قال قيادي بارز في حزب الأصالة والمعاصرة، إن طريق عودة عضو القيادة الجماعية (الذي جمدت عضويته) صلاح الدين أبو الغالي إلى الحزب « أضحت مستحيلة »، بعد بيانه الذي كال انتقادات حادة إلى منسقته الوطنية فاطمة الزهراء المنصوري.
القيادي تحدث إلى « اليوم 24 » مفضلا عدم كشف هويته، مشددا على أن « موضوع أبو الغالي قد انتهى بالنسبة إلى القيادة » التي ستعمل على أن يصل ملفه من اللجنة الوطنية للأخلاقيات إلى اجتماع المجلس الوطني في دورته المقبلة، حيث سيطرح طرده من صفوف الحزب، والتشطيب على اسمه من قوائم أعضائه، بعد تجميد عضويته الثلاثاء، مثيرا جدلا واسعا.
كان أبو الغالي واحدا من الملتحقين الأوائل بهذا الحزب، وظل في واجهة أحداثه إلى أن أصبح جزءا من القيادة الجماعية التي كان يأمل أن تتحول إلى وصفة لإنقاذ الحزب من مشاكله التنظيمية على صعيد القيادة. إلا أن نزاعا بينه وبين زميله في الحزب عبد الرحيم بنضو، وأيضا زميله الآخر إبراهيم مجاهد الذي كان رئيسا لجهة بني ملال خنيفرة، سيعجل بوضع حد لهذه المسيرة السياسية.
في بيان من ست صفحات، لم يترك أبو الغالي تفصيلا حول الخلافات التي كانت قيادة الحزب تحاول إنكارها، إلا وذكره. مُوظفا أوصافا حادة في مواجهة المنصوري، قرر أبو الغالي تحدي تجميد عضويته بإعلانه مواصلة حضوره اجتماعات المكتب السياسي.
على خلاف ما ذكره في بيانه، يرى مصدر « اليوم 24 » في المكبت السياسي لهذا الحزب أن « المعلومات التي قدمها في البيان غير صحيحة »، ناهيك عن « النبرة غير المقبولة التي استخدمها في مواجهة قيادة الحزب ».
مؤكدا على أن « التعديل الحكومي لم يجر مناقشته البتة على صعيد القيادة »، قلل المصدر من شأن المزاعم التي قدمها أبو الغالي لتبرير الطريقة العدائية بحسبه التي تعاملت بها المنصوري معه، عندما ربط تطور خلافاته معها بموقفه من إدارتها للمرشحين للاستوزار إبان التعديل الحكومي الذي كان محتملا حدوثه قبل الصيف. وأكد المصدر أن « رئيس الحكومة لم يقدم أي عرض حول هذا التعديل، كي يقابله عرض من الحزب بخصوص الأسماء ».
اجتماع هيئة رئاسة الأغلبية، يونيو الفائت، حيث شارك فيه سمير كودار بمعية المنصوري، بدلا عن القياديين الآخرين في القيادة الجماعية، سيشكل مصدر انتقادات أيضا من لدن أبو الغالي الذي لم يستسغ حضور كودار الذي ليس عضوا في القيادة الجماعية في ذلك الاجتماع.
تدهورت العلاقات بين أبو الغالي وكودار بشكل سريع بعد مؤتمر الحزب في فبراير الفائت (وقد حدثت مشاحنات بينهما في اجتماع للمكتب السياسي)، إلا أن مشاركة كودار في اجتماع هيئة رئاسة الأغلبية كانت وفق مصدر « اليوم24″، بحكم صفته رئيسا لقطب التنظيم في حزبه، وهو المنصب الذي أنيط إليه بعد فترة وجيزة من المؤتمر في مساع من المنصوري إلى طمأنة كودار حول مستقبله في الحزب.
في اجتماع رئاسة الأغلبية، كانت إحدى النقاط البارزة في جدول الأعمال، المشاكل المتعلقة بتنسيق الجهود بين أحزاب الأغلبية على صعيد بعض الجماعات والجهات. وكان يتعين على المكلف بقطب التنظيم أن يقدم عرضا حول هذه المشاكل. لم يكن بالمقدور مشاركة عضو آخر من القيادة الجماعية في هذا الاجتماع، حيث حدد عدد أعضاء كل وفد في اثنين فقط، ولقد اضطر نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال إلى الحضور وحيدا إلى ذلك الاجتماع تجنبا لأي مشاكل إضافية تتعلق بالتخبط الذي يعانيه حزبه في تشكيل اللجنة التنفيذية. حضر إلى جانب عزيز أخنوش، رشيد الطالبي العلمي.
يستمر أبو الغالي في اعتقاده بأن طموحات كودار بعد المؤتمر أن يستعيد مكانه في القيادة الجماعية للحزب، حيث كان متوقعا أن يكون هو الاسم الثالث قبل أن تنجرف الأمور بعيدا عنه في الهزيع الأخير من المؤتمر في فبراير الفائت. في المقابل، يقول قادة بالحزب إن كودار « مكتف بقطب التنظيم ذي الأهمية الشديدة » بعد « تخليه عن أي مطامح لبلوغ القيادة الجماعية إبان اجتماع المجلس الوطني إثر المؤتمر حيث زُكيت الأسماء المعنية ».
في سياق متصل، قدم المهدي بنسعيد، عضو القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة، تفاصيل إضافية عن الطريقة التي جرى بها الوصول إلى قرار تجميد عضوية زميله في القيادة، أبو الغالي، خلال اجتماع المكتب السياسي أمس الثلاثاء.
في ندوة دُعي إليها على عجل، الأربعاء، لم تشارك فيها المنسقة الوطنية للحزب، وهي من كانت الهدف الرئيسي لانتقادات حادة من أبو الغالي، اعتبر بنسعيد انتقادات زميله في القيادة « شخصنة للقضية ». بدلا عنها، حضرت نجوى كوكوس رئيسة المجلس الوطني للحزب.
إلى جانب بنسعيد كان حاضرا أحمد التويزي، رئيس الفريق النيابي للحزب، وقد كان هذا المسؤول متابعا في محكمة بتهم فساد مالي، إلا أن الحزب تريث في اتخاذ موقف بحقه منتظرا صدور قرار من المحكمة، وقد حصل ذلك بعد نيله حكما بالبراءة.
بنسعيد قال إن قرار تجميد عضوية أبو الغالي « جرى التصويت عليه » داخل المكتب السياسي، وقد كان « إجماع الحاضرين حول وجود شبهات يتعين معها إحالة قضيته على اللجنة الوطنية للأخلاقيات ».
مؤكدا على أن المكتب السياسي « ليس بمحكمة »، شدد بنسعيد في المقابل على أن قيادة الحزب « يتعين أن تستبق أي تطورات تجنبا لوصول أي قضية إلى مستوى معين يثير انتقادات الرأي العام »، مؤكدا على أن جميع أعضاء الحزب « سواسية، كيفما كان حجم المسؤولية التي يتحملها كل واحد في الحزب ».
في تفاصيل إضافية، ذكر بنسعيد بأن الحزب « يتلقى شكايات من أعضائه بخصوص ممارسات معينة » منذ إقرار ميثاق الأخلاقيات في ماي الماضي، مشيرا إلى وجود « شكاية من مقاولة إعلامية » في مواجهة أبو الغالي، تعين أخذها بعين الاعتبار، ونوقشت لشهور بهدف التوصل إلى حل. يعتقد بنسعيد أن أبو الغالي « كان يجب أن يتراجع خطوة إلى الوراء » جراء هذه القضية.
معتبرا أن أبو الغالي لم يف بتعهداته بخصوص النقاش حول قضيته الذي بدأ قبل أربعة شهور، قال بنسعيد إن قيادة الحزب كانت مضطرة لطرحه في اجتماع المكتب السياسي. بنسعيد شدد على أن « القضية بها جانب جنائي، في حال ما مضت الشكوى إلى مسطرتها القانونية ».
في سعي للقيادة لتجنب الجدل الذي أثير حول تورط اثنين من قياديي الحزب في قضية مخدرات تعرف باسم « إسكوبار الصحراء »، أكد بنسعيد أن القيادة في محاولتها حماية الحزب، تعين عليها أن تتخذ الإجراءات الضرورية بعد علمها بواسطة الشكاية، بهذه القضية التي تلاحق أبو الغالي.