الدعوة جاءت في الندوة الصحفية التي نظمتها اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين أمسا، على إثر الوفاة المثيرة للجدل للمعتقل السلفي السابق محمد بن الجيلالي يوم 5 نونبر الجاري بسجن تولال بمكناس بعد «الإهمال» الذي لحقه، حسب تصريح زوجته. وهي الحادثة التي اعتبرها منتدى الكرامة لحقوق الإنسان نتيجة للمقاربة المعتمدة في التدبير السجني التي «تشوش على المساعي الجارية» في أفق إيجاد حل لقضية معتقلي ما يسمى بالسلفية الجهادية.
الحقوقي البارز، عبد الإله بن عبد السلام، اعتبر أن المقاربة الإصلاحية للسجون فشلت منذ أن أصبحت إدارة السجون تحت مسؤولية الوزارة الأولى ثم رئاسة الحكومة، نتيجة غلبة الهاجس الأمني على المسؤولين، مما جعل رئيس الحكومة لا سلطة له على السجون.
وأردف بن عبد السلام إثر ذلك بالقول إن إدارة السجون يجب أن تعود للعمل تحت وصاية وزارة العدل، كما يجب إصلاح القوانين المنظمة للسجون في اتجاه إقرار عقوبات بديلة للسجن، وتجنب الاعتقال الاحتياطي، والكف عن نهج سياسة الإفلات من العقاب، وإشراك المكونات الحقوقية في إصلاح السجون.
وتشكل السجون أبرز نقطة سوداء في ملف حقوق الإنسان بالمغرب، بحسب تصريحات الكثير من الحقوقيين، كما سبق أن أقرت بذلك تقارير منظمات حقوقية وطنية مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وتقارير أممية مثل تقرير المقرر الأممي المكلف بالتعذيب في الأمم المتحدة.
وفجّرت وفاة السجين السلفي محمد بن الجيلالي(62 سنة) بسجن تولال في مكناس النقاش مجددا حول إصلاح السجون، لأن الوفاة «كانت صادمة» على حد قول حسن الكتاني، السجين السلفي السابق، ولأن الوفاة كشفت «غياب الدولة» بحسب المحامي، خليل الإدريسي، الذي أكد أن «ثمة شبه تآمر وصمت على مثل حالات بن الجيلالي، والتي لم تستفز وفاتُه أيّا من المؤسسات الحقوقية الوطنية».
وكان بن الجيلالي قد اعتقل في غشت سنة 2003، أي بعد إقرار قانون الإرهاب، ووجهت له تهم اعتبرها هذا القانون تهما إرهابية، دون أن يثبت عليه ما يؤكد ماديا تورطه في أعمال إرهابية، بحسب المحامي خليل الإدريسي. وكان بن الجيلالي حين اعتقل مصابا بمرض السكري، ومنذ 2007 ونتيجة أمراض أخرى، أصبح معاقا يستعمل كرسيا متحركا، ورغم ذلك لم يستفد من عفو سابق ولا تخفيض للعقوبة السجنية.
زوجة المتوفى، رشيدة بلال، روت تفاصيل ما جرى لزوجها، ومنها أن بن الجيلالي حين كان بسجن بوركايز بفاس، ورغم مرضه، فإن بقية المعتقلين السلفيين كانوا يعتنون به، لكن فجأة وبدون مبررات معقولة تم تنقيل بن الجيلالي إلى سجن تولال بمكناس، وتم وضعه مع سجناء الحق العام، رغم أنه مريض ورجل مقعد، مما جعل وضعه يتدهور باستمرار إلى أن فارق الحياة يوم 5 نونبر الجاري، بعدما قضى خمسة أيام في المستشفى دون علم أسرته.