اليزمي يروض الثعبان دون أن يزيل سمه

20 يونيو 2014 - 21:12

 مرافعة قوية للدفاع عن مبادئ حقوق الإنسان وأجندة النهوض بتحديات كبيرة أجملها اليزمي في ثلاث أولويات، وهي:

-1 القضاء على التمييز ضد النساء والفئات الهشة في المجتمع.

-2 حماية الحريات العامة، وفي مقدمتها حرية التظاهر والصحافة وتأسيس الجمعيات.

-3 توفير شروط المحاكمة العادلة أمام القضاء، والوقاية من التعذيب، وإنهاء سياسة اللاعقاب.

لم يمر رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان «مرور الكرام» من تحت قبة البرلمان. لقد ألقى قنبلة كبيرة أمام نواب الأمة ورئيس الحكومة ووزير العدل. لقد قال بشكل واضح لا لبس فيه: «إن السلطات العمومية مست الحق في الحياة بالنسبة إلى كمال العماري في آسفي، ورشيد شين في أسا».. وهذا معناه أن رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان يعترف، أمام وزارتي الداخلية والعدل، بأن الدولة مسؤولة عن قتل اثنين من رعاياها، وهذا معناه أن الأبحاث الذي قامت بها وزارة الداخلية والنيابة العامة، بخصوص التحقيق في هاتين الجريمتين، لم تصل إلى جوهر العدالة، ومن ثم فإن كلام اليزمي يدين ليس فقط من حمل عصا وهوى على رأس مواطنين مغربيين ونقلهما إلى القبر. إنه يدين كذلك النيابة العامة التي لم تصل إلى نتيجة إلى الآن في التحقيق مع المتهمين بقتل العماري ورشيد شين.

كيف استطاع المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن يصل بإمكانياته «المحدودة» إلى التحقيق في وفاة مواطنين، وأن يأتي بجواب جازم حول ظروف مقتلهما، ولم تستطع ذلك الشرطة القضائية والنيابة العامة ووزارة العدل، التي تنتمي إلى حكومة أعلنت، قبل أسابيع، أنها اتخذت قرار التفاعل مع توصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان؟

ألم أقل لكم إن تقرير المجلس كان جريئا…

هذا مجلس أمامه، مع ذلك، أشواط طويلة لكي يخرج من عباءة المجلس الاستشاري السابق، وأن يتحلى بجرأة أكبر وتفاعل أسرع مع الانتهاكات اليومية التي تعرفها حقوق الإنسان من قبل السلطات العمومية و«الجماهير الشعبية» على حد سواء، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن تركيبة المجلس تحتاج إلى مراجعة في الولاية المقبلة. إن هناك تفاوتا كبيرا في أداء أعضاء المجلس وعدد من الملحقين الذين يتصرفون كموظفين وليس كحقوقيين، فهناك من يعيش لحقوق الإنسان وهناك من يعيش من حقوق الإنسان.

رأس المغرب في مجال حقوق الإنسان مثل الأصلع، أينما ضربته يسيل دمه، والخصاص كبير في بلاد لم تعرف حقوق الإنسان إلا حديثا. بلاد لم تنجز انتقالها الديمقراطي بعد، وهي تحاول أن تصلح سلوك السلطة اليوم بدون توتر، ودون صراع، ودون حسم في الاختيار الديمقراطي… إنها مهمة صعبة، مثل شخص يروض ثعبانا دون إزالة سمه، ويحاول أن يقنعه طوال اليوم بأن هناك حياة أخرى ومصالح أخرى وأوضاعا أخرى يمكن أن يحافظ بها الثعبان على نفسه دون استعمال سمه، وأن المبالغة في عض الآخرين قد تعطي نتائج عكسية تماما.

شارك المقال

شارك برأيك
التالي