إنه اليوم العالمي لحقوق الإنسان، حيث تذكر الأمم المتحدة أعضاءها بالتزاماتهم الحقوقية وبنود المعاهدات التي وقعوها منذ 60 سنة وزيادة…
ما عادت حقوق الإنسان والوقوف عندها برتوكولا ولا ترفا خاصا بالدول الغنية والمتقدمة، صارت حقوق الإنسان واحترامها مصدرا لشرعية من يحكم، أو سببا مقنعا لإزالة من يحكم… السياسة والحكم والسلطة ليست تفويضا إلهيا في يد أحد، إنها مسؤولية شرطها احترام كرامة البشر وحرياتهم واستقلالهم وحقهم في التعبير والنشر والتنقل والاعتقاد والتفكير والتنظيم السياسي والنقابي والجمعوي، وفي النهاية الدولة الحديثة هي دولة الإنسان لا دولة السلطان…
كيف مرت سنة 2013 على بلادنا حقوقيا؟ ما هي الحصيلة في خطوطها العامة؟
هناك خصوصية مغربية يمكن للمراقب أن يلحظها عند كل تقييم للإصلاحات والأوراش السياسية والاجتماعية والحقوقية. هذه الخصوصية اسمها «خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الوراء»، أي أننا نبقى في مكاننا في نهاية المطاف، لا نتقدم بحيث نقطع مع الماضي، ولا نرجع إلى الوراء بحيث نقطع مع خطاب الإصلاحات… نتردد ونأخذ جرعة الإصلاح وجرعة الفساد في الوقت نفسه. إليكم الآن أبرز الخطوات إلى الأمام وأبرز الخطوات إلى الوراء، ولنبدأ بنصف الكأس المملوء.
خلال سنة 2013 كان سلوك الدولة في الصحراء وإزاء الانفصاليين أفضل من السابق. صارت الدولة أكثر حذرا، ولم نسمع عن اختطاف أحد، كذلك سجلت الدولة هذه السنة خطوة إيجابية في مجال التعاطي الإنساني مع المهاجرين، خاصة الأفارقة، والسماح لهم بالعمل والإقامة والدراسة في المغرب، أيضا شهدت سنة 2013 نشاطا لافتا للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في الصحراء، وتتبعه لعدد من القضايا الحقوقية، الشيء نفسه بالنسبة إلى مؤسسة الوسيط.
أما عن نصف الكأس الفارغ، فهذه السنة شهدت استمرار معاناة النشطاء الحقوقيين والمعطلين وكل من ينزل للتظاهر في الشارع مع عصا السلطة الغليظة، خاصة حفل «السلخ» الذي نظم للمتظاهرين في رمضان ضد قرار العفو الملكي عن كالفان، حيث وقفت الحكومة ورئيسها ووزير العدل عاجزين عن إيقاف العصا التي كانت تأخذ الأوامر من جهات مجهولة. عرفت هذه السنة كذلك اعتقال صحافي لمدة 39 يوما، وتوجيه تهمة الإرهاب إليه. إنه زميلنا علي أنوزلا، الذي وجد نفسه بين كماشتي قانون الإرهاب الاستثنائي. كذلك عرفت هذه السنة رفض الدولة والحكومة فتح ملف المعتقلين السلفيين، حيث مازال الكثيرون منهم يشكون بسبب المحاكمات غير العادلة والاعتداء على حقوقهم، خاصة الشباب الذين لم يتورطوا في الدم وحوكموا على أفكار ومعتقدات وآراء وكتابات…
ملف المختطف الكبير، المهدي بنبركة، لم يحل، وملف مندوبية السجون التي تشتغل خارج سلطة الحكومة لم يحل، وملف الحق في التظاهر السلمي في الشارع لم يحل، وملف حماية المعطيات الخاصة وسرية المكالمات والاتصالات لم يحل، وحرية النشر والتعبير مازالت في الإقامة المحروسة، والاقتراب من الخطوط الحمر مازال جد مكلف. العدالة مازالت مريضة وتابعة. حكامة الأجهزة الأمنية مازالت لم تنطلق بعد، ودولة القانون تربح هنا نقطة وتخسر نقطة هناك. المهم أن حقوق الإنسان لم ترسخ أقدامها بعد في المملكة، والمؤسف أن هذه الحكومة لا تعتبر هذا الملف من أولوياتها الآن…