في سابقة نادرا ما تحدث، صوتت أغلبية أعضاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف لعدم مناقشة تقرير نشرته المفوضية السامية لحقوق الإنسان نهاية شهر غشت الماضي، يدين الصين ويتهمها بارتكاب انتهاكات في حق أقلية الإيغور المسلمة قد تصل لما يشبه جرائم ضد الإنسانية.
وسائل الإعلام الغربية، تطرقت إلى موضوع التصويت، ووقفت بشكل خاص على كون كل البلدان العربية والإفريقية صوتت لتأييد التخلي عن مناقشة هذا التقرير في دورة المجلس القادمة، متسائلة لماذا تقدم البلدان الإسلامية والإفريقية، كل مرة، طوق النجاة، لمنع إدانة الصين، بسبب انتهاكها لحقوق أقلية الإيغور المسلمة، واصفة هذا الموقف بالمفارقة التي يحتاج فهمها إلى تمحيص وتحليل.
طفا هذا الموضوع مجددا على السطح بعد قيام مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، بزيارة للصين مؤخرا، وإشارة تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية في شهر يونيو الماضي، إلى إخضاع الإيغور إلى أعمال شاقة، وإدانته الشديدة للأوضاع الاجتماعية لهذه الأقلية، مع تعالي أصوات المنظمات الدولية غير الحكومية المنددة بحجب المفوضة السامية لحقوق الإنسان لتقرير طال انتظاره حول أوضاع حقوق الإنسان في هذا الإقليم.
حوالي عشر دول، بما فيها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وكندا وأستراليا ودول أوربية، كانت قد طلبت من المجلس تنظيم مناقشة حول منطقة الأويغور، في شمال غرب الصين، غير أنه لم يتم اعتماد مشروع القرار، إذ حصد 17 صوتا لصالحه فقط، فيما صوتت 19 دولة ضده وامتنعت 11 دولة أخرى عن التصويت.
إلى جانب الصين، الدول الأخرى التي صوتت ضد مشروع القرار هي: بوليفيا، الكاميرون، كوت ديفوار، كوبا، إريتريا، الغابون، إندونيسيا، كازاخستان، موريتانيا، نيبال، ناميبيا، باكستان، قطر، السنغال، السودان، الإمارات العربية المتحدة، أوزبكستان وفنزويلا، فيما امتنعت دول مثل أوكرانيا والهند والبرازيل وليبيا عن التصويت.
تتنوع أشكال الدعم التي تقدمها العديد من البلدان الإسلامية والإفريقية إلى الصين فيما يتعلق بملف حقوق الإيغور، ويظهر الخط الفاصل بين المدافعين عن السياسة التي تقودها الصين في إقليم شينجيانغ ومنتقديها بالأساس خلال اجتماعات الهيئات التابعة للأمم المتحدة كمجلس حقوق الإنسان في جنيف، والجمعية العامة في نيويورك.
ففي 14 يناير 2022، ونقلا عن وكالة أسوشايتد برس “أعرب وزراء خارجية بلدان الخليج والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عن دعمهم القوي للمواقف المشروعة للصين بشأن القضايا المتعلقة بتايوان وشينجيانغ”، وكشف متحدث صيني، بحسب المصدر نفسه، أن “مجلس التعاون الخليجي يعارض التدخل في الشؤون الداخلية للصين، وتسييس قضايا حقوق الإنسان”.
وفي 22 أكتوبر 2021، دافعت 62 دولة معظمها بلدان إسلامية وإفريقية من بينها المغرب عن ممارسات الصين تجاه أقلية الإيغور المسلمة في إقليم شينجيانغ الواقع شمال غرب البلاد، حيث جاء في بيان وقعته البلدان الاثنان والستون أنها “تعارض المزاعم التي لا أساس لها ضد الصين بدوافع سياسية قائمة على التضليل الإعلامي والتدخل في الشؤون الداخلية للصين بحجة حقوق الإنسان”، وشددت في هذا البيان الذي كان من بين أبرز الموقعين عليه مصر والمملكة العربية السعودية وباكستان والمغرب على “وجوب التزام كل الدول بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والحياد والموضوعية”.
الاتجاه نفسه ترجمه الموقف المعبر عنه في يونيو 2020، حيث صوتت 25 دولة إفريقية داخل مجلس حقوق الإنسان بجنيف تأييدا لإقدام الصين على سن قانون الأمن القومي في إقليم هونغ-كونغ، الذي وضع حدا للحكم الذاتي لهذا الإقليم، وفرض عقوبات صارمة على المعارضة السياسية هناك.