هل يتحول المغرب إلى«خزان» غذائي لقطر؟

10 فبراير 2014 - 12:09

وقال الباحث، الذي ألف كتابا أثار الكثير من الاهتمام في فرنسا عنوانه «اللغز القطري» (l’énigme de qatar)، إن المغرب، على خلاف بلدان شمال إفريقيا الأخرى «ينعم بنوع من الاستقرار السياسي ولديه آفاق اقتصادية واعدة»، وأضاف، أثناء عرضه لمضمون كتابه أول أمس في لقاء نظمه المعهد العالي للتدبير(HEM) أن «قطر لا تثير لحد الآن أي حساسية في المغرب على عكس ما يحدث في مصر مثلا وتونس وحتى فرنسا حيث بات مجرد ذكر اسمها يثير الكثير من التوجس».

وكان تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر الشاب الذي خلف والده في يونيو الماضي، قد قام بأول زيارة للمغرب في دجنبر الماضي، وتم التوقيع خلال هذه الزيارة على أربع اتفاقيات تتعلق بالضرائب والبنية التحتية والصناعة وتمويل المشاريع التنموية في المغرب.

وقطر للتذكير من بين البلدان الخليجية الأربعة (إلى جانب السعودية والكويت والإمارات) التي تعهدت بتقديم مساعدات للمغرب تقدر بخمسة مليارات دولار ما بين 2012 و2017، أي بمعدل 1.25 مليار دولار من كل واحدة من هذه الملكيات النفطية.

وأثارت قطر، أكثر من الإمارات الخليجية الأخرى، الانتباه في السنين الأخيرة، وعزا نصري هذا الأمر إلى ما سمّاه «الرغبة في نزع الاعتراف»، خاصة وأن هذه الإمارة تبقى من حيث حجهما وعدد سكانها «دولة مكروسكوبيكية» (MICRO ETAT)، فهي من بين أصغر البلدان مساحة ولا يتجاوز عدد سكانها حوالي مليونان نسمة، 85 في المئة منهم أجانب، ولكن في المقابل فهي تتوفر على ثروة هائلة بفضل احتياطاتها من الغاز (ثالث احتياطي عالمي بعد روسيا وإيران) وتنتج حوالي مليون برميل يوميا من النفط.

ويقول الباحث، المتحدر من نواحي تازة، انتبه الأمير السابق حمد بن خليفة آل ثاني إلى أن السبيل الوحيد لبلاده الصغيرة كي تحجز لها مكانا ضمن الأمم هو التسلح بـ «القوة الناعمة» (soft power)، فانطلق، منذ انقلابه على والده في سنة 1995، في السعي وراء الحصول على هذه القوة.

وفضلا عن القوة المالية التي تمثلها «الهيئة القطرية للاستثمار»، قامت الاستراتيجية التي اعتمدها الشيخ السابق، حسب نبيل نصري، على ثلاثة محاور رئيسة: الدبلوماسية المكثفة والإعلام القوي، واقتحام المجال الرياضي والثقافي والفني.

بخصوص المجال الدبلوماسي، أشار الخبير الفرنسي ذو الأصل المغربي، إلى أن الدوحة «لا تجد حرجا» في السير على نهج قد يبدو «متناقضا» بالنسبة إلى المتتبعين، فهي لم تتردد في فتح قنوات الاتصال مع إسرائيل بعد أن حصلت على الحماية العسكرية الأمريكية بالمنطقة، واستقبلت، بعد شهور فقط، من تولي الشيخ حمد بن خليفة السلطة، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، شمعون بيريز. كما أن قطر وثقت من علاقاتها مع فرنسا في عهد الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي المثير للجدل، بعد أن ساعدته على تحقيق أول نصر دبلوماسي له في قضية تحرير الممرضات البلغارية. 

أما على الصعيد الإعلامي، فقد تسلحت قطر بقناة «الجزيرة» التي شرعت في البث في فاتح نونبر 1996، أي بعد سنة ونصف فقط، من وصول الشيخ حمد إلى الحكم، واستطاعت في ظرف سنين قليلة أن تصبح إحدى أقوى القنوات الإخبارية في العالم، ولم تكن الدوحة تتردد في استغلال هذه الذراع الإعلامية القوية لتحقيق أغراض سياسية، وإن كانت سببت لها ومازالت، الكثير من المتاعب الدبلوماسية، وخصوصا مع عدة عواصم عربية. 

أما الطريق الثالث الذي سلكته فطر للحصول على «قوتها الناعمة» حسب نصري، فيتجلى في المنتوجات الرياضية والثقافية والفنية. فمباشرة بعد وصول انقلاب حمد على والده، شرعت الدوحة في تنظيم عدد من التظاهرات الدولية الكبيرة مثل دوريات كبيرة في التنس وسباق الدرجات، كما نظمت الألعاب الأسيوية، وهي ثالث أكبر تظاهرة رياضية في العالم بعد كأس العالم في كرة القدم والألعاب الأولمبية، وتوجت سعيها بالحصول، وإن كان ذلك بطرق تحوم حولها الكثير من الأسئلة، على تنظيم كأس العالم في 2022. بالموازاة مع ذلك، وظف القطريون قدراتهم المالية الهائلة لشراء عدد من الأندية الكبيرة في كرة القدم الأوروبية مثل «باري سان جيرمان» الفرنسي، الذي يتوقع الباحث الفرنسي أن يصبح من أغنى الأندية في العالم، فضلا عن رعاية العديد من المسابقات الرياضية في الفروسية وغيرها. أما على المستوى الفني والثقافي، تعتبر قطر من أكثر البلدان في العالم إنفاقا على شراء المنتوجات الفنية والثقافية (لوحات فنية وغيرها). وفضلا عن هذا كله، يقول نصري، إن قطر تحاول أن تأخذ مسافة واضحة من السعودية فيما يتعلق بالشؤون الدينية، ولا تخفي انحيازها للإخوان المسلمين في مقابل التيار الوهابي.

بيد أن كل هذا المجهود الكبير الذي بذلته الإمارة الصغيرة في الـ18 سنة الماضية، قد يتعرض للضرر، إذا ما أصيبت بانتكاسة جديدة في سوريا، بعد تلك التي ألمت بها بمصر إثر عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي في يوليوز الماضي.

 

شارك المقال

شارك برأيك
التالي