بنحمزة يقول كل شيء عن «الحولي» والانتخابات و«الكريدي»

04 أكتوبر 2014 - 16:45

يحاول مصطفى بنحمزة، رئيس المجلي العلمي المحلي لوجدة، وعضو المجلس العلمي الأعلى، في هذا الحوار مع « اليوم24 » الإجابة عن مجموعة من الأسئلة المرتبطة بأضحية العيد، سواء تعلق الأمر بدلالة المناسبة نفسها، أو طريقة حصول البعض على كبش العيد، كما يدلي برأيه في السياسيين الذين يستغلون المناسبة لكسب التأييد الانتخابي، والأصوات المعارضة لقيام هذه الشعيرة الدينية.

– ما الحكمة والمغزى من عيد الأضحى؟
معروف أن الدين الإسلامي يتجاوب مع الفطرة الإنسانية، فكرة العيد فكرة إنسانية عامة موجودة عند كل الشعوب، والإنسان يحتاج عموما إلى مراحل وفترات يخرج فيها من المألوف والرتابة، ويعيش أوقاتا استثنائية، لذلك كل الشعوب تعرف مناسبات تحتفل فيها بالأعياد، هذه الأعياد غالبا ما تتأسس على أحداث ورموز، فهو ليس توقفا عاديا وعطلة للاستجمام وإنما يشير إلى معاني تحتفظ بها الشعوب في الذاكرة.
طبعا الإسلام أقر الأعياد وإن كان هو قد ضبطها ضبطا مناسبا، فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وجد الصحابة يحتفلون في المدينة بعيدين، هما عيد النيروز والمهرجان، وهما عيدان فارسيان كان العرب قد اقتبسهما عن غيرهم، وبما أن الإسلام كان يريد أن يحرر هؤلاء فان الرسول قال لهم: لقد أبدلكم الله خير منهما، عيدين، عيد الأضحى والفطر، وبالتالي تحرير الإنسان من التبعية. والعيد بالنسبة لنا مرتبط بعبادات خاصة، منها تجميع الناس في الخطبة والصلاة وتوحيد الخطاب، وله ارتباط أيضا بالبذل والعطاء.
– ما موقفك من العادات التي تصاحب هذه المناسبة الدينية؟
إن العبادة دائما تكون رحيمة ومفيدة، وإذا انتقلت العادة إلى عبادة وفعل اجتماعي عادي فإنها تكون قاسية، فالعبادة مثلا تمنح الرخصة للشخص الذي لا يستطيع أن يضحي وتعفيه من ذلك، لكن العادة لا ترحم وقاسية، وتدفع بهذا الشخص إلى البحث عن شراء الأضحية ولو بالاستدانة، وبالتالي هناك فرق بسيط بين العادة والعبادة في مسألة العيد، سرعان ما يتحول معه العيد ويخرج معنى العبادة إلى العادة، وبالتالي تكون هذه الطقوس الموجودة في كل الأقاليم.
-على ذكر الاستدانة، ما رأيك فيمن يقترض الأموال من لأبناك لشراء أضحية العيد؟
الذي يستدين بلا شك يرهق نفسه، فالطاعة لا يمكن أن يمر إليها عن طريق الربا، وبالتالي فمعنى العبادة في هذه الحالة يكون غائبا، فالشركات العاملة في هذا المجال لا يهمها شيء سوى تحقيق الربح، فلذلك تجد أنها تستغل جميع المناسبات، بل أكثر من ذلك فهذه العملية لها نتائج إجتماعية وخيمة، فيحدث أن يتخلى الإنسان على علاج يتبعه أو حاجة من حاجاته الضرورية وينساق وراء هذه الشركات التي لا تساعد أحدا.
– علاقة بالصدقة، هل أنت من الذين يوافقون رأي العديد من الناس الذين يقولون بأن ثقافة التضامن في هذه المناسبة قد تراجعت في المجتمع المغربي؟
لا يبدو أن هناك تراجعا كبيرا، هناك جهود كبيرة تبذل، خصوصا في بعض المناطق التي تجمع اللحوم لتعيد توزيعها على القراء، المهم في هذه لمناسبة ليس هو التعلق باللحم، وغنما المشاركة في السلوك غير المألوف وهذا يكفي.
– ظاهرة أخرى تتنامى خاصة في المدن لكبرى، وهي ظاهرة بيع اللحوم والجلود ما موقف الشرع من هذا؟
الأضحية لا يباع شيء من جلدها ولا من لحمها، فهذا لا يجوز، فهي أضحية قدمت لله، إن لم يستطع أحد استغلال الجلد مثلا فليتصدق به.
ما أريد التنبيه إليه، هو أن كثير من الأشخاص في المغرب أصبحوا لا يهتمون بالعيد أصلا، ولذلك تجد الفنادق في بعض المدن السياحية تستعد لاستقبالهم، فهم لا يعيشون رمزية هذه المناسبة، التي هي مناسبة أيضا لتمرير الكثير من القيم التي تتوخى التذكير بان المسلم يعيش على سنة ويعمل على إحيائها، أما إذا كان الإنسان يعتبر هذه السنة تثقل عليه فهذا يشكل خطرا على الأجيال التي ستأتي.
كما أنبه أيضا إلى أن العديد من المهاجرين في الخارج يبعثون ويتصدقون بثمن الأضحية، على ذويهم، بعلة أنهم لا يتمكنون من ممارسة هذه الشعيرة، ولكن هذا التخفف سيؤدي في نهاية المطاف إلى أن الأبناء لن ينشئوا على فكرة العيد، وفي النهاية حتى هذا الفعل الذي يقدم عليه الآباء الآن من إرسال مبلغ الأضحية والتصدق به، لن يقدموا عليه لأنه كما قلت لم يتربوا على فكرة العيد.
– لكن يحدث أن تعيق مساطر وإجراءات المهاجرين بالخارج من ممارستهم لطقوسهم الدينية المرتبطة بهذه المناسبة؟
الأمة هي ما تريد، المساطر موجودة في كل مكان، والمسلمون جزء من هذه المجتمعات، ويشكلون قوة ضغط، أم أن الجالية يلجأ إليها عند الانتخابات لان لها صوت، أو عند الحاجة إلى تأييد قرار معين؟ اعتقد أن الأمة إذا كانت تقبل بتغيير اللباس وبتغيير الثقافة والتخفف في العيد فإنها امة ستمحى.
– لكن من المفروض فيه الدفاع عن حق هؤلاء ؟
هم أنفسهم سيدافعون عن حقوقهم، تلك البلدان ديمقراطية، إذا ما أراد المسلمون تحقيق أشياء معينة يمكنهم ذلك، إلا إذا كانوا هم أنفسهم متقاعسين، فلا أعتقد انه هناك ما يمنعهم من الذبح في المذابح، ودعني أقول لك شيئا، في أوربا مثلا هناك مختلف الانتماءات الدينية من بوذيين وهندوس ويهود الجميع يحافظ على ما له صلة بدينه، إلا المسلمون فإنهم يهتدون دائما إلى الحل السهل، مع العلم أن الملمون قضوا سنوات في الأندلس مقهورين رغم ذلك لم يفرطوا في دينهم بهذه السهولة.
– مع اقتراب هذه المناسبة تتعالى بعض الأصوات المستنكرة لعمليات الذبح التي تتعرض لها الأكباش، وتنادي بوقف هذه المجزرة في حق الحيوانات، ما تعليقك على هؤلاء؟
هذه الأصوات تظهر بمنطق الصدمة، هي تريد أن تصدم الأمة في شعورها، إذا كان الأمر كما يقولون يجب أن ننهي قضية الثروة الحيوانية، بل وأتساءل في هذا السياق ماذا يفعل الاستراليون مثلا بحيواناتهم؟
لقد ثبت علميا أن طريقة الذبح التي يتبعها المسلمون هي أرحم طريقة بالنسبة للحيوان، فالذبح يتم على مستوى الودجين، وهما أقرب منطقة إلى الدماغ، بحيث أن الذبح يقطع الدم عن الدماغ وهو ما يفقد الحيوان وعيه.
هؤلاء لا يتركون شيء له صلة بالإسلام إلا وانتقدوه، بل يقولون كلاما خارج العقول، كل البشرية تذبح، هناك من يذبح بالوقس، وقبل الصعق في أوربا الناس كانت تذبح بالساطور وما زال بعض الأوربيون يحافظون على ذلك في قراهم، بل إن العيد لدينا يحارب البطالة، من خلال النشاط التجاري الذي يخلقه.
– هناك من يرجع غلاء الأضاحي في المنطقة الشرقية، إلى تهريبها غلى الجارة الشرقية التي تعيش سنة استثنائية بسبب انتشار الحمى القلاعية، بين قطيعها، ما رأيك في هذا؟
أنا لا أعرف بعمليات التهرب هذه، وعموما لا أريد الخوض في هذا الحديث، وأتمنى أن تسود الأخوة بين الشعبين الجزائري والمغربي، وتجاوز الفيروس الذي خلفه الإستعمار.
– بعض السياسيين ببلادنا يستغلون هذه المناسبة لكسب التأييد الانتخابي، ما موقفك من ذلك؟
بالتأكيد هو نوع من شراء الذمم، والذي يأكل شاته من شخص يوظف سياسة خاصة فهو لا يضحي وإنسان انتهازي، لأن الأضحية يجب أن يكون ثمنها من كسب حلال، والمفروض أيضا في السياسيين أن يدخلوا غمار الانتخابات بشجاعة لا بتوظيف هذه المناسبة ومناسبات أخرى.
لقد وظفوا كل شيء، وظفوا الرياضيين والفنانين وحتى الدخول المدرسي والمناسبات الإجتماعية، وهذا واضح للجميع.
– بعض المسؤولين يحصولون على الأضاحي يالمجان، رغم قدرتهم المادية على شراء أضحية ما موقفكم من ذلك؟
لو فرضنا أن إنسانا تلقى أضحية كهدية، فهذا لا يمنع أن يضحي، قد تفرض بعض العادات ألا يرد الشخص الهدية، لكن على العموم هذا الأمر لا يطرح إشكالا كبيرا، وكما قلت الذي يتوصل بهدية وهو باستطاعته التضحية عليه أن يضحي ويبحث عن أسر لا تستطيع ليعيلها.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

محمد منذ 9 سنوات

جزاك الله كل الخير عالمنا على هذه التوضيحات

التالي