بعد "إسقاطهم" الميزانية.. الحكومة تكشف مشروع قانون يهمّش دور المستشارين

23 ديسمبر 2013 - 13:56

كشفت الحكومة أخيرا عن أحد أهم مشاريع القوانين التنظيمية وأكثر حساسية، وهو المشروع المتعلق بالقانون التنظيمي للمالية، والذي ظلّت جميع الأحزاب السياسية تطالب به، وجاء الدستور الجديد ليحتّم التعجيل به لملاءمة القانون مع المقتضيات الدستورية الجديدة.

وقامت الأمانة العامة للحكومة في خطوة أولى قبل إقرار المشروع، بتوزيعه على الوزراء، قصد إعداد ملاحظاتهم وآرائهم حوله، علما أنه كان موضوع مشاورات واسعة وطويلة، كانت قد أفضت إلى مشروع أولي خرج إلى العلن صيف العام 2012، قبل أن يخضع للمراجعة من جديد، حيث تحمل النسخة الجديدة الموضوعة على مكاتب حكومة ابن كيران، عددا من المستجدات والتعديلات.

وأهم التحولات التي يؤسس لها المشروع، هو منح مجلس النواب الأولوية والأفضلية في مناقشة الميزانية، مقابل دور ثانوي لمجلس المستشارين.

وينص المشروع على دخوله حيّز التنفيذ ابتداء من فاتح يناير 2017، أي في السنة الأولى من ولاية الحكومة المقبلة التي ستفرزها انتخابات 2016.

المشروع يستجيب في أهم نقطة ظلّت موضوعا لمطالب الأحزاب السياسية أغلبية ومعارضة، حيث يمنح للبرلمان دورا غير مسبوق في إعداد ومناقشة القانون المالي، ويمنح المشروع لمجلس النواب دورا حاسما وحيويا مقارنة بمجلس المستشارين، حيث يصبح هذا الأخير غرفة تقوم بقراءة غير مؤثرة في القانون المالي، ويتوفّر على مدة أقل من مجلس النواب في المناقشة، عكس التكافؤ المعمول به في القانون التنظيمي للمالية حاليا.

ومن بين أبرز المستجدات التي يحملها المشروع، إلزام وزير المالية بالمثول بعيد منتصف كل سنة مالية، وذلك قبل 31 من كل شهر يوليوز، أمام لجنتي المالية في غرفتي البرلمان، من أجل تقديم حصيلة مرحلية لتنفيذ القانون المالية خلال الشهور الستة الأولى من السنة، والكشف عن التوجهات الكبرى للسياسة الاقتصادية والمالية، والبرمجة العامة للدولة لثلاث سنوات.

مستجد يأتي في الوقت الذي لم تكن مقتضيات القانون الحالي تلزم الحكومة بالتواصل مع المؤسسة التشريعية و إشراكها، قبل إعداد القانون المالي، بل كانت تحصره في المناقشة والتصويت عليه خلال الأشهر الأخيرة من كل سنة، "وهو ما سيمكن المشرعين من التوفر على معطيات أولية حول الظرفية الاقتصادية التي ستحكم اختيارات الحكومة في المجال الاقتصادي و المالي" يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة المحمدية، عثمان كاير.

وفيما كان المشروع السابق الذي طُرح في 2012، يمنح لمجلس النواب مدة 40 يوما لمناقشة مشروع القانون المالي، مقابل 20 يوما لمجلس المستشارين، عاد المشروع الجديد الموزع على الوزراء ليعدّل من هذا التوزيع، مانحا النواب 35 يمما مقابل 25 يوما لمجلس المستشارين.

القانون الحالي يعطي للمجلسين مدة 30 يوما بشكل متكافئ. وفيما ينص القانون الحالي على إيداع مشروع القانون المالي بمكتب إحدى غرفتي البرلمان قبل نهاية السنة المالية بسبعين يوما على أبعد تقدير، ينص المشروع صراحة على أسبقية مجلس النواب، حيث تودع الحكومة مشروعها لديه قبل أن ينتقل إلى مجلس المستشارين.

"تمكين البرلمان من سلطة المسائلة المالية يتم حتما عبر إغناء المعطيات المقدمة للبرلمان، تبسيطها وتسهيل الولوج إليها من طرف النواب"، يقول عثمان كاير، موضحا أن المشروع يتيح ذلك عبر تمكين النواب "من تقارير تفصيلية حول جوانب لازال يلفها الغموض في القوانين المالية، والمتعلقة بتفاصيل تنفيذ تلك القوانين والنتائج المتوقعة، حتى يتسنى مقارنة الأهداف بالوسائل المرصودة". 

شارك المقال

شارك برأيك
التالي