هذا، وخلفت هذه المواقف ردود فعل متباينة، داخل الحزب بين مؤيد ومتحفظ. شباط كان أول من بادر إلى الدعوة إلى وقفة احتجاجية أمام مقر السفارة الفرنسية بالرباط، وهي من الوقفات النادرة ضد فرنسا في المغرب، بحكم العلاقات التي توصف بـ»المتينة» بين البلدين.
ويوم الجمعة الماضي، خرج شباط بتصريحات أكثر حدة ضد فرنسا، خلال رده على تساؤلات المواطنين على الإنترنت، ضمن لقائه الأسبوعي الذي يحمل عنوان، «مع الشعب»، حيث اعتبر أن فرنسا هي التي تسببت في المشكلات المفتعلة بين المغرب والجزائر. بالنسبة إلى شباط، فإن «المشكلة بين المغرب والجزائر مفتعلة من طرف المستعمر الفرنسي لأن فرنسا كانت تضم أراضي مغربية إلى الجزائر معتقدة أن هذه الأخيرة لن تحصل على استقلالها وستبقى تابعة لفرنسا»، مذكرا أراضي من قبيل «تندوف وكولومبشار والقنادسة، وتدكلت وبعض المناطق». وعلق قائلا: «إن مسؤولية فرنسا كبيرة، ولهذا علينا مراجعة حساباتنا معها». وفي هذا السياق، اقترح شباط التراجع عن اعتبار اللغة الفرنسية «لغة رسمية» على حد قوله، وقال بتهكم «في فرنسا تعد الإنجليزية هي اللغة الرسمية في حين يعتبر المغرب الفرنسية هي لغته الرسمية». وقال «إن اللغة الرسمية للمغرب هي العربية والأمازيغيية، أما اللغة الإنجليزية فسنعمل على أن تكون هي الثانية، وباقي اللغات الأخرى لغات متساوية».
شباط أشاد بالوقفة التي دعا إلى تنظيمها أمام السفارة الفرنسية بالرباط، الأسبوع الماضي، وقال إن الوقفة الاحتجاجية، عكست تضامن المجتمع مع الحزب في مواقفه، وأنها تعكس «إخلاصا للمبادئ والقيم والوطن، ودفاعا عن الكرامة». منتقدا الفرنسيين الذين «يعتبرون أنفسهم فوق الجميع».
« اليوم24»، سألت قيادات في حزب الاستقلال حول خطة شباط لفتح معركة مع فرنسا، بسبب قضية، استدعاء الحموشي، فأبدى بعضهم تحفظا، فيما بررها آخرون، وفي هذا الصدد، قال قيادي فضل عدم ذكر اسمه، «شباط تطغى عليه الشخصية النقابية وصعب التحكم في مواقفه»، محذرا من جر الحزب إلى معارك غير محسوبة، لكن قيادي آخر، هو عبد القادر الكيحل، عضو اللجنة التنفيذية للحزب، لم يعتبر ما صدر عن شباط أمرا جديدا، وقال «كل ما عبر عنه شباط موجود في أدبيات حزب الاستقلال»، مضيفا أن «إثارة قضية الصحراء الشرقية، ليس أمرا جديدا، فقد سبق أن أثرناها أكثر من مرة». وبخصوص مدى جدية الدعوة إلى تعويض اللغة الفرنسية بالإنجليزية، يرى الكيحل، أن حزب الاستقلال تاريخيا يدافع عن التعريب، وقال «إذا كان المغرب قد اعتمد اللغة الفرنسية، بسبب الاستعمار، فإن هذه اللغة اليوم أصبحت متخلفة على المستوى العالمي».
وفي تحليل خلفيات هذه المواقف، يرى عمر بندورو، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، أن إثارة حزب الاستقلال لقضية الصحراء الشرقية، لا يخلو من لغة سياسوية، وقال «المغرب صادق على اتفاقية الحدود مع الجزائر واعترف بالأراضي الحالية للجزائر ولهذا لا معنى لدعوات حزب الاستقلال». أما بخصوص تصعيد حزب شباط ضد فرنسا، فيرى بندورو، أن المشكلة التي اندلعت بسبب الشكاية ضد عبداللطيف الحموشي، مدير الديستي، كان يجب حلها بالمفاوضات وبالطرق الدبلوماسية، وليس بالتصعيد، وذلك «نظرا إلى دور فرنسا في دعم المغرب في المحافل الدولية، خاصة القضية الوطينة، قضية الصحراء».