ملف: رحلة في رأس بنكيران

02 نوفمبر 2013 - 12:39

 مراجعات كثيرة في المواقف والأفكار، لم يبق ثابتا منها سوى إيمانه بأن المغرب بدون ملكية لن يكون، وأن القرب من الملك ونيل رضاه هو الباب الوحيد لتأمين الدعوة والتنظيم.

في بداية انخراطه في العمل السياسي، كان يجري الحديث عن بنكيران الداعية الذي يحاول أن يلج باب المجال الحزبي والسياسي، ويرى أن وظيفة حزبه هي دعوة الناس وهدايتهم إلى القيم الدينية والأخلاقية، لذلك كان من الطبيعي أن يعتبر أن تفشي الربا والمخدرات والجنس من الانحرافات التي ظهرت في المجتمع ويجب إصلاحها، أما بعد اضطلاعه بمسؤوليته الحكومية فالحديث يجري عن بنكيران رئيس الحكومة الذي يعرف جيدا كيف يُعمل مبادئ وقواعد سلفية وُجدت لتبرير الاستثناءات التي لا يستوعبها الدين، فتحوّل عنده الاستثناء إلى قاعدة.

بين المرحلتين يمكن قراءة عقل بنكيران وكيف يفكر بالعودة إلى حواراته وتصريحاته طيلة العقود الماضية، فمنذ أن أصبح رئيسا للجماعة الإسلامية، ثم لحركة الإصلاح والتجديد، فقياديا مؤثرا في مسيرة حركة التوحيد والإصلاح، ثم في العدالة والتنمية حتى رئاسته للحكومة، ثمة خلاصة مفادها أن أصل أغلب أفكار بنكيران يعود إلى رؤية سياسية تعتبر أن الصراع القائم ليس حول الثروة وإنما حول الهوية، وترى أن التمكين للحركة الإسلامية من أجل العمل مدخله ليس بناء شرعية شعبية قوية وإنما الوصول إلى رضا الملك والملكية. وإذا ما وجد بنكيران تناقضا أو وضعا منحرفا لا ينسجم مع قناعاته الدينية في بعدها السلفي، يغمض عينيه ويقول: «السياسي إذا لم يكن مرنا وبراغماتيا يفشل».

لكن هل يمكن التمكين لمشروع سياسي بفقه سلفي أساسه الاستثناءات؟ يجيب امحمد جبرون، المختص في الفكر السياسي الإسلامي، بالقول إن الخطاب السلفي في عمومه خطاب برغماتي، لكن لا يمكن إصلاح دولة وقيادة حكومة بمنطق الاستثناءات، واللجوء، كلما وُجد هذا التيار في موقف حرج وغير منسجم مع قناعاته الدينية، إلى قواعد مثل جواز «ارتكاب أخف الضررين»، وأن «الضرورات تبيح المحظورات»، وجواز «ارتكاب أهون الشرّين»، وغير ذلك.

في المقابل، يلجأ الأتباع والمعجبون إلى التبرير عوض أن يطرحوا السؤال الجوهري حول محدودية فكر سياسي لم يعد قادرا على استيعاب التحولات التي جاءت مع الدولة الوطنية، ولا حتى على مسايرتها، وهو مأزق لا يجد بنكيران فقط نفسه فيه، بل كل التيار الذي يمثله. في هذا السياق يرى جبرون أنه «لا بد من إيجاد عقل وفكر سياسي متحرر من كثير من العُقد»، وهي مهمة قد تدفع إليها التجربة الحكومية والتناقضات التي تسقط فيها، والتي تتعمق بفعل الممارسة ومع الزمن، خاصة أن بنكيران نفسه قد تحلل من بعض أفكاره السابقة.

اتفاصيل في الملف الآسبوعي لجريدة آخبار اليوم

 

شارك المقال

شارك برأيك