خلصت المندوبية السامية للتخطيط في تقييمها الفصلي لأداء الاقتصاد الوطني، إلى تراجع أداء ومؤشرات مختلف القطاعات المحفزة للنمو، ويأتي على رأسها قطاع البناء والأشغال العمومية، الذي لم يتمكن خلال السنة الجارية من الحفاظ على موقعه كمحرك للنمو الاقتصادي، متأثرا بالظرفية الاقتصادية الصعبة، وبطء إنجاز مشاريع البنى التحتية.
هكذا، توصل بحث المندوبية السامية للتخطيط، والذي تُستقَى نتائجه من تصريحات مسؤولي المقاولات، إلى تراجع في أداء قطاع البناء والأشغال العمومية خلال الفصل الثالث من السنة الجارية، وذلك برأي 33 في المئة من مسؤولي المقاولات. وتُعزى أسباب هذا التراجع بالأساس، إلى انخفاض أنشطة الأشغال العمومية بتصريح 38 في المئة من أرباب المقاولات، خاصة «الأشغال البنائية الضخمة» و»الهدم والردم» و»الأشغال الأخرى المتعلقة بالبناء»، والذي استدرك جزئيا بانتعاش أداء «الأشغال المتعلقة بالهندسة المدنية» و»إنجاز الطرق والملاعب الرياضية». كما يرتبط تراجع أداء هذا القطاع الحيوي أيضا، باستقرار أنشطة البناء بتصريح 56 في المئة من أرباب المقاولات.
هذا الضعف في الأداء، أثر على وضعية دفاتر طلبيات القطاع، إذ تراجع مستوى هذه الأخيرة خلال الفصل الثالث من السنة الجارية، تُسجل نتائج بحث المندوبية، وذلك بتصريح 42 في المئة من أرباب مقاولات القطاع، وامتد هذا التراجع إلى القدرات الإنتاجية المستعملة، والتي انخفضت بأربع نقط، لتستقر في حدود 63 في المئة خلال الفصل الثالث من السنة مقارنة مع 76 في المئة المسجلة خلال الفصل الثاني، زيادة على انخفاض أعداد المشتغلين بالقطاع خلال الأشهر الثلاثة الماضية مقارنة مستواهم قبل بداية الفصل.
لكن رغم هذا التراجع، أبدى رؤساء المقاولات تفاؤلهم بعودة القطاع إلى استقرار أدائه، وذلك بتصريح 44 في المئة منهم ، مقابل 30 في المئة يترقبون ارتفاعه، مستندين في ذلك على التطور الإيجابي الذي يرتقب أن تسجله أنشطة البناء خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة، لكن ذلك لن يؤثر على فرص الشغل التي يحدثها القطاع، إذ من المنتظر أن تواصل تراجعها المسجل منذ بداية السنة الجارية.
في المقابل، امتد تراجع أداء قطاع البناء والأشغال العمومية، تسجل مذكرة المندوبية السامية للتخطيط، إلى القطاع الصناعي خاصة الصناعات التحويلية، التي تراجعت مؤشراتها بتصريح 50 في المئة من أرباب المقاولات. ويُعـزى هذا التراجع بالأساس إلى انخفاض إنتاج فرع «المنتوجات الكيماوية وشبه كيماوية» و»منتوجات النسيج وصناعة الملابس المنسوجة»، لكن هذا التراجع استدرك بانتعاش أداء القطاع الطاقي، والذي تحسن خلال الفصل الثالث من السنة برأي أغلبية أرباب المقاولات بسبب الارتفاع المزدوج الذي سجله قطاع «تكرير البترول» و»إنتاج «الكهرباء».
إلى ذلك، ينتظر أن تتحسن مؤشرات قطاع الصناعة التحويلية خلال الفصل الأخير من السنة الجارية، وذلك بتصريح 44 في المئة من رؤساء المقاولات مستفيدا من ارتفاع إنتاجية قطاع «الصناعات الغذائية» بالاساس إلى جانب «المنتوجات الكيماوية والشبه كيماوية»، لكن هذا النمو لن يشمل القطاع الطاقي، الذي من المنتظر أن يقف على تراجع أدائه متأثرا بالانخفاض المرتقب في إنتاج «الكهرباء».