لم يتبق شيء، الخيام تحطمت عن أخرها، والمهاجرون فروا إلى وجهة أخرى، هكذا بدت غابة الصنوبر المتاخمة لحي « السلام » بمدينة وجدة هذا الصباح، بعد العملية التي قادتها السلطات المحلية والقوات العمومية زوال أمس، والتي أفضت إلى تحطيم مخيم كان يأوي ما يقارب 80 مهاجرا ينحدر أغلبهم من نيجيريا، بينهم 27 امرأة وطفلين.
تدخل غير متوقع
لم يكن المهاجرون الذين حطّمت خيامهم يعتقدون أن السلطات ستعود إلى مرحلة ما قبل العملية الاستثنائية للتسوية، فعلى بعد أيام من انتهاء هذه العملية التي دامت سنة بالكمال والتمام، شاءت السلطات المحلية بمدينة وجدة بعد زوال أمس الاثنين أن تكسر هذه « الهدنة » وتنهي المبادرة الإستثنائية بعملية « هدم » واسعة لخيام المهاجرين الذين يتخذون من الغابة مأوى لهم.
السلطات التي كانت مدعومة بالقوات العمومية (الدرك والقوات المساعدة)، أقدمت على إتلاف حوالي 30 خيمة « في تمام الساعة الثانية والنصف بعد الزوال حل بغابة المساكين بعض المسؤولين من رجال السلطة، حيث أمهلوا المهاجرين 48 ساعة لمغادرة المكان وإخلاء الغابة التي تعرف أشغال انجاز منتجع غابوي، وإنشاء مركز للترفيه حسب المسؤولين » يقول حسن عماري الناشط الحقوقي والباحث في شؤون الهجرة الذي تابع عملية الهدم.
[youtube id= »flVtGFxcji8″]
عماري أكد أيضا أنه بعد إشعار المهاجرين بنصف ساعة تحول الأمر إلى « كابوس »، حيث حلّت بعين المكان وفق نفس المصدر ثلاثة سيارات للقوات العمومية وسيارات أخرى تحمل ترقيم يدل على أنها تابعة للإدارة وأخرى تحمل ترقيما مدنيا، « طوقت المكان وشرعت في إتلاف الخيام » يضيف عماري.
نفس المتحدث، كشف عن مشاركة « هلكبتر » تابعة للدرك الملكي في عملية إتلاف هذه الخيام « العملية تمت تحت غطاء حوامة تحمل شارة الدرك الملكي، حيث حلقت لأزيد من 30 دقيقة على ارتفاع جد منخفض، وهو ما خلق ذهولا كبيرا وخوفا لدى المهاجرين واستغربا كبيرا حتى عند المارة من المواطنين المغاربة » يقول عماري مسترسلا.
محو أثار الدمار
بعد عملية الهدم، عادت السلطات مدعومة بالدرك والقوات المساعدة صباح اليوم الثلاثاء، إلى عين المكان، واستقدمت جرّافة وشاحنات عملت على نقل مخلفات العملية من خيام بلاستيكية، وبعض الأعمدة الخشبية والحجارة التي تدخل في بناء هذه الخيام، ووفق ما عاينه « اليوم24 » فإن هذه الآليات عملت على إزالة أثار الخيام منذ الصباح إلى غاية الثانية من بعد الزوال، فيما رصدت نقل إحدى الشاحنات لأغطية رفقة مهاجرين إثنين، تبين فيما بعد أنها نقلتهما إلى منطقة « كالا » بالقرب من النقطة الحدودية « زوج بغال »، المكان الذي يأوي أيضا عدد من المهاجرين.
[youtube id= »LR6rbOukI18″]
« فقدنا أغراضنا وها أنتم تشاهدون ماذا حل بنا ولا نعرف أين سنذهب الآن » يقول أحد المهاجرين ممن إلتقتهم « اليوم24 » بعد انسحاب السلطات من المكان، فالسلطات التي منعت « اليوم24 » من دخول المكان في الوقت الذي كانت تجري فيه عملية « محو » الآثار، تركت انطبعا لدى بعض المهاجرين بأنها كانت عازمة منذ البداية على ألا تبقي أي شيء يوحي إلى أن يوم ما احتضنت هذه الغابة مخيما للمهاجرين!
تهيئة الغابة هو السبب!
وفق مصدر مطلع، فإن السلطات المحلية أقدمت على عملية تحطيم هذه الخيام لإجبار المهاجرين على إخلاء المكان وفسح المجال أماس مشروع تهيئة وتجهيز الغابة، حيث عاين « اليوم24 » أشغال التهيئة الجارية خارج الغابة وداخلها، ورصد الموقع مجموعة من التجهيزات التي تستعمل في التمارين الرياضية، إذ أن الغابة مع هذا المشروع ستتحول إلى فضاء للتنزه وممارسة الأنشطة الرياضية.