تحليلات غيبية وأخبار مضللة عن زلزال تركيا ترفع حدة الذعر في الشرق الأوسط

09 فبراير 2023 - 23:30

منذ الساعات الأولى لوقوع الزلزال المدمر الذي أتى على مساحات واسعة من تركيا والشمال السوري، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم تحليلات غيبية وشائعات مضللة زادت من حدة الذعر لدى سكان بلدان عدة في الشرق الأوسط، على وقع اهتزازات أرضية متواصلة ومشاهد مروعة من المناطق المنكوبة.

فبعد وقت وجيز على اهتزاز الأرض في دول عدة من الشرق الأوسط فجر الاثنين، ومع بدء تردد الأنباء الأولية عن زلزال في تركيا بقو ة 7,8 درجات، احتلت المنشورات عن الزلزال وأسبابه وتداعياته وإمكان وقوع زلازل أخرى مساحات مواقع التواصل باللغة العربية وبلغات عدة حول العالم. واستمر الحال على هذا النحو على امتداد الأيام الثلاثة التالية.

من أبرز المنشورات التي ضجت بها مواقع التواصل، ولا سيما في دول الشرق الأوسط، تلك التي ذهبت إلى تفسيرات دينية وغيبية لهذه الظاهرة الطبيعية.

ففيما سارع علماء مسلمون، على غرار الشيخ المصري عبد الله رشدي أو اللبناني سامي خضرا أو الكاتب السوري عبد الدائم كحيل، للحديث عن عقاب إلهي أو لاستحضار أحاديث منسوبة للنبي محمد عن “قيام الساعة” أو نهاية العالم، ذهبت صفحات مسيحية للحديث عن نبوءات لقديسين عن “اختفاء تركيا” عن الخريطة، أو إلى استحضار ما نقل عن المسيح في إنجيل لوقا عن خراب أورشليم وحلول “يوم الرب ” الذي يصفه الكتاب المقدس بأنه “يوم عظيم ومخوف”.

وذهب البعض أيضا لاعتبار ما جرى عقابا لتركيا على تحويلها آيا صوفيا إلى مسجد، وبعد ساعات قليلة على وقوع الزلزال خاطب مستخدم لموقع “تويتر” الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قائلا “يا إردوغان، أعد كنيسة آيا صوفيا مثل ما كانت في التاريخ”.

في سياق مشابه، سارع الكاتب الإسرائيلي إيدي كوهين لتفسير ما جرى بأنه “غضب الرب ” على تركيا بسبب مواقفها السياسية، مستحضرا هو أيضا نبوءات من سفر إرميا من الكتاب المقدس العبري عن خراب دمشق، فيما كانت النقاشات دائرة على مواقع التواصل باللغة العبرية حول ما إن كانت هذه الزلازل علامة على اقتراب ظهور المسايا (المسيح اليهودي).

إزاء ذلك، نشر رجل الدين اللبناني المسلم ياسر عودة، المعروف بآرائه الدينية المعتدلة، فيديو وصف فيه هذه التفسيرات الدينية للكوارث الطبيعي ة بأنها “إساءة لله وتصويره كأنه إنسان يريد أن ينتقم بشدة من الناس فيقتل الأطفال والنساء ويهدم البيوت”. وكذلك علق حساب يحمل اسم “الكنيسة الأرثوذكسية من القدس” على هذه التفسيرات بالقول “من الأفضل في هذه المحن أن يفعل الإنسان ثلاثة أشياء فقط: أن يصمت، أن يصلي، وأن يساعد”.

وردا على ما قيل على مواقع التواصل العربية بأن ما جرى في تركيا وسوريا كان عقابا إلهيا قال ياسر عودة المعروف بمواقفه الحادة من النظام السياسي اللبناني وأحزابه الطائفية “لو كان عقابا من الله لكنا في لبنان أولى به، لأننا نعيد انتخاب حكامنا السارقين”.

من جهة أخرى، وفي رد غير مباشر على التفسيرات الغيبية للزلزال، نشرت صفحة “ربنا يطورنا كلنا” المصرية الواسعة الانتشار، والمعنية بتقديم مادة علمية بأسلوب مبسط، منشورا عن الزلازل على سطح القمر اختتمته بالقول “جدير بالذكر أن هذه الزلازل تحدث هناك منذ ملايين السنين ولا يوجد حياة ولا كائنات حية ولا يوجد أي بشر يذنبون أو لا يذنبون”.

فيما كانت فرق الإنقاذ تهرع إلى المناطق المنكوبة في تركيا وشمال سوريا، مع اللحظات الأولى لوقوع الزلزال الذي أسفر عن سقوط آلاف القتلى وعشرات آلاف الجرحى، كان مروجو الأخبار المضللة يستفيدون من الاهتمام الإقليمي والعالمي بهذه المأساة لإلقاء أخبارهم المضللة وتحقيق مشاهدات عالية على صفحاتهم وحساباتهم، وقد عمل صحافيو خدمة تقصي صحة الأخبار في وكالة فرانس برس على تفنيد عدد كبير من الصور والفيديوهات المستخدمة خارج سياقها.

من بين هذه المنشورات، شائعات عن تنبؤ علمي بوقوع زلازل مدمرة تالية للزلزال التركي زادت حدة القلق بين سكان مناطق واسعة من لبنان وسوريا والأردن والأراضي الفلسطينية، في ظل تواصل الاهتزازات في بلدانهم وتوالي صور المشاهد المرعبة من المناطق المنكوبة.

وقد اجتهد عدد من الخبراء في تهدئة السكان والتشديد على أن أي توقع زلزالي لا يعدو كونه ضربا من الخيال، بعدما أدى انتشار الشائعات إلى نزول سكان مناطق عدة إلى الشوارع ليلا، منها مدينة طرابلس في شمال لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت، وفقا لصحافيي وكالة فرانس برس.

وليل الثلاثاء الأربعاء، انتشرت صور على مواقع “فايسبوك” و”تويتر” و”إنستغرام” قيل إنها تظهر حالة ذعر في الشوارع في مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة عقب زلزال ضرب الأراضي الفلسطينية. صحيح أن هزة بقوة أربع درجات ضربت منطقة البحر الميت تلك الليلة، لكن الصور المستخدمة منشورة في العام 2017 على أنها عشية عيد الفطر من ذلك العام.

ونشرت صفحات وحسابات على موقع “فايسبوك” مقاطع فيديو قيل إنها تظهر موجات مد بحري (تسونامي) تضرب السواحل التركية عقب الزلزال. لكن تحليل هذه المقاطع أظهر أن أحدها يظهر عاصفة ضربت سواحل جنوب إفريقيا عام 2017، والثاني يظهر عاصفة في الولايات المتحدة.

وحققت صورة نشرت عقب وقوع الزلزال وقيل إنها تظهر كلبا على مقربة من صاحبه العالق تحت الأنقاض، أكثر من مليون و500 ألف مشاهدة على موقع “تويتر”. لكن تحليل الصورة أظهر أنها منشورة على شبكة الإنترنت منذ العام 2018، وهي ضمن مجموعة للمصور التشيكي ياروسلاف موسكا على موقع “ألامي”.

ونشرت مقاطع فيديو قال ناشروها إنها تظهر اهتزاز مبان وانهيارها في الزلزال الأخير، لكن البحث عن هذه المقاطع أثبت أنها قديمة، ومنها ما يعود للزلزال الذي ضرب اليابان عام 2011 وتلته موجات مد بحري مدمرة.

عن (أ.ف.ب)

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي