أوزين ليس غبيا ليستقيل 

19 ديسمبر 2014 - 13:49

هل الوزير محمد أوزين غبي حتى يستقيل من منصبه ويخرج من الجنة بإرادته؟ من يخرج من الوزارة في المغرب وهي توفر راتبا كبيرا، وسيارات كثيرة، ومنزلا فخما، وخدما وحشما وهيبة وحصانة وأبهة وأضواء واحتراما وخوفا حتى؟ من يجرؤ على الخروج من نعيم السلطة إلى قارعة النسيان؟ ثم لا تنسوا أن المنصب الوزاري فيه منافع أخرى أكبر من الراتب والامتيازات والأسفار، وتعويضات المهام في الداخل والخارج، وتكوين شبكة علاقات زبونية تنفع اليوم أو غدا.. المنصب الوزاري، في بلاد لا حساب فيها ولا عقاب، يمكن، في صفقة واحدة، أن ينقل الوزير من حال إلى حال، ومن الكفاف والعفاف إلى مصاف المليارديرات، وهناك عدة نماذج من الوزراء دخلوا إلى «جواهم» بعد أن اغتنوا في ظرف قياسي، وهم الآن لا يطلبون إلا «التيقار»، ويتمنون ألا تذكرهم وسائل الإعلام لا بالخير ولا بالشر…

السادة الذين يطالبون باستقالة الوزير «مول الكراطة».. هل لديكم أجوبة عن هذه الأسئلة؟ أوزين فعل المستحيل لكي يصل إلى الوزارة، وحزبه لا يعرف، منذ تأسيسه في أواخر الخمسينات، غير المشاركة في الحكومات المتعاقبة. وعندما ابتلي لسنوات قليلة بالمعارضة، كاد يختفي من المشهد السياسي، وبدأ زعماؤه في نهش لحم بعضهم البعض…

ثقافة الاستقالة من المنصب ليست ثقافة مغربية.. أوزين ليس الأول ولا الأخير الذي يعض على الوزارة بالنواجذ.. قبله مول الشوكولاطة فعل المستحيل لكي يبقى في منصبه، وانحنى للعاصفة حتى مرت، والآن أمامكم أنس العلمي، مدير إمبراطورية صندوق الإيداع والتدبير، لم تدفعه التهم الثقيلة التي وجهها إليه قاضي التحقيق إلى الاستقالة، وفضل أن يوزع وقته ما بين محاكم جرائم الأموال ومكتبه في «بلاس بيتري». وقبل هؤلاء نحج نور الدين بنسودة، الخازن العام للمملكة، في بلع فضيحة البريمات، وتشبث بالكرسي في وزارة المالية، وأصبحنا نحن المتهمين لأننا نشرنا وثائق بريمات غير قانونية تبادلها من تحت الطاولة مع صلاح الدين مزوار، الذي رجع إلى وزارة الخارجية «بالفور يا شيفور»، وقبل هؤلاء تورط بلخياط في فضيحة سيارة «الأودي»، ومرت الأمور بسلام… ذاكرة الناس قصيرة، والسياسة هي فن القفز فوق الحواجز، وهذه أكبر نعم غياب الديمقراطية في المغرب.. الرأي العام لا قيمة له.. «بوزبال» سينسى غدا كل هذه الحوادث، وجل الطبقة السياسية، وأغلبية الأحزاب لا تتوقع من الناخب معاقبتها غداً في صناديق الاقتراع، وهل عاقب الناخبون عباس الفاسي الذي خرج من فضيحة «النجاة» إلى الوزارة الأولى، حيث حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات مباشرة بعد فضيحة الضحك على ذقون المعطلين؟ أغلبية الأحزاب لا تحتاج إلى أصوات الناخبين.. إنها تدفع مقابل الحصول على أصوات «الرعاع» الذين يفضلون 200 درهم الآن على انتظار وعود قد تتحقق، وقد لا تتحقق، والذين لديهم ضمير؛ بعضهم يضغط على نفسه ويصوت لأحزاب لا تحكم، والكثيرون لا يصوتون لأحد، ويفضلون البقاء في منازلهم يوم الاقتراع…

لا يستقيل الوزراء عندنا مهما تورطوا في الفضائح للأسباب التالية:

أولا: لأن الخروج من الوزارة هو خروج من جنة الأرض. المنصب في المغرب يوفر امتيازات خيالية، خاصة للذين باعوا ضمائرهم، وهذا على عكس الدول الأوروبية، حيث المنصب لا يعطي سوى شرف خدمة الوطن والأمة، لهذا يخرج هناك المسؤولون بسهولة. 

ثانيا: الوزراء وكبار المسؤولين لا يستقيلون من مناصبهم عندنا لأنهم يعرفون أن الفساد ضارب أطنابه في كل مكان، فلماذا يضحون هم لوحدهم؟ الفساد هو القاعدة والنظافة هي الاستثناء، أما في الغرب الديمقراطي فإن المسؤولين وأحزابهم لا يقدرون على تكلفة الفضيحة فيستقيلون. 

ثالثا: الوزراء وكبار المسؤولين عندنا لا يقدمون استقالتهم من مناصبهم لأنهم يعرفون أن التصويت العقابي غير موجود، أو ضعيف، وأن الرأي العام مخدر، وإذا وجد فإنه لا يؤثر في الانتخابات، ولا في سمعة الأحزاب التي لا تهمها السمعة أصلا.. هي تتغذى على السماسرة والانتهازيين وبلطجية الانتخابات الذين يعرفون كيف يصطادون الأصوات بدون تعاقد سياسي أو برنامجي. 

رابعا: المسؤولون لا يقدمون استقالتهم عندنا لأنهم يعرفون أن القضاء في بلادنا قط بلا مخالب ولا أسنان، وأنه مخلوق أليف لا يقدر على مد يد القانون إلى حضرة الكبار. السجن موجود للفقراء والبسطاء وللذين لا حماة لديهم في العرس.. الباقون كلهم محميون، أما في الغرب، فالمسؤولون يخرجون من الوزارات مخافة الدخول إلى المحاكم.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

abdon lillah منذ 10 سنوات

شكرا على التنوير... فهل من فاتح عقله ومبلغ مااستطاع لشعب أغلبه جُهِّل بالأمية الأبجدية والأمية الثقافية حتى يسهل مص دمه واستعباده؟

النعناعي منذ 10 سنوات

الباقون كلهم" محميون " هذه الكلمة هي المفتاح لفهم الفساد في المغرب. الأستاذ توفيق اختتم بها المقال لعلها تكون عنوان المقال المقبل "المحميون قبل سنة 1956 وبعدها".

ماجد منذ 10 سنوات

أظن أن في المغرب، لا يستطيع أيا كان، الإستقالة من منصب تم تعيينه فيه من طرف الملك، ليس فقط بسبب المزايا التي توفرها هذه المناصب ، ولكن لأن ذلك يعتبر رفضا لقرار ملكي وعدم احترام للملك. وينطبق ذلك على جميع المناصب السامية. الوزير مثلا لا يمكنه أن يستقيل من منصبه، ولكن يغادره بعد الإستغناء عنه بتعديل وزاري أو الوفاة أو الإقالة. فحتى الإنتخابات السابقة لأوانها مستبعدة. والوزير أوزين ليس غبيا ويعرف ذلك جيدا، أو ربما تلقى نصائح أو تعليمات. وأظن أن الملك أصاب في قرار عزل الوزير، فهو يعلم جيدا أن هذا الأخير لن يجرؤ على الإستقالة مهما كان حجم الفضيحة، مخافة من عقاب أشد، لأن طلب الإستقالة في حد ذاته، غلط فادح.

فاطمة منذ 10 سنوات

أصبت وأصبت فأصبت

عبد الرزاق منذ 10 سنوات

عباس الفاسي تعرض للتصويت عقابي سنة 2007 ب 5 آلاف صوت بدل 15 ألف سنة 2002 في المركز الأخير متقدما بأصوات قليلة على صاحب المركز الخامس بعد أن كان أولا... بعد جهود استثنائية من السلطات المحلية... ولكنه أصبح وزيرا أولا بعدها ! يفترض من الأحزاب أن تكون أول من يحاسب فاسديها...

مراد منذ 10 سنوات

السيد توفيق بوعشرين الجميع لم ينتبه لشئون أساسي و التي تعتبر من بين الأسباب لإفلاس هده الوزارة هو ان المفتش العام للوزارة سبق له ان اجتاز المبارة و رسب و لكن معالي الوزير نظرا لتعاطفه مع المعني بالأمر أعاد الامتحان و بقدرة قادر نجح و هدا هو المفتش العام الدي عليه مراقبة حسن تسيير الامور

المكي قاسمي منذ 10 سنوات

الحقيقة أن التعامل الحكومي مع فضيحة "أكبر كراطة" أطفى إلى السطح مرة أخرى ظاهرة الابتزاز السياسي الوضيع والمفرمل بقوة للإصلاح داخل التحالف الحكومي. ذلكم الابتزاز الذي جعل السيد بنكيران، ومرغم رئيس حكومتكم لا بطل، يصف الفضيحة المدوية التي تداعى لها ملك البلاد بالإشكال البسيط، حفاظا على التحالف الحكومي القائم والضامن للأغلية بالبرلمان. لذلك اقترح على صحافتنا الحرة والمستقلة أن تسلط كل الضوء على هذه الظاهرةالضارة وتنوه إلى السبل الممكنة والضرورية لتجاوزها.

خالد منذ 10 سنوات

عفوا مسولية على ريس البلاد ولا ربس الحكومة هم من لهم حق في اتخاد قرر في حق اوزين وغيره

مريم منذ 10 سنوات

اصبت... اتمنى ان تصل هذه الكلمات الى الجهات المسؤوولة و تنهض من سباتها...فألى متى سيبقى بلدنا على هذا النهج.....؟؟

مغربي على قد الحال منذ 10 سنوات

"أما في الغرب، فالمسؤولون يخرجون من الوزارات مخافة الدخول إلى المحاكم." ليس عبثاان هناك فصلا حقيقيا بين السلط لدى تلك المجتمعات فلا يوجد هناك بوزبـــال ولا رعــــاع يفضلون 200 درهم بل مجتمع حي يقظ يدعم اعلاما قويا يتربص باللصوص الكبار

OMAR منذ 10 سنوات

مقال في الصميم، كثر الله من امثالك في بلد يحتاج الى بناء عقل الانسان قبل كل شيء

Hakim منذ 10 سنوات

حتى الصحفيين الانتهازيين اللذين يأكلون الكعكة لتلميع صورة المفسدين مسؤولون عن هذا الوضع و الأمثلة كثيرة

جواد منذ 10 سنوات

أصبت أستادي

مغربي منذ 10 سنوات

إذا كنت ترضى لنفسك أن تنعت ب "بوزبال" فانعت نفسك بمفردك بذلك الوصف و لا تسب الاخرين يا بوزبال

عبد الله منذ 10 سنوات

الله يفتح عليك ويفرج كروبك كما أشفيت غليلنا من كل المفسدين ، الله يرحم والديك ....تسلم يمناك .....واصل....واصل.....واصل

brahim منذ 10 سنوات

العز يا توفيق بوعشرين

youssef منذ 10 سنوات

احسنت اخي توفيق في توصيف الرأي العام-بو زبال-لانه فعلا لا وزن له على الاطلاق

خالد منذ 10 سنوات

;je partage tout à fait votre analyse et vous en félicite l'un des grands mérites d'écrire dans un quotidien indépendant est bien cela, c'est à dire avoir la possibilité de penser librement et exprimer les vérités toutes . . nues/ bravo et à vous, de ma part tous mes encouragements;;;J'aurais bien aimé écrire en arabe et participer dans ce débat si intéressant, mais pour l'instant j'ai une panne dans l'alphabet de mon ordi. En tout cas je dois ajouter en répétant que vos développements font absolument non seulement avancer les choses mais aussi sensibiliser les gens et les aider à se rendre responsable envers toutes les formes de corruption que connait ce pays , des corruptions et Dieu sait qu'elles sont si nombreuses qu'elles entravent sa volonté à progresser.

Adam منذ 10 سنوات

الله يحفظك يا بوعشرين

CITOYEN منذ 10 سنوات

bien dit Mr Bouachrin

Hamid منذ 10 سنوات

Tout ce qui est écrit dans cet article est juste et vrai,une analyse politique d'une grande profondeur.Les accusés fautifs Bensouda et Mezouar sont sortis de ce scandale quitte et les accusateurs sont devenus des accusés.C'est une copie conforme de l'affaire du capitaine Adib

رشيد منذ 10 سنوات

الله يحفظك يا بوعشرين اصبت ودكرت اسباب مشاكلنا ولكن كذلك بسبب ابتعاد الفئة المتقفة سياسيا عن تحمل المسؤولية بالذهاب لصناديق الاقتراع لتخلق الاغلبية امام اصحاب 200درهم وبائعي ضمائرهم بل لا تصلح الا للتحليل في المقاهي بعد فوات الاوان

SIMO منذ 10 سنوات

لن يستقيل و لن يقال، لأنه ليس أول و لا آخر وزيرأو مسؤول يرتبط إسمه بفضيحة، فقد سبقه الكروج و الشكلاطة، مبديع و روبي، مزوار و إبنته، بن عبد الله و إنهيارات كازا، الخليع و قطارات الموت، العرايشي و قنواته، الفهري و إخفاقاته و زوجته، لقجع و بطولتنا الإحترافية، الوفا و قفشاته، و اللائحة طويلة. كما أنه لين يقال للحفاض على الأغلبية الحكومية، لكن ما يبعت على التفاؤل هو يقضة المغاربة و حبهم للوطن و دفاعهم عن سمعته. حزب الحركة الشعبية هو أفشل حزب في الحكومة و أخطاؤه المتكررة تضعفه و تضعف الحكومة.

التالي