تجاوز تونس لأزمتها السياسية يُشعِل التنافس بين المغرب والجزائر لاستمالتها

15 فبراير 2014 - 23:04

 

بمجرد انتهاء المرحلة المتأزمة سياسيا ودستوريا في تونس، ومصادقة الدولة التي انطلق منها الربيع العربي على دستور متقدّم وتشكيلها لحكومة توافق وطني؛ انطلق سباق محموم بين المغرب والجزائر لاستمالة هذا البلد المغاربي الواعد اقتصاديا. فخلال عشرة أيام، توالت الاتصالات بين كبار مسؤولي البلدين مع الحكومة التونسية الجديدة، حيث قام وفد جزائري رفيع بقيادة الوزير الأول عبد المالك سلال، بزيارة رسمية إلى تونس، قام خلالها بالمشاركة في الاحتفالات الرسمية بالمصادقة على الدستور الجديد، وترؤس أشغال الدورة 19 للجنة العليا المشتركة التونسية الجزائرية. كما قام الوفد الحكومي الجزائري، بلقاءات مكثفة مع المسؤولين التونسيين، بهدف إقناعهم بالدخول في شراكة سياسية واقتصادية استراتيجية بين البلدين.

من جانبه، المغرب، وبعدما شارك في الاحتفالات التونسية بالدستور الجديد بمستوى عال تمثل في حضور الأمير مولاي رشيد مراسيم هذه الاحتفالات، استقبل في اليومين الماضيين رئيس الحكومة التونسية الجديدة، المهدي جمعة، الذي قام بزيارة عمل رسمية رفقة وفد حكومي كبير. وخلافا للزيارة التي كان وفد من حكومة حزب النهضة التونسية قد قام بها السنة الماضية إلى المغرب، واقتصر برنامجها على لقاءات مع نظرائهم الوزراء المغاربة؛ تميّزت زيارة جمعة ووزرائه الأخيرة إلى المغرب، باستقبال ملكي رسمي حافل بالقصر الملكي بالرباط، تلاه تنظيم الملك محمد السادس حفل عشاء رسمي على شرف ضيوفه التونسيين، حضره رئيس الحكومة عبدالإله بنكيران.

مصادر مطلعة على كواليس الدبلوماسية وأداوتها الخفية، قالت لـ» اليوم24» إن الجزائر تعمل بإصرار غير مسبوق، على احتواء تونس الآخذة في التحوّل سياسيا، وإقناعها بالتخلي عن موقفها الحيادي إيجابيا في ملف الصحراء. المصادر نفسها، قالت إن تحركات جزائرية مكثفة وغير مسبوقة، حملت التونسيين إلى إبداء اهتمام وصفته هذه المصادر بـ»الغريب» بملف الصحراء، تمثل في إطلاق عدة مبادرات وتصوير أفلام وثائقية، بل وصل الأمر إلى غاية تسجيل حضور الهلال الأحمر التونسي في مخيمات تندوف. الجزائر تسعى إلى إقناع تونس بكون تقاربهما السياسي سيفضي إلى فوائد اقتصادية لبلاد قرطاج، من بينها وعود بتدفّق مليوني سائح جزائري على تونس، وحصول هذه الأخيرة على دعم مالي كبير مصدره المخزون الكبير لدى الجارة الشرقية من عائدات الريع النفطي.

استضافة المغرب لمسؤولي الحكومة التونسية الجديدة، تزامن مع إعلان المغرب موافقة الملك محمد السادس بصفته أميرا للمؤمنين، على تقديم المساعدة لثلاث دول هي: تونس، ليبيا وغينيا، في مجال تدبير الحقل الديني. فيما أكد الملك محمد السادس شخصيا لمهدي جمعة، «الاستعداد التام للمملكة لتعميق التعاون بين البلدين الشقيقين في جميع الميادين، وتعزيز التشاور، بما يساعد على انبثاق نظام مغاربي جديد، قائم على قيم الاحترام المتبادل والتضامن والانفتاح الديمقراطي وتحرير الطاقات، بما يعود بالنفع على الشعوب المغاربية الخمسة»، حسب ما جاء في بلاغ للديوان الملكي. إشارة إلى الاتحاد المغاربي، تعيد إلى الأذهان المبادرة الجادة التي كان الرئيس التونسي منصف المرزوقي، قد قام بها قبل حوالي سنتين، لعقد قمة مغاربة، لكن المبادرة فشلت بسبب عراقيل جزائرية.

 

شارك المقال

شارك برأيك
التالي