أعادت لجنة الاستطلاع التابعة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان تركيب سيناريو حول الأحداث الأليمة الناتجة عن محاولة اقتحام ألفي (2000) مهاجر إفريقي السياج الفاصل بين مدينتي الناضور ومليلية المحتلة، أدى إلى وفاة 23 مهاجرا وإصابات متفاوتة الخطورة.
لجنة الاستطلاع خلال استماعها إلى ممثلي الإدارة الترابية، توصلت منهم بمعطيات ومعلومات تؤكد على التحولات التي عرفتها الهجرة غير النظامية بإقليم الناضور التي أخذت “طابعا عنيفا”.
وفي التقرير الذي أنجزته اللجنة حول “الخلاصات الأولية لمواجهات معبر مليلية المحتلة”، تم تقديمها أمس الأربعاء بالرباط، فإن سبب “العنف” الذي طبع مؤخرا الهجرة غير النظامية بالناضور يعود إلى “وصول موجة جديدة من المهاجرين ابتداء من منتصف العام الفائت”.
المهاجرون الجدد، حسب ذات الوثيقة سيطروا على بعض نقاط التزود بالماء ومنع الساكنة المحلية من استغلالها، بالإضَافة إلى تعرض بعض السكان لمُمارسات استفزازية ولبعض التهديدات.
بعد فترة من الهدوء أعقبت اقتحامات السياج الحديدي خلال شهر مارس الفائت، يضيف ذات المصدر “استأنف المهاجرون من جنسية سودانية التوافد على إقليم الناظور عبر القطارات والحافلات ابتداء من منتصف شهر يونيو الفائت”.
هذا التدفق البشري، تطلب تشديد المراقبة على وسائل النقل العمومية والطرقات، إلا أن المُهاجرين تُتابع ذات الوثيقة “شرعوا في التنقل ليلا عبر مسالك بعيدة عن المُراقبة وأصبحوا يتحركون عبر مجموعات صغيرة لا تفوق خمسة أشخاص أو التنقل فرادى للتوجه نحو نقاط محددة في الغابات”.
أمام هذا التغير الحاصل في طُرق ومسالك التوافد على إقليم الناظور، يضيف ذات المصدر “تم تكثيف عمليات التمشيط لرصد مناطق استقرار المهاجرين الذين اتخذوا مُرتفعات غابة “بوقويا” مكانا لاستقرارهم واضعين “المتاريس والأحجار في كل المسالك المؤدية لمكان وجودهم”.
غابة “بوقويا” حسب المعلومات التي استقتها اللجنة من السلطات المحلية، تم تمشيطها يوم السبت 18 يونيو 2022، من المهاجرين الذين أمطروا القوات العمومية بوابل من الحجارة ليواصلوا ذلك من قمة الجبل.
شهدت هذه المواجهة، حسب ذات الوثيقة إصابة 56 عنصرا من القوات العمومية واحتجاز 5 عناصر من القوات العمومية كرهائن بالإضافة إلى العديد من وسائل حفظ النظام كالخودات والدروع الواقية اضطرت معه القوات العمومية للتراجع والتفاوض مع المهاجرين الذين أفرجوا على أربعة رهائن بدون شروط مع احتفاظهم بالرهينة الخامسة، الذي تعرض لمس خطير لسلامته الجسدية، الذي أفرج عنه فيما بعد، بعد مفاوضات أدت كذلك إلى استرجاع معدات حفظ النظام المحجوزة.
عرفت هذه المواجهة، توضح ذات الوثيقة “تنظيما محكما ينم عن معرفة بالتكتيكات الدقيقة المتمثلة في توزيع المهام والأدوار والتمرس في أماكن وعرة للتمكن من محاصرة القوات العمومية من مختلف الجوانب، وكذا التراجع التكتيكي إلى أعلى الجبل لاستدراجها حيث يسهل محاصرتها“.
انسحب المهاجرون، بعد هذه العملية، عبر مجموعات صغيرة ومتباعدة في الزمن في اتجاه الغابات المجاورة، وتحصنوا في غابة “ازنودن” التابعة لجماعة “ايحدادن” التي تبعد حوالي 20 كلم عن مدينة مليلية المحتلة.
غابة “ازنودن” التي تتكون من مرتفعات وعرة شكلت موقعا استراتيجيا للمهاجرين ساعدهم في مراقبة كل التحركات من مسافات بعيدة.
تم القيام بعملية تمشيطية على مستوى هذه الغابة يوم الخميس 23 يونيو 2022، وهي العملية التي تمت “مواجهتها بعنف أشد خلف 116 إصابة في صفوف القوات العمومية بينها 7 حالات خطيرة”.
في اليوم الموالي (الجمعة 24 يونيو 2022) غادر حوالي 2000 مهاجر غابة “أزنودن” سيرا على الأقدام في مجموعات متفرقة ومنظمة في اتجاه مدينة مليلية المحتلة.
وصل المهاجرون إلى منطقة أولاد سالم في حدود الساعة السادسة والنصف صباحا قبل أن يواصلوا مسريتهم نحو السياج الحديدي في حدود الساعة السابعة صباحا.
تفرق المهاجرون إلى مجموعتين قصدت الأولى أحد أبواب السياج في حين اتجهت المجموعة الثانية الى المعبر الحدودي بالحي الصيني “باريو تشينو” قبل أن يتوجه الجميع صوب المعبر ليتسلقوا أسواره.
فور ولوج المهاجرين إلى باحة المعبر والتوجهه إلى الأبواب الدوارة (Tourniquets) لمدينة مليلية المحتلة ظلوا عالقين في فضاء ضيق بسبب الإغلاق المحكم لمدة ثلاث سنوات لهذه الأبواب الفاصلة بين مدينتي الناضور ومليلية المحتلة.