انتقد المستشار البرلماني لحسن نازهي، منسق مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، خلال مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026، ما اعتبره “اختيارات غير اجتماعية” في توجهات الحكومة، مؤكداً أن المشروع قُدم في ظرفية وطنية ودولية دقيقة تتسم بتداعيات الحرب على غزة والتحولات الجيوسياسية المتسارعة، وبالموازاة مع تطورات مهمة في ملف الصحراء المغربية عقب القرار الأممي الأخير.
وأوضح نازهي أن تجاهل الحكومة لجولة شتنبر من الحوار الاجتماعي “يطرح سؤالاً عن جدية المقاربة التشاركية”، معتبراً أن الحوار لم يعد خياراً تقنياً بل “التزاماً سياسياً تجاه الطبقة الشغيلة”. وسجل أن الفرضيات التي اعتمدتها الحكومة متفائلة بشكل يفوق الواقع، خاصة نسبة النمو المتوقعة (4.6 في المائة)، في ظل تراجع الطلب الخارجي وتقلبات المناخ.
وانتقد نازهي الاعتماد الكبير على الضرائب غير المباشرة التي تمثل حوالي 40 في المائة من الموارد الجبائية، معتبراً أنها “تمس مبدأ العدالة الجبائية وتثقل كاهل الأسر”، مقابل استفادة شركات كبرى من امتيازات غير متوازنة واستمرار نزيف التهرب الضريبي.
وبخصوص القطاعات الاجتماعية، قال إن تخصيص نحو 140 مليار درهم للصحة والتعليم لا يعكس تحسناً فعلياً، مشيراً إلى استمرار الاكتظاظ في المدارس، ونقص الأساتذة والباحثين، وهشاشة نظام التعاقد، إلى جانب خصاص يقارب 32 ألف طبيب و65 ألف ممرض. ودعا إلى إصلاحات أعمق ترتبط بالحكامة وجودة التدبير وحماية مجانية التعليم.
كما عبّر عن رفض الكونفدرالية لأي إصلاح للتقاعد يقوم على الرفع من سن التقاعد أو زيادة الاقتطاعات، معتبراً أن ذلك “يعزز الشعور بالإجحاف ويضرب التماسك الاجتماعي”، مطالباً بإصلاح “عادِل وتشاركي” يضمن حقوق الأجراء والمتقاعدين.
وفي ما يتعلق بالشغل والقدرة الشرائية، اعتبر نازهي أن الوضع “مقلق”، في ظل ارتفاع الأسعار واتساع الهشاشة، مقابل رقم محدود لفرص الشغل المعلن عنها (36 ألف منصب)، مؤكداً الحاجة إلى خطة وطنية للتشغيل اللائق وإحياء آلية السلم المتحرك للأجور والأسعار.
وحذّر المتحدث من ضعف ميزانيات الاستثمار الموجهة للجماعات الترابية، التي لا تتجاوز 22.5 مليار درهم، ما يجعل تقليص الفوارق المجالية “هدفاً بعيداً”، لاسيما وأن ثلاث جهات تستحوذ على أكثر من نصف الناتج الداخلي الخام.
وختم نازهي بالتأكيد على أن مشروع قانون المالية “ليس مجرد وثيقة تقنية بل خيارات مجتمعية”، مشدداً على ضرورة توجيه المال العام نحو الكرامة الإنسانية والخدمات الأساسية، واعتماد إصلاح ضريبي عادل، وتعزيز الحكامة، وإرساء جهوية متقدمة فعلية تربط توزيع الثروة بالتنمية المجالية.