كان خالد السكاح، البطل العالمي واﻷولمبي السابق، سعيدا جدا وهو يبلغ « اليوم24»، صباح يوم (الأربعاء)، بأن الحكم الصادر لفائدته من محكمة الاستئناف بالعاصمة الفرنسية باريس، الدائرة المختصة في قضايا الترحيل، صار نهائيا، مشيرا إلى أنه تسلم، أخيرا، جواز سفره، وصار حرا طليقا.
السكاح، الذي اتصل بـ»اليوم24»، من هاتفه الخاص، مباشرة من محكمة الاستئناف بالعاصمة الفرنسية باريس، أوضح بأن القرار القاضي برفض ترحيله إلى النرويج، مثلما كان القضاء النرويجي يؤمل، حتى يحاكم في أوسلو بتهمة احتجاز طفليه، وإهانة مسؤولين نرويجيين سامين، كان في محله، وأثبت حيادية وسيادية القضاء الفرنسي، مضيفا:»أعتقد أن القضاء الفرنسي ناقش قضيتي بكل احترافية، والحمد لله، اﻷمور أخذت مجراها الذي كنا نرجوه، واﻵن صرت أتمتع بحريتي».
بالنسبة إلى السكاح، الفائز بذهبية أولمبياد برشلونة لسنة 1992 في سباق العشرة آﻻف متر، القرار النهائي للقضاء الفرنسي بقدر ما يعد انتصارا للحق، فهو يشكل هزيمة نكراء للجهات التي حاولت أن تلفق له تهم لا أساس لها من الصحة، في مقدمتها احتجاز طفليه، ومنعهما من السفر، والاعتداء على سفير النرويج في الرباط، بل وأيضا الإساءة إلى وزير الخارجية النرويجي، مع أن القضية اﻷصلية ليست هذه بالضبط، يقول السكاح، ثم يضيف:»القضية الحقيقية هي انتهاك حرمة أسرة، وبلد، واختطاف طفلين من طرف أجهزة مسخرة، وتعريض حياة قاصرين للخطر، هذه هي القضية، وهنا مربط الفرس».
نهابة سعيدة لسباق عسير ومثير…
مثلما شبه السكاح قضيته، في حديث سابق مع « اليوم24»، بالماراثون، فقد عاد ليسميها كذلك، وقال:»أظن أن السباق انتهى اليوم، ومع ذلك علي أن أكون حذرا، ﻷنني لم أكن إزاء مواجهة سهلة، ومع طرف في المتناول، بل كنت في مواجهة خصم خطير جدا، حاول اللعب على التمويه، لعله يغطي على فضيحة كبيرة تتمثل في الاختطاف، واليوم علي أن أقدم على إجراءات احترازية، حتى أكون في منأى عن أي اعتداء، أو أي تلفيق جديد، ذلك أن الجهات اﻷخرى لن تهضم الهزيمة بسهولة، وأنا أؤكد للجميع، عبر منبركم هذا، أنني لست ضد أي كان، ولا أرغب في الانتقام، حتى إذا ما تعرضت ﻷي مكروه، فأظن أن الذي فعله سيكون معروفا لدى الجميع».
البطل السابق أوضح لـ» اليوم24» أن المسألة ليست بسيطة، ﻷنها تتعلق بصراع مرير، انتهى بتفوقه على جهات كانت ترى نفسها دائما هي اﻷقوى، وأن يدها طويلة، ويمكن أن تطوله في أي وقت وأي مكان، وبالتالي فاﻵن هي ستفكر ولا شك في طريقة لرد الاعتبار للهزيمة، وهذا يحتم عليه أن يقدم على إجراءات قانونية معينة حتى يكون دائما في مأمن، إلى أن يعلن الطرف اﻵخر تخليه عن كل رد فعل، موضحا أن القضية بالنسبة إليه أيضا صارت منتهية.
خالد السكاح أشار، في حديثه، إلى أن مجيئه إلى محكمة الاستئناف بالعاصمة الفرنسية باريس، أول أمس، كان ﻷجل الحصول على منطوق الحكم النهائي، وأن اﻷمور مرت بسلام، وبسلاسة، وما أن حصل على جواز سفره حتى فكر في العودة إلى المغرب، ثم أضاف:»نعم فكرت في العودة إلى المغرب، ولكنني سأكون مضطرا للذهاب والمجيء أكثر من مرة، حتى أتمم الإجراءات الاحترازية، وحينها سأواصل حياتي بكل بساطة، رياضيا كما كنت، إلى أن أموت رياضيا».
السكاح: أثبتت لطفلي أنني أب مثالي..
يرى خالد السكاح، أحد أبرز عدائي العدو الريفي في التاريخ، بفوزه ببطولتين عالميتين متتاليتين 1990 و1991، أنه أثبت لطفليه سلمى وطارق أنه أب مثالي، وقال:»لو كنت أبا أنانيا لتخليت عن طفلي حالما تم اختطافهما، ولما جابهت قوة غاشمة خطيرة تتمثل في أجهزة هلامية استعملت كومندوها مسلحا لتنتزع مني طفلي. اﻵن أشعر بالارتياح، فطفلي لم يعودا قاصرين، ولهما كامل الحرية في التصرف، وسيعرفان أن أباهما لم يتخل عنهما، بل ناضل ﻷجلهما، وقاسى كثيرا كي يؤكد لهما، ومنذ سنوات، أنه لو شاء لذهب يبحث عن العيش الرغيد، دون أن يتعب نفسه بالسؤال عنهما، والبحث عن سبل استرجاعهما إلى حضنه».
البطل السابق، الذي انتخب قبل سنوات رئيسا لعصبة فاس بولمان ﻷلعاب القوى، أكد أن مشاعره تجاه طفليه لن تتغير أبدا، وقال:»أنا أب، وأعرف أن طفلي استعملا بشكل سيء ضدي، في قضية لا يد لهما فيها إطلاقا، بل إنهما تعرضا للاختطاف بطريقة هوليودية، وكان ممكنا جدا أن يصابا أثناء ذلك بمكروه. ورغم كل شيء فأنا سأظل أكن لهما كل الحب، وسأظل أتمنى لهما حياة سعيدة جدا، ﻷن مشاعري تجاههما لا يمكنها أن تتغير البتة. لقد تربينا في المغرب تربية أصيلة، «تربية قديمة»، أساسها أن «الإنسان كيموت على بلادو ولا على وﻻدو»، وأنا ولله الحمد أعطيت بلدي الكثير بفضل ألعاب القوى، وعندما جاءت المناسبة ﻷثبت لطفلي أنني أحبهما، أعطيت أيضا الكثير، وكنت مستعدا للموت من أجلهما. نعم مررت بظروف سيئة للغاية، وبلحظات خارت فيها عزيمتي، ولكن بفضل الله واصلت بصبر، «وربي مخيبنيش»، في النهاية انتصر الحق على الباطل»، وهذا درس كبير، ﻷنني كما ظللت أقول لكم منذ البداية لم أكن أدافع عن نفسي فقط، بل عن المغرب وعن المغاربة، حتى لا يحتقرنا أحد، وحتى يعرف العالم أننا لا نتخلى أبدا عن حقنا، مهما كان الطرف الظالم قويا، أو يظن نفسه كذلك».
البطل: لم أكن لوحدي في الصراع
لم ينس خالد السكاح، وهو يتنسم رياح الحرية، يوم (الأربعاء)، بعد حوالي سنة من اعتقاله في مطار أورلي بالعاصمة الفرنسية باريس، على خلفية مذكرة بحث دولية صادرة في حقه من النرويج، من وقفوا إلى جانبه في المحنة، وقال لـ»اليوم24»:»يتعين علي اليوم أن أتوجه بالشكر إلى كل المغاربة، سيما من وقف منهم إلى جانبي، ولو بكلمة طيبة، أكانوا في المغرب أم في فرنسا، حيث لقيت معاملة طيبة من الكثيرين، عندما كنت في أمس الحاجة إلى الدعم، وخاصة في الأيام الأولى، التي مرت عصيبة للغاية، وأصبت خلالها بإحباط كبير».
البطل العالمي السابق، الذي كان يعود في كل مرة أثناء الحديث معه ليلح على أن قضيته ليست عائلية بحثة، كما حاول الطرف الآخر تسويقها، بقدر ما هي قضية دبلوماسية سياسية، متشعبة كثيرا، وأن أجهزة خفية في النرويج هي التي ينبغي أن تخضع للمحاكمة وليس خالد السكاح، أوضح قائلا:»يتعين علي أيضا أن أتوجه بالشكر إلى القضاء في المغرب وفي فرنسا، في المغرب لأنه كان نزيها معي، وهيأ لي كل السبل التي أسهمت في حريتي، وفي فرنسا لأنه كان حياديا، وأبدى نزاهة مطلقة، واتسم قراره بالمنطقية»، مضيفا:»هناك أيضا رجال خفاء، هم يعرفون أنفسهم جيدا، يتعين علي أن أشكرهم كثيرا على وقوفهم إلى جانبي في محنتي، التي أكرر للمرة الألف أنني دافعت فيها عن المغاربة، بما أن قضيتي تقع مثيلات لها كل يوم، غير أن البعض، بالنظر إلى ظروفه الخاصة، لا يصل إلى حل، ويقهره الظلم، وينتظر طويلا دون أية نتيجة. بالنسبة إلي أنا شخصية عمومية معروفة، وهذا ساعدني كثيرا، فضلا عن أنني قررت منذ البداية أن أناضل إلى آخر رمق، والحمد لله، الآن أحس أنني حققت، بفضل الله، وبمساندة الكثيرين في المغرب وهنا في فرنسا، ما سعيت لأجله، وسأظل أحب طفلي، متمنيا لهما حياة سعيدة».