بنكيران يؤذن في أغلبيته الجديدة: "حي على العمل"

26 أكتوبر 2013 - 14:39

رسائل تولى حزب عبد الإله ابن كيران تكثيفها وفك شفراتها، ثم وضعها تحت عنوان لا يخلو من حمولة فكرية وايديولوجية، يتمثل في عبارة "حي على العمل"، والتي يوضح المقال في نهايته أنها ترجمة للعبارة التي قالها الملك محمد السادس لوزراء الحكومة الجديدة بعد تعيينهم، والمتمثلة في "au travail".

اللقاء الذي عقدته الأغلبية بحضور الأمناء العامين للأحزاب الاربعة وفرقها البرلمانية بالغرفتين لم يكن، حسب حزب العدالة وتنمية، مجرد فرصة للاستماع لعرض وزير الاقتصاد والمالية ووزير الميزانية للمعطيات المرتبطة بمشروع قانون المالية لسنة 2014 وتدارس ملاحظات الفرق النيابية وتقييمها له، "بل كان لحظة ذات حمولة سياسية كبرى من خلال الرسائل والكلمات والمداخلات التي سارت في إيقاع واحد ووعي مشترك بأهمية هذه اللحظة في مسيرة الإصلاح بالمغرب".

الرسالة الاولى التي استنتجها حزب المصباح، تتمثل في أن إعادة تشكيل الأغلبية والحكومة جاء بعد "تجربة مؤسفة من اللغط السياسي الذي شوش على مسار الإصلاح ووتيرته وخلف قلقا وتتبعا لدى المراقبين المحليين والدوليين، غير أن الحكمة السياسية المغربية انتصرت على المغامرة غير المسؤولة والمضرة بالمصلحة الوطنية، فخرجت النسخة الجديدة للحكومة واستطاعت هذه الأخيرة أن تكون في الموعد بإعداد مشروع قانون المالية وإيداعه في الأجل القانوني بمجلس النواب".

هذه الرسالة تفيد، براي الحزب دائماً، أنه في الوقت الذي تعيش فيه دول أخرى على إيقاع أزمات سياسية خانقة تهدد بالعصف بالاستقرار وبأحلام الانتقال الديمقراطي التي جاء بها الربيع العربي، "فإن المغرب قد أكد من جديد خصوصيته من خلال تجاوز الأزمة المفتعلة في الأغلبية السابقة حيث غلبت كل الأطراف المكونة للنسخة الثانية لحكومة الأستاذ عبد الاله بن كيران المصلحة الوطنية العليا".

الرسالة الثانية: إن النجاح في اعادة تشكيل الأغلبية والحكومة والنجاح في تجاوز هذا الامتحان الصعب بما اقتضاه ذلك من تنازلات من كل الأطراف وبعيدا عن منطق الغنيمة او المحاصصة، بداية جيدة وجب التأسيس عليها في تدبير عمل الأغلبية في المراحل القادمة. هو نجاح كما ظهر في تدخلات قيادات الأغلبية بعث أجواء من الحماسة والثقة في إمكانية تدبير المراحل اللاحقة من خلال العمل بروح الفريق وفي ظل أكبر قدر من الانسجام وانصراف أكبر إلى العمل والإنجاز أخذا بعين الاعتبار الزمن الحكومي المحدود بالنظر إلى حجم التطلعات وحجم الأوراش التي سيتم فتحها.

وهذا النفس الإيجابي الإرادي الذي عبرت عنه كل مكونات الأغلبية سيكون له دون شك ما بعده على مستوى الإنجاز كذات واحدة متكاملة وفي إطار عمل مندمج وسيثبت في نهاية المطاف أن الرابح سيكون أولا هو الوطن، وأن هذا النجاح لا بد أن تجني ثماره كل مكونات الأغلبية بل المعارضة أيضاً.

الرسالة الثالثة: هي الوعي الجماعي الواضح بالصعوبات والاكراهات ولكن أيضاً بالفرص وعناصر القوة التي هي في حاجة إلى الاستثمار إلى اقصى حد ممكن في تلك الفرص ومنها الاستقرار السياسي الذي ينعم به المغرب والحكمة المغربية في تدبير المشاكل والصعوبة والقدرة على الخروج من الأزمات المفتعلة، وهو وعي ارتبط لدى كافة المتدخلين بالشعور بالمسؤولية الوطنية واعتبار المصلحة الوطنية العليا.

الرسالة الرابعة: هي أنه ليس هناك وقت يهدر في لغط سياسي عبثي جرت اليه الاغلبية سابقا أطراف افتقرت الى قدر كبير من المسؤولية في تقدير آثار ومخاطر إثارة عواصف مفتعلة والتصرف بوجهين مختلفين الأول داخل اجتماعات الأغلبية والثاني على المستوى الإعلامي وفي التجمعات، منطق لم تعد تتحمله اللحظة السياسية قائم على وضع رجل في الحكومة وآخر في المعارضة.

الرسالة تقول إن الوقت هو وقت توجه الى العمل والإنجاز والإنتاج والاعراض عن المناكفات غير المنتجة والفرقعات الاعلامية التي لا تنتج معارضة ايجابية وبناءة. الرسالة الخامسة: هي أن المسؤولية الوطنية في هذه اللحظة الدقيقة تتطلب الجرأة في الإقدام على الإصلاحات الكبرى ولو اقتضى الامر تحمل كلفتها السياسية حزبيا وأغلبيا، لأن أي كلفة من ذلك النوع تصغر وتهون أمام صيانة المصلحة الوطنية وأمام تحقيقها .

وهي جرأة ينبغي أن تقوم على لغة المصارحة والمكاشفة وقول الحقيقة والابتعاد عن بيع الأوهام للمغاربة ودعوتهم جميعا إلى ثقافة العمل والإنتاج والقيام بالواجب إلى جانب ثقافة المطالبة بالحقوق.

الرسالة السادسة: هي تفعيل المقاربة التشاركية، مقاربة تشاركية بين الحكومة وأغلبيتها، مقاربة تشاركية بين الحكومة والمعارضة في إخراج القوانين التنظيمية، مقاربة تشاركية تقوم على الإنصات والتفاعل مع انتقاداتها ومقترحاتها الوجيهة، وهذا يقتضي من المعارضة أن تتحلى بنفس القدر من المسؤولية الوطنية وأن تكف عن افتعال المعارك غير المنتجة وإطلاق الفقاعات التي سرعان ما تتحول الى هباء وتسيء الى المنظومة الدستورية بتقويلها ما لم تقل كما هو الشان في القضية المفتعلة حول الدعوة الى إعادة التنصيب البرلماني للحكومة المعاد تشكيلها.

المقاربة التشاركية أيضاً مع الفاعلين الاجتماعيين وتكريس منهجية الاستماع والاشراك كما حصل فيما يتعلق بإصلاح النظام الجبائي وإصلاح منظومة القضاء ونظام الوظيفة العمومية في المناظرات التي خصصت لذلك وفي الحوار الوطني حول المجتمع المدني ومن خلال التشاور المنتظم مع أرباب المقاولات. المقاربة التشاركية ينبغي دعمها أيضاً في اتجاه النقابات والتزام الحكومة بمضمون تصريحها بتعزيز ثقافة المفاوضة الجماعية ومأسسة الحوار الاجتماعي وإشراك المركزيات النقابية في تحمل المسؤولية في أوراش الإصلاحات الكبرى مع التأكيد أن الكلمة الأخيرة في تبني أي اختيار من الاختيارات المطروحة ينبغي أن تكون للحكومة من حيث إنها هي التي تتولى تدبير الشان العام وأنها هي التي ستتولى تقديم الحساب عليه في نهاية المطاف. وهو ما يقتضي من الشركاء الاجتماعيين قدرا مقابلا من المسؤولية الوطنية والتعاون من أجل إنجاز الاصلاح وتجاوز المقاربات.

الرسالة السابعة والأخيرة: وهي القرب من المواطن وقضاياه والتواصل معه وبلغة يفهمها وهي مسؤولية الحكومة نعم ولكن أيضاً مسؤولية مختلف مكونات الأغلبية البرلمانية التي ينبغي ان تكون قناة للتواصل في الاتجاهين وأداة ليس فقط لإسناد الحكومة بل لنقل هموم المواطن والدفاع عنها والرقابة على أدائها لأن الشرعية التمثيلية ليست حكرا على المعارضة بل هي شاملة لكل نواب الامة. الرسالة الكبرى المنبعثة من كل تلك الرسائل، حسب موقع العدالة والتنمية، "هي آخر كلمة سمعها أعضاء الحكومة بعد التنصيب وأخذ صورة تذكارية مع جلالته: حي على العمل!".

شارك المقال

شارك برأيك
التالي