تجارة الموت

18 مارس 2014 - 17:49

 وأخيرا ستعلق الجزائر الميدالية الذهبية وسيعلق المغرب الميدالية الفضية، وسيعزف نشيد البلدين رغم أن الحدود بينهما مغلقة منذ عشرات السنين، ورغم أن كل واحد من البلدين يضيع على نفسه %1.5 من نسبة النمو كل سنة لأنه اختار أن يدير ظهره لجاره ولا يسمح سوى للحمير التي تهرب المحروقات من الجزائر إلى المغرب من العبور نحو الحدود.

هذه البشرى ليست إشاعة.. إنها خبر صحيح، وإليكم التفاصيل: «كشف معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، المختص في رصد تجارة السلاح حول العالم في تقريره الجديد الصادر يوم أمس، أن الجزائر احتلت المرتبة الأولى في إفريقيا في شراء الأسلحة خلال الفترة الممتدة من 2009 إلى 2013، وأن المملكة المغربية أتت في المرتبة الثانية في القارة الإفريقية متقدمة على أكثر من 50 دولة».

تريدون تفاصيل أكثر حول تصنيف الإخوة الأعداء على قائمة تجارة الموت في العالم؟ تفضلوا… الجزائر وبفضل المليارات التي تدخل إلى صناديقها من الغاز والبترول، صارت سابع أكبر زبون لمعامل السلاح في العالم وكأنها تخوض حربا عالمية ثالثة، في حين يحتل المغرب المرتبة العاشرة من حيث قيمة الشيكات التي يوقعها كل سنة لتجار السلاح، هذا، في الوقت الذي يوجد فيه البلدان معا في ذيل الترتيب العالمي على قائمة التنمية البشرية ودولة الحق والقانون والشفافية ومحاربة الفساد وبيئة الأعمال والاستثمار…

مزودو المغرب من السلاح هم فرنسا والصين وأمريكا وإسبانيا، أما مزودو جارتنا الجزائر فهم روسيا وفرنسا وأمريكا والصين وإسبانيا… هذا معناه أن الدول الكبرى المصدرة للسلاح تبيع للجميع، ولمن يدفع أكثر من فاتورة التعليم والصحة والطرق وجودة العيش.

يسخر الفنان الفرنسي كولوش من الدول التي تدعي الحياد وهي تبيع السلاح للجميع فيقول: «الدولة المحايدة هي الدولة التي لا تبيع السلاح لدولة أخرى في حالة حرب.. إلا إذا كان الدفع كاش» (s’il paie cash).

إن سياسة العداء والحرب الباردة بين المغرب والجزائر هما اللذان يدفعان البلدين نحو الجري وراء شراء السلاح.. سلاح لن يستعمل، وحتى إذا استعمل بين الجارين لا قدر الله في حرب مفاجئة فلن يغير شيئا من موازين القوى ولا من الحدود الجغرافية ولا من أي شيء.. فقط سيدمر مقدرات البلدين، إما عن طريق حرب ساخنة لا تدوم لأسابيع، أو حرب باردة تمتد إلى عقود…

إن هذه الأرقام تصلح وثائق لإدانة نخب الجزائر والمغرب.. نخب ما بعد الاستقلال التي لم تنجح في خياطة جلباب الوحدة المغاربية رغم كل القواسم المشتركة الموجودة بين شعوب المنطقة.

إذا صارت المنطقة غابة فليس شرطا أن نصير جميعا وحوشا كاسرة،  نبحث عن أكثر الأسلحة فتكا ودمارا. «اسطوب».. اتركوا الجزائر تسابق نفسها في حلبة الموت هذه. ليتجه المغرب نحو سلاح العلم والمعرفة والديمقراطية والتنمية والاقتصاد الذي له أسنان أقوى من نيران المدافع والصواريخ والطائرات…

 

شارك المقال

شارك برأيك
التالي