بخلاف تصريحات الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، التي قال فيها إن حزبه لم يمنح في انتخابات 2021 التشريعية التزكية لأي شخص « كانت لديه متابعة في المحاكم »، كشفت معطيات تحليلية تتعلق بمتابعات أعضاء مجلس النواب الحالي في ملفات الفساد، أن حزب التجمع الوطني للأحرار، منح التزكية لأشخاص أدينوا أو كانت لديهم متابعات في ملفات فساد مالي، للترشح لانتخابات شتنبر 2021، ومنهم من جرد من مقعده البرلماني، كما اعتقل أحدهم خلف القضبان في ملف فساد آخر.
بايتاس، القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار، قال ليلة أمس في برنامج « صدى الأحداث » في قناة « ميدي 1 تيفي »، « حزبي لم يعط التزكية في الانتخابات الماضية لأي شخص كانت له المتابعة في إحدى المحاكم ».
المعطيات التحليلية تؤكد أن من بين الذين منحهم حزب التجمع الوطني للأحرار التزكية لخوض انتخابات شتنبر 2021 التشريعية، أشخاص أدينوا أو توبعوا في ملفات فساد مالي قبل حصولهم على التزكية لخوض انتخابات شتنبر 2021، وتمكنوا فعلا من الظفر بمقعد برلماني في مجلس النواب.
يتعلق الأمر، بالفئة الأولى، وهم نائبان برلمانيان ينتميان للأحرار، صدرت في حقهما قرارات بالتجريد من العضوية في مجلس النواب، في سنتي 2023 و2024، وهم محمد الحيداوي وعبد الرحيم واسلم بن محمد.
وفي التفاصيل تشير قرارات المحكمة الدستورية إلى أنها جردت النائب البرلماني محمد الحيداوي من عضويته في مجلس النواب، وذلك لإدانته ابتدائيا بتاريخ 23 يوليوز 2019 ثم استئنافيا بتاريخ 2 مارس 2020، حيث أدين بجنحة عدم توفير مؤونة شيكات عند تقديمها للأداء، قبل أن ترفض محكمة النقض في 16 نونبر 2023، طلب البرلماني الحيداوي، الرامي إلى نقض الحكم الاستئنافي.
الحالة الثانية تتعلق بالنائب البرلماني عبد الرحيم واسلم بن محمد، المنتمي للأحرار دائما، وهي حالة مشابهة لملف البرلماني الحيداوي، حيث خاض الحملة الانتخابية لاقتراع شتنبر 2021، بينما صدر حكم قضائي ابتدائي في 18 يناير 2021، يدينه بجنحة إصدار شيك بدون مؤونة، قبل أن تؤيد محكمة الاستئناف القرار.
وضمن الفئة الثانية، التي تخص نوابا برلمانيين كانوا متابعين قضائيا أمام المحاكم، قبل الحملة الانتخابية لشتنبر 2021، في ملفات تتعلق باختلاس وتبديد أموال عمومية، ورغم ذلك حصلوا على التزكية للترشح لعضوية البرلمان باسم حزب التجمع الوطني للأحرار.
وفي التفاصيل يوجد اسم النائب البرلماني يونس بنسليمان، الذي كان متابعا من طرف غرفة جرائم الأموال باستئنافية مراكش بتهم تبديد أموال عمومية، ونال تزكية « الأحرار » قادما من العدالة والتنمية، حيث عقدت أول جلسة لمحاكمته في مارس 2021، قبل أن يصدر حكم ابتدائي بإدانته وآخر استئنافي مؤيد للأول، وذلك بعد انتخابه عضوا في مجلس النواب.
يذكر أن 55 نائباً برلمانياً في الولاية التشريعية الحالية توبعوا قضائياً أو أدينوا في جرائم تتعلّق بالفساد وخرق القانون، بما يعزّز التمثّلات السلبية للبرلمان لدى شريحة واسعة من المواطنين، حيث تؤرِّخ الولاية الحالية لواحدة من أسوأ التجارب البرلمانية التي يُخشى أن تدقّ مسمار انعدام الثقة الأخير في نعش البرلمان المغربي.
ويكشف تحقيق استقصائي نشر في مطلع الشهر الماضي، عبر تحليل قاعدة البيانات التي أنشأها معدّ التحقيق بالاستناد إلى قرارات المحكمة الدستورية ومحكمة النقض، وأحكام المحاكم الابتدائية والاستئنافية المغربية، أنّ 14% من أعضاء مجلس النواب الحالي، أدينوا أو توبعوا في قضايا اختلاس وتبديد المال العام وسوء التدبير الإداري.
ومن بين 395 نائباً برلمانياً في مجلس النواب، انتُخبوا في اقتراع شتنبر 2021، تؤكد المعطيات حتى أواخر عام 2024، أنّ 47 برلمانياً (أي 12% تقريباً منهم)، جُرّدوا من عضوية البرلمان بقرارات من المحكمة الدستورية أو أُدينوا في أحكام من المحاكم الابتدائية أو الاستئنافية بسبب الفساد وخرق القانون، بينما كانت ملفات ثمانية برلمانيين رائجة في مختلف محاكم المملكة، في تهم متعلِّقة بالفساد، ليصل مجموع المدانين أو المتابعين في قضايا الفساد إلى 55 برلمانياً يشكلون نحو 14% من مجموع أعضاء مجلس النواب المغربي.
النسبة الأكبر من المدانين أو المتابعين بالفساد وخرق القانون تنتمي إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، قائد الائتلاف الحكومي، بنحو 25% من مجموع المدانين أو المتابعين، ويأتي في المرتبة الثانية نواب الفريق الاستقلالي بنحو 22%، ثم نواب الأصالة والمعاصرة بنسبة 18%، وكل من الفريقين ينتمي إلى الأغلبية الحكومية.
وفي المرتبة الرابعة نواب الفريق الاشتراكي بنحو 13%، ثم نواب الفريق الدستوري بـ9%، ونواب الفريق الحركي بالنسبة نفسها، وأخيراً نواب التقدّم والاشتراكية بنسبة 4% تقريباً من مجموع المدانين والمتابعين.
تحليل البيانات يؤكد أيضا أنّ الجرائم المتهم فيها نحو 41 برلمانياً مداناً في قضايا فساد بأحكام قضائية وقعت قبل انتخابهم لعضوية البرلمان في انتخابات 2021، هذه النسبة تمثّل 87% من مجموع المدانين.