كيف تقرؤون الزيارة الملكية إلى واشنطن إلى خلال الشهر الجاري؟
أولا يجب التذكير بالأزمة التي حصلت بين المغرب وواشنطن على خلفية المقترح الذي تقدم به البيت الأبيض لمجلس الأمن من أجل توسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في المناطق الجنوبية والتي كانت وراء برود العلاقة بين الرباط وواشنطن، لكن هناك علاقات استراتيجية ثابتة بين البلدين وهي التي تؤدي إلى حل كل الأزمات خاصة في ظل حكم الديمقراطيين حيث أن الأزمات التي وقعت بين البلدين خلال حكم الديمقراطيين كثيرة بسبب توجهات الحزب الديمقراطي.
أما عن الزيارة إلى واشنطن فسوف يكون أمامها العديد من الملفات التي يجب حلها ومن بينها ملف حقوق الإنسان وأعتقد أن المغرب أعطى المثال على أنه يسعى لاحترام حقوق الإنسان من خلال العديد من المؤسسات التي تعنى بمراقبة وضعية حقوق الإنسان لذلك فالزيارة ستكون من أجل توضيح الصورة لدى الولايات المتحدة الأمريكية عن وضعية حقوق الإنسان في المغرب وكذلك وضع أسس جديدة للتعامل مع واشنطن في ظل عهد الديمقراطيين الذي من المتوقع أن يستمر حتى بعد نهاية ولاية أوباما.
المسألة الحقوقية مطروحة بقوة في المناطق الجنوبية كيف يجب على المغرب التعامل مع هذا الملف؟
صحيح أن الملف الحقوقي أصبح هو الملف الحاسم في قضية الصحراء والجزائر وجبهة البوليساريو يلعبان على هذا الوتر خاصة خلال الآونة الأخيرة مع تزايد عدد الوفود الحقوقية التي تزور المغرب وخاصة المناطق الجنوبية، لكن وكما جاء في خطاب الملك فإن الأطراف الأخرى سواء البوليساريو أو الجزائر لا يحق لها الحديث أو الدفاع عن حقوق الإنسان.
كما أن التوجه العام الآن في المغرب هو المكاشفة الداخلية والقيام بتقييم داخلي صريح لتعامل المغرب مع ملف الصحراء وبإشراك جميع الهيئات السياسية والمدنية في هذا الملف بعد أن تأكد أن احتكار الدولة لهذا الملف لم يخدم القضية الوطنية، كما أن الجهات الرسمية كانت تفرض تحكما صارما على هذا الملف سواء على المستوى الرسمي وغير الرسمي ولم تكن هناك سوى مبادرات فردية محدودة لا يكون لها أثر على أرض الواقع، لكن الآن أصبحت رؤية الدولة هي فتح هذا الملف أمام الخبراء والسياسيين وكل من يمكن أن يساهم في حل هذا الملف بطريقة سلمية وعادلة.
لكن يجب أن ننبه إلى مسالة خطيرة وهي أن الأطراف الأخرى عندما تثير الملف الحقوقي تقحم معه قضية استغلال الثروات في المناطق الجنوبية وهذه مسألة يجب التنبه لها والتعامل معها بحزم لأن الطرف الجزائري يريد استغلال هذه الورقة نظرا لما له من أطماع في ثروات المناطق الجنوبية.
والملاحظة الأخرى في هذا المجال أن المغرب عليه أن يعتمد أكثر على المجتمع المدني وخاصة الهيئات التي تشتغل في المناطق الجنوبية وتكون من أبناء المناطق الجنوبية حتى تعبر عن القضية بشكل أفضل، ذلك أن جبهة البوليساريو تركز على الجمعيات المدنية خلال تحركاتها الدولية وتحقق نقاطا كثيرة على حساب المغرب بسبب هذه المسألة.
بماذا تفسرون اللغة القوية التي استعملها الملك في خطابه الأخير حول الصحراء؟
قوة هذا الخطاب جاءت نتيجة لمجموعة من العوامل التي تراكمت خلال الفترة الأخيرة، كما أن الأدوار التي تلعبها الجزائر فيما يرتبط بتسهيل إيجاد حل سياسي وسلمية لقضية الصحراء، والطريقة التي أصبحت تتبعها الجزائر لمعاكسة المغرب في المحافل الدولية وعن طريق عدد من الجمعيات الدولية المدنية، لذلك لجأ الخطاب الملكي إلى الوضوح وإلى إعطاء مؤشرات واضحة لمطالبة الجزائر بتحمل مسؤوليتها في ما يرتبط بتطور الأحداث في المناطق الجنوبية.
ومن خلال الخطابين الأخيرين للملك نستخلص أن سياسة المغرب في التعامل مع قضية الصحراء ستعرف تحولا جذريا سواء على الصعيد الدبلوماسي والانتقال من ردة الفعل إلى الهجوم ولغة الوضوح والمباشرة.