إذا كان القصر يساند بنكيران.. فأين المشكلة؟

14 يناير 2014 - 21:26

 حيث قال صحافي «جون أفريك» والمناضل اليساري القديم إن: «بنكيران خرج فائزا من أزمته مع حزب الاستقلال، وذلك بمساعدة القصر. لا يجب أن ننسى أن حزب التجمع الوطني للأحرار لم يكن له قرار مستقل إزاء المشاركة في الحكومة الثانية. أعتقد أن بنكيران كسب أكثر بدخول الأحرار للحكومة». وفي تفسيره لخروج شباط من الحكومة الأولى، قال حميد برادة، وهو أحد المطلعين على كواليس السياسة في المغرب: «أنا لا أرى أن شباط كان مدفوعا من قبل القصر لكي يواجه بنكيران داخل الحكومة نفسها. ليس ضروريا التسليم بهذه الرواية. أرى أن شباط يصدق عليه المثل القائل: حمقاء وقالوا لها زغرتي».

السؤال: من قال للحمقاء «زغرتي»؟ التاريخ سيجيب عن هذا السؤال. لنرجع الآن إلى الحاضر. الجميع يعرف أن حزب الحمامة الزرقاء ما كان له أن يمد حبل النجاة إلى بنكيران إذا لم يكن هناك توجه في القصر راض عن استمرار الحكومة بقيادة العدالة والتنمية، وهذا ما يعبر عنه برادة بالقول: «الملك ساعد بنكيران»، وهناك أسرار أخرى لم يكشف عنها رئيس الحكومة في علاقته بالقصر خلال الأشهر العصيبة التي عاشها بنكيران معلقا، لا هو متزوج ولا هو مطلق…

إذا كان الملك محمد السادس راضيا عن حكومته بقيادة بنكيران، الذي لم يبد أية سياسة عدائية تجاه القصر ولا تجاه اختيارات الدولة الكبرى، فلماذا تتعثر الحكومة في مباشرة الإصلاحات الكبرى؟ ومن تكون التماسيح التي يتحدث عنها بنكيران بين الحين والآخر؟

امحند العنصر، زعيم الحركة الشعبية ووزير الداخلية السابق ووزير التعمير وإعداد التراب، يقول في حوار مع مجلة «تيل كيل» في عدد هذا الأسبوع ما يمكن أن يفسر اللغز أعلاه. يقول العنصر جوابا عن سؤال المجلة: هل من الطبيعي أن يحتفظ القصر بحق المبادرة في القرارات الكبرى والأوراش الكبرى؟ يجيب العنصر: «من حيث المبدأ، الدستور واضح في ما يخص تقسيم السلطة بين المؤسسات، والدستور يعطي سلطات واسعة للحكومة وللجهاز التنفيذي، لكن رئيس الحكومة له طريقته الخاصة في التعاطي مع الأمور. لقد أكد أكثر من مرة أنه لا يرى أن عمله يمكن أن يتم كله باستقلال عن الملك». هذا المقطع يفسر جزءا من لغز تدبير القرار الحكومي اليوم. طريقة بنكيران في الاشتغال بعيدا عن الدستور وعن الصلاحيات المعطاة له هي التي تعقد اتخاذ قرارات عدة. 

مثلا، في الوقت الذي يعطي الدستور والقانون رئيس الحكومة صلاحية اتخاذ قرارات مهمة بمجرد إصدار مرسوم أو حمل مشروع قانون إلى البرلمان، يعمد بنكيران إلى إحالة هذا المرسوم أو القانون على القصر، وهذه عملية معقدة جدا في المغرب، حيث إنه في الطريق إلى القصر، ومنه إلى الحكومة، تتدخل أياد واعتبارات وحسابات وتأويلات وقراءات وآراء… أو ما يعبر عنه المغاربة بـ«يدي ويد القابلة»، وهنا يتغير كل شيء، ويضيع زمن الإصلاح…

بنكيران يعتقد أن هذه طريقته لكسب الثقة وتبديد الشك ومراكمة النقط في حساب التطبيع، لكن الواقع يقول شيئا آخر. الحكومة ستكسب ثقة القصر الحقيقية إذا ساهمت في حل المشاكل المعقدة، وجعلت الاستقرار بالمغرب، على المديين المتوسط والبعيد، آمنا بلا مخاطر كبيرة. 

الملك، أي ملك، سيحترم ويقدر حكومة ناجحة وكفؤة وقادرة على إرضاء الشارع ولجم حركاته حتى وإن كان لا يقاسمها نفس الطابع السياسي أو الإيديولوجي، خبرة الحكم وذاكرة العروش تعلم الملوك طرقا براغماتية لا مكان فيها للعاطفة في التعامل مع الأصدقاء كما الأعداء.

شارك المقال

شارك برأيك
التالي