضد آلام واضطرابات منطقة الشرق الأوسط، بما فيها الثورة الإسلامية بإيران. من جهة أخرى كان الحسن الثاني يقول، مستخدما تمكنه الجيد من اللغة الفرنسية، أن المغرب أصولي لكن ليس متطرفا.
كيف يمكن تفسير نجاح هذا المفهوم؟
مفهوم الاستثناء يستدعي الشعور بالوطنية المغربية، ويسمح بحشد الناس حول مفهوم شاعري. فشيء جميل أن نكون استثنائيين. الجانب الديني مهم أيضا في هذا المجال، لكون الإسلام يلعب دورا مهما في الهوية المغربية، أقل مما هو عليه في الحالة التونسية أو المصرية على سبيل المثال. هذا راجع إلى القرب الكبير من إسبانيا ومن المسيحية التي خاضت حربا مستمرة طوال خمسة قرون على الأقل، منذ ما قبل محاكم التفتيش. هذه الحرب التي استمرت إلى القرن العشرين تركت أثرا كبيرا على الهوية المغربية وعلى المخيلة الجماعية للمغاربة. إذن المغرب بني حول الإسلام خلافا لدين الأغلبية في شمال جبل طارق. وهذا ما يفسر في جزء منه أن المملكة هي من الدول الإسلامية القليلة التي لا يمكن أن تكون فيها مواطنا مغربيا مسيحيا في حين يمكن أن تكون مغربيا يهوديا أو مسلما. الديانة تسمح كذلك بالتفريق بين الهويتين الأساسيتين في المغرب: الأمازيغية والعربية. حضور هاتين الهوتين الغالبتين القويتين هو خطر، بالنظر إلى إمكانية التحول إلى المواجهة. حضور الهويات الجماعية وكل الأقليات في البلدان الأخرى هو، بمعنى أو بآخر، ناقل في اتجاه أقل خطرا، فمعظم الهويات المتنافسة تكون بذلك مجبرة على التعاون مع بعضها في سبيل التداخل.
أليست إمارة المؤمنين استثناء مغربيا؟
حتى إمارة المؤمنين ليست خصوصية مغربية. حيث يوجد في كل العالم الإسلامي العديد من القيادات الدينية. تاريخيا، المغرب كان مستقلا لمدة طويلة عن الخليفة الشرقي، وهذا لم يكن يزعج أبدا شخصا كيوسف بن تاشفين. في التاريخ المعاصر، إمارة المؤمنين لم تصبح حقا أداة لخدمة النظام الملكي إلا بعد المحاولتين الانقلابيتين سنتي 1971 و 1972. حيث أدرك الحسن الثاني أن أجهزة الدولة الحديثة التي استند عليها إلى حدود تلك الفترة، وخصوصا الجيش، قد تحاول إفشاله أو أن تنقلب على نظام الحكم. انطلاقا من تلك اللحظة، وهو يراهن على أن نظامه لا يمكن أن يستوعب الحداثة، التي لاتمر عبر التعليم، الديمقراطية، دولة القانون…
الحسن الثاني رفض إذن تعليم شعبه لتسهيل إقناعه بفكرة الاستثناء؟
الحسن الثاني كان دائما يرى أن المدرسة الحديثة هي خطر ايديولوحي وسياسي على نظامه، وهذا استثناء مغربي. تقرير لليونيسكو يرجع لسنة 2009 يضع المغرب بين آخر أربع بلدان عربية في مجال جودة التعليم، إلى جانب دجيبوتي، موريتانيا، العراق واليمن. لا نستطيع حتى القول أن هذا الترتيب الكارثي راجع للفقر في البلد، لأن الأردن الأقل غنى من المغرب تتمركز في مقدمة القائمة. الكثيرون ممن هم في السلطة ما يزالون يرون أن التعليم العمومي المعمم والجيد خطرا قاتلا على النظام على المدى المتوسط. ويفضلون حماية فلسفة الحياة المغربية التقليدية، المرجع المثالي للاستثنائية الوطنية، التي تنبني على فكرة أساسية، هي أن البعض ولدوا ليكونوا حاكمين، في ما يولد البعض الآخر ليكونوا محكومين.