غضب الشارع

12 ديسمبر 2013 - 19:30

 فالفقر والمرض والبطالة والأمية وانعدام السكن اللائق يمكن أن تتسبب في ردود فعل غير متوقعة، ناهيك عن أنها تعتبر السبب الرئيس في تفشي الجريمة والعنف داخل المجتمع. 

وفق آخر دراسة للبنك الدولي أعلنها الشهر الماضي، فان 13 في المائة من المغاربة يعيشون تحت خط الفقر (يعيشون بأقل من 10 دراهم في اليوم)، ثم هناك نسبة 25 في المائة هم في وضعية هشاشة ومهددون بالسقوط في الفقر، وهي نسب تعني قرابة 13 مليون شخص. وفي مقابل ذلك، سبق للمندوبية السامية للتخطيط أن توصلت قبل ثلاث سنوات إلى أن نسبة الطبقة الوسطى، التي تحفظ التوازن بين الفقراء والأغنياء، لا تتعدى 54 في المائة، بغض النظر عن كيفية احتسابها.

ويعتبر الفقر ملازما للأمية التي مازالت تفوق 30 في المائة، والتي تتفشى في الوسط القروي، وفي صفوف النساء خاصة بنسبة تفوق 80 في المائة، ناهيك عن أن 2,5 في المائة من الفتيات لا يذهبن إلى المدرسة، ويلتحق بهن سنويا نحو 380 ألفا من الأطفال بسبب الانقطاع عن الدراسة. ولم يتخلص المغرب كذلك من بعض الأمراض المعدية، مثل داء السل، وداء الرماد الحبيبي الذي ضرب فاس مؤخراً، لكن يبقى أن المرض الرئيس الذي يهدد الأمن الصحي للمواطنين هو السيدا الذي يفتك بأزيد من 35 ألف شخص حسب معطيات رسمية، ناهيك عن غير المصرح بهم. 

ويكرس ارتفاع نسبة البطالة وضع الهشاشة هذا، إذ تفوق 9 في المائة في المعدل العام، لكنها ترتفع إلى نسبة 22 في المائة وسط حاملي الشهادات خريجي الجامعات، وتختلف من المدينة إلى القرية، كما تختلف بين أصحاب العمل القار وأصحاب العمال الموسمي، وهي تمييزات ترفع المعدل العام إلى أكثر مما هو مصرح به بكثير. 

نتيجة ذلك، يفتقر المواطن المغربي إلى الحماية الاجتماعية من الدولة، ولا تغطي المؤسسات الموجودة سوى أقل من 30 في المائة كمعدل عام، وقد تنخفض إلى 10 في المائة في القطاع الخاص، بسبب هشاشة المقاولة الوطنية كذلك، رغم أن الفقراء لا يستفيدون من ذلك في أي شيء.

الحسن عاشي، محلل اقتصادي، اعتبر أن مما يزيد من تعقيد الوضع أمام السياسات المتبعة هو ضعف الرأسمال البشري بسبب ضعف التكوين وعدم ملاءمته لسوق الشغل، كما أن الوضع نفسه يؤدي في الغالب إلى «تردي نوعية الوظائف بشكل مثير للقلق»، ويعرض العمال، في كثير من الأحيان، إلى «صدمات اقتصادية»، ويكرس «التفاوت الكبير بين الأغنياء والفقراء»، ما يجعل كل ذلك «مصدر تهديد للاستقرار الاجتماعي». 

وجود احتقان اجتماعي نتيجة الفقر والأمية وضعف التغطية الصحية وارتفاع تكلفة المعيشة، يواكبه تحول متسارع يشهده المغرب نحو التمدن، الذي يتوقع أن يصل إلى نسبة 70 في المائة خلال العقد القادم، ما يطرح عدة تهديدات أقلها ارتفاع نسبة الجريمة والعنف الملازمة للمدينة، واندلاع قلاقل اجتماعية، وأيضاً احتمال تزايد الضغط الاجتماعي على الدولة الذي ينفجر على شكل احتجاجات ذات طبيعة سياسية، مثل تلك التي شهدتها مدن صفرو وسيدي إفني وتازة وغيرها، تكون مرشحة للتصعيد أكثر إذا قررت جهات معارضة للدولة توظيفها في الاتجاه الذي تريده.

 

شارك المقال

شارك برأيك
التالي