أثار وزير النفط والغاز الليبي محمد عون، جدلا واسعا في البلاد مؤخرا بعد إعلانه في مؤتمر صحفي بطرابلس، أن وزارته قدمت دراسة لحكومة الوحدة الليبية بشأن خط الغاز النيجيري المقترح إلى أوربا، وهو المقترح الذي رأى فيه مراقبون منافسة للمقترح المغربي لنقل الغاز النيجيري لأوربا، وسط تباين في الآراء حول مدى تمكن ليبيا من تنفيذ هذا المقترح حتى لو كان أقل تكلفة من المشروع المغربي.
ويقول موسى تيهوساي عضو المكتب السياسي لحزب التغيير الليبي والباحث في الشؤون الإفريقية، “إن المقترح الليبي يعد أقل تكلفة مقارنة مع أي خط غاز آخر من نيجيريا إلى أوربا بمسافة لا تتجاوز 3 آلاف كيلو، ورغم أنه مشروع طموح لكنه مستحيل التنفيذ في الوقت الراهن لعدة أسباب أقلها الاضطراب السياسي الحالي الذي تعيشه ليبيا”.
ومن غير الممكن حسب تيهوساي أن تسمح بعض الأطراف الدولية بمثل هذا المشروع، خصوصا روسيا التي تتخذ من الطاقة أداة فعالة في صراعها مع الغرب، حيث تمتد على كل المنطقة التي سيمر عليها الخط، ولا تحتاج روسيا الكثير حتى تخلق حالة رفض داخلي تستبعد الفكرة وتجعلها عديمة الجدوى ومجرد هدر للمال العام.
في المقابل، يرى الباحث في الشؤون الإفريقية أنه كان أقرب للحكومة في ليبيا استكمال مشورع المنطقة الحرة في سبها، وهي بوابة استراتيجية نحو إفريقيا ويمكن أن تحل الكثير من المشاكل بما في ذلك مسألة الهجرة، ناهيك عن خلق مئات فرص العمل وازدهار المنطقة الجنوبية تنمويا.
يشار إلى أن دراسة الحكومة الليبية تقترح عبور الأنبوب من النيجر بدل تشاد، وأوضح الوزير الليبي في تصريح صحفي أنه ستجرى دراسة معمقة في غضون ستة أشهر، وبدأت بين مسؤولين ليبيين ونيجيريين مباحثات استكشافية حول جدوى هذا المشروع، على هامش اجتماع “منظمة منتجي البترول الأفارقة” في شتنبر، والتي تضم 16 دولة من إجمالي 55 عضوا في الاتحاد الإفريقي.
ورغم الأوضاع الأمنية غير المستقرة التي تعاني منها ليبيا، إلا أنها تراهن على ميزة أفضلية مرور أنبوب نقل غاز نيجيريا عبرها نحو أوربا، لكون المسافة بين آبار الغاز في نيجيريا نحو الأسواق الأوربية تقل بألف كلم على الأقل، بحسب وزير النفط الليبي محمد عون، مقارنة بمشروعي أنبوبي الغاز المارين عبر الأراضي الجزائرية أو المغربية، دون أن يذكر طوله، ولكن من المرجح أنه في حدود 3 آلاف كلم.
لكن ليبيا أمامها تحديات كثيرة لتحقيق هذا المشروع، فليست الجوانب الأمنية ما تعوقه، بل هناك أيضا الجوانب المالية والتكنولوجية والسوق، واستقرار أسعار الغاز، وعامل الوقت المرتبط بتحول الدول الأوربية نحو الطاقات المتجددة والوصول إلى الحياد الكربوني في آفاق 2050.
وكان المغرب قد وقع قبل أسابيع اتفاقية متعلقة بإنشاء خط أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، في الرباط، ممهدا الطريق لتزويد غرب إفريقيا وأوربا بالطاقة، في الوقت الذي تقول نيجيريا إن خط أنبوب الغاز الذي يربطها بالجزائر بدأ العمل فيه فعلا وتجاوزت نسبة إنجازه 40 في المائة.
ومن المتوقع أن يضمن خط الأنابيب البالغ طوله 5600 كيلومتر إمدادات بالغاز للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو) التي تضم 15 دولة، والتي وقعت أيضا على الاتفاقية، بالإضافة إلى إسبانيا وباقي دول أوربا.
وسيمتد خط أنبوب الغاز الاستراتيجي المغربي النيجيري، الذي يعد ثمرة رؤية الملك محمد السادس والرئيس النيجيري محمدو بوهاري، على طول ساحل غرب إفريقيا من نيجيريا، وسيمر عبر البنين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا وصولا إلى المغرب.