تحفظات المجلس الأعلى للسلطة القضائية على مشروع قانون الدفع بعدم دستورية القوانين

24 أكتوبر 2025 - 14:00

سجّل المجلس الأعلى للسلطة القضائية عدة ملاحظات وتحفظات على مشروع القانون التنظيمي رقم 35.24 المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، الذي تمت إحالته إلى المجلس لإبداء الرأي طبقًا لأحكام الدستور.

وأكد المجلس ضمن تقريره السنوي، المنشور في العدد 7447 مكرر من الجريدة الرسمية الصادر في 14 أكتوبر 2025، أن المشروع، رغم أهميته في تعزيز الرقابة القضائية على دستورية القوانين وضمان حماية الحقوق والحريات، ما يزال يحتاج إلى مراجعة عدد من المقتضيات القانونية والإجرائية لضمان الانسجام مع أحكام الدستور وتكريس مبدأ الأمن القضائي.
وأبدى المجلس تحفظه على الصياغة الحالية للمادة الثانية،من المشروع التي حددت أطراف الدعوى في كل من المدعي والمدعى عليه، والمطالب بالحق المدني، والمسؤول المدني، والنيابة العامة.

وأشار المجلس إلى أن النص أغفل تقييد تدخل النيابة العامة في الدعاوى المدنية، مما قد يؤدي إلى غموض في تحديد من له حق إثارة الدفع بعدم الدستورية في القضايا غير الزجرية.

وأكد المجلس أن تمكين النيابة العامة من تقديم الدفع في قضايا مدنية وتجارية وإدارية يتنافى مع طبيعة أدوارها واختصاصها، ما قد يربك السير العادي للقضاء ويمس بمبدأ توازن الخصومة بين الأطراف.

وبخصوص المادة الثالثة، التي تجيز تقديم الدفع بعدم الدستورية أمام المحاكم الابتدائية أو الاستئنافية أو محكمة النقض، اعتبر المجلس أن تعدد جهات الاختصاص قد يؤدي إلى تضارب في الأحكام وتأخير البت في القضايا.

واقترح المجلس حصر الاختصاص في المحكمة الابتدائية باعتبارها الجهة الأصلية التي تنظر النزاع لأول مرة، على أن يُرفع الطعن بعد ذلك إلى محكمة الاستئناف إذا لزم الأمر.

كما شدد على ضرورة تحديد مراحل الدفع بدقة لضمان سرعة البت وتفادي استعمال النص بصورة تعسفية لعرقلة سير العدالة.

وفيما يتعلق بالمادة السادسة من المشروع، لاحظ المجلس أن المدد المحددة لتقديم الدفع، خاصة الفقرتين الأولى والثانية، تتعارض جزئياً مع المقتضيات الإجرائية الواردة في قانون المسطرة المدنية، مما قد يخلق التباساً حول الأجل الممنوح لتصحيح المسطرة.

وأوضح المجلس أن المشروع يمنح مهلة 8 أيام لتصحيح المسطرة، غير أن عدم وضوح العلاقة بين هذه المهلة وأجل رفع الدفع إلى محكمة النقض قد يفتح الباب أمام تأويلات متناقضة. ودعا المجلس إلى توضيح هذه النقطة صراحة في النص النهائي لتفادي تضارب المواقف القضائية.
من جهة أخرى يرى المجلس أن الصياغة الحالية للمادة 29 قد تؤدي إلى فتح الباب أمام إعادة تقديم دعاوى جديدة تتعلق بعدم دستورية مقتضى قانوني سبق أن تم البت فيه من طرف المحكمة الدستورية.

وهذا يعني أن أطرافًا لم تكن مشاركة في الملف الأول يمكنها لاحقًا أن تثير نفس الدفع بعدم الدستورية في قضايا أخرى، مما قد يُعرّض استقرار الأحكام القضائية والأمن القضائي للاضطراب، ويخلق تناقضًا في الاجتهاد القضائي بين المحاكم.

وبالتالي، يخشى المجلس من الإرباك القانوني الناتج عن إعادة مناقشة نفس المسألة بعد أن حازت قرارات المحكمة الدستورية حجيتها النهائية.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *