ليس باسم الإسلام يقتل الصحافيون 

09 يناير 2015 - 21:55

نامت باريس، أول أمس الأربعاء، حزينة، ونام العالم من حولها مرعوبا من مجزرة «شارلي إيبدو»، التي راح ضحيتها ثمانية صحافيين كانوا حول طاولة التحرير صباح الأربعاء، ومعهم أربعة من رجال الأمن كانوا يحرسون مقر الجريدة الساخرة، منذ تعرضها لحريق متعمد قبل سبع سنوات عندما نشرت رسوما ساخرة من رموز الدين الإسلامي…

هل توجد كلمات في قاموس اللغة تكفي لوصف ما جرى في فرنسا من اعتداء همجي على صحافيي «شارلي إيبدو»؟ 

ما جرى عمل بربري ووحشي بلا منازع، أن توجه سلاحا إلى ريشة، أو رصاصة إلى كلمة، أو خنجرا إلى رسم، فهذا إرهاب لا يوجد ما يبرره، اتفقنا أو اختلفنا مع أسلوب «شارلي إيبدو» في تناول مقدسات المسلمين. والقاتل الذي تصور عقله الصغير أنه «انتقم لمحمد ص» هو في الحقيقة انتقم من ملايين المسلمين في أوروبا، الذين سيجدون أنفسهم، صراحة أو ضمنا، في قفص الاتهام، باعتبارهم يشاركون القتلة الدين نفسه والاعتقاد ذاته.

الإدانة والشجب والغضب والتنديد والرفض ليست موجهة إلى عقل التطرف والإرهاب.. هذا عقل لا يدخل إليه شيء. لقد أغلق على نفسه كل الأبواب، ولم تعد له من وظيفة في الحياة إلا نشر العنف والقتل والهمجية، متوهما أن هذه مهمة مقدسة تخدم الإسلام! الإدانة موجهة إلى العقول التي مازالت تفكر، والتي لم تفقد علاقتها بالمنطق والعصر والحضارة. الإدانة موجهة إلى ملايين الشباب المسلمين حول العالم الذين يتعرضون يوميا لإغراء الفكر الديني المتطرف، وبضاعة الإرهاب العابر للحدود. هذه الإدانة الواسعة لمجزرة «شارلي إيبدو» هي صرخة عالمية لرفض هذا الفكر، وإعلان البراءة منه شرقا وغربا، شمالا وجنوبا…

لا شيء مقدس اليوم حول العالم إلا حرية الفكر والتعبير، وهذه هي الحقيقة التي لم يستوعبها جل المسلمين حول العالم، وخاصة الذين يعيشون في كنف الغرب وفي بلاده، وكما أن هناك في فرنسا من اختار الاستفزاز، هناك من اختار العقل والحكمة، وكما يوجد في فرنسا من ينتج ويسوق الخوف من الإسلام، هناك من يدافع عن الديانة الثانية في أوروبا، وعن حق أتباعها في ممارسة طقوسهم وشعائرهم بكل حرية واحترام، وكما أن هناك من اختار التحريض على المسلمين كعرض انتخابي لشراء أصوات اليمين المتطرف، هناك من يرفض الانجرار إلى هذه اللعبة الخطيرة… كل الآراء والتوجهات موجودة في باريس تعبر عن نفسها بكل وسائل التعبير إلا صوت الرصاص، إلا الدم.. هذا أمر خارج أصول اللعبة…

أوروبا فقدت أكثر من 20 مليون إنسان في الحرب العالمية الثانية، وإلى اليوم مازالت أسماء هؤلاء محفورة في ذاكرة الأجيال والعقل الجماعي للأمم الغربية، لهذا لديهم حساسية مفرطة من أي فكر عنيف أو متطرف أو إرهابي، وبمجرد أن تلوح في الأفق بوادر استعمال العنف ينتفض الناس هناك ويخرجون للتظاهر والشجب والرفض.

على المسلمين وقادتهم في كل مناطق العالم أن يرفعوا شعارا واحدا: «ليس باسمنا يقتل الصحافيون»، وليس باسم ديننا ترتكب المجازر. لقد احتفل جل المسلمين حول العالم مع المسيحيين قبل أيام بمناسبة رأس السنة الميلادية، وقدموا لبعضهم الهدايا بدون عقد ولا حساسية دينية، وهذا معناه أن الحرب ليست بين الأغلبية في الديانتين، بل بين الأقلية المتطرفة التي تريد أن تجر الآخرين إلى حرب دينية أو حضارية قاتلة…

العنف المتدفق من الجماعات المتطرفة والإرهابية له جذور في الفكر وله أسباب في الواقع، لكن ليس الآن وقت الدخول في تحليل وتشريح أسباب العنف والإرهاب والتطرف. الوقت وقت عزاء لأسر الضحايا وللزملاء في مجلة «شارلي إيبدو» ولفرنسا، ولكل مواطن حر حول العالم شعر بالغضب والحزن لمقتل ثمانية صحافيين وأربعة رجال أمن كانوا يحرسونهم…

جريمة «شارلي إيبدو» لن يدفع ثمنها، للأسف، من قام بها ومن خطط لها، سيدفع ثمنها آخرون مسلمون أبرياء اختاروا فرنسا للعيش أو الدراسة أو العمل. ستعطي فرنسا هدية كبيرة للقتلة إن هي سمحت بامتداد العقاب إلى كل المسلمين. هذا هو غرض الإرهاب، أن يجر الأغلبية إلى المعركة، وأن يضع المسلمين كلهم في سلة واحدة…

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

Libre منذ 10 سنوات

à fadid je pense exacetement ça. Merci

مكلومة بموت سي باها منذ 10 سنوات

فعلا لقد اختلطت علينا الامور ما عدنا نعلم هل ندين ام نبارك ما حصل. هل لما حصل ما يمكن ان يبرره.بالعواطف و الانفعال اقول نعم اما ادا عدت الى العقل و المنطق اقول لا و الف لا.فرد الفعل ليس في مستوى الفعل فوالله لو كان الحبيب عليه افضل الصلوات و ازكى السلام بيننا ما قبل بما حصل. اتفق معك على طول الخط اخي المغربي على قد الحال (وما اضنك بدلك).فعلا هم قوم يخططون و يدبرون حتى يردوا بالطريقة الاكثر افادة لهم ونحن قوم "مطوبسين" لا نفقه في السياسة و الدبلوماسية شيءا.فافضل طريقة كان علينا التعامل بها هي التجاهل.لقد اعطينا قيمة لمن لا قيمة له.مجلة هزيلة باءسة لا يقراها احد اصبحت في واجهة الاحدات عالميا

مغربية على قد الحال منذ 10 سنوات

فعلا لقد اختلطت علينا الامور ما عدنا نعلم هل ندين ام نبارك ما حصل. هل لما حصل ما يمكن ان يبرره.بالعواطف و الانفعال اقول نعم اما ادا عدت الى العقل و المنطق اقول لا و الف لا.فرد الفعل ليس في مستوى الفعل فوالله لو كان الحبيب عليه افضل الصلوات و ازكى السلام بيننا ما قبل بما حصل. اتفق معك على طول الخط اخي المغربي على قد الحال (وما اضنك بدلك).فعلا هم قوم يخططون و يدبرون حتى يردوا بالطريقة الاكثر افادة لهم ونحن قوم "مطوبسين" لا نفقه في السياسة و الدبلوماسية شيءا.فافضل طريقة كان علينا التعامل بها هي التجاهل.لقد اعطينا قيمة لمن لا قيمة له.مجلة هزيلة باءسة لا يقراها احد اصبحت في واجهة الاحدات عالميا.

مغربية على قد الحال منذ 10 سنوات

فعلا لقد اختلطت علينا الامور ما عدنا نعلم هل ندين ام نبارك ما حصل. هل لما حصل ما يمكن ان يبرره.بالعواطف و الانفعال اقول نعم اما ادا عدت الى العقل و المنطق اقول لا و الف لا.فرد الفعل ليس في مستوى الفعل فوالله لو كان الحبيب عليه افضل الصلوات و ازكى السلام بيننا ما قبل بما حصل. اتفق معك على طول الخط اخي المغربي على قد الحال (وما اضنك بدلك).فعلا هم قوم يخططون و يدبرون حتى يردوا بالطريقة الاكثر افادة لهم ونحن قوم "مطوبسين" لا نفقه في السياسة و الدبلوماسية شيءا.فافضل طريقة كان علينا التعامل بها هي التجاهل.لقد اعطينا قيمة لمن لا قيمة له.مجلة هزيلة باءسة لا يقراها احد اصبحت في واجهة الاحدات عالميا.

fadid منذ 10 سنوات

”لا شيء مقدس اليوم حول العالم إلا حرية الفكر والتعبير؛ هي المبدأ الذي جعل الغرب يزيح الخلافات المدهبية و الطائفية و العرقية و و و ويتفرغ للبحث و العلم. هذا العلم الذي من ثماره أنك تقرأ هذا التعليق على الأنترنيت فكل شئ أصله حرية التعبير

أبو منصف منذ 10 سنوات

أين كانت شموعكم بعد سفوط عشرات الأطفال تحت أنقاض المدرسة الباكستانية التي فجرتها طالبان ؟ أين تكون شموعكم عندما تحصد قنابل الصاهينة مئات الفلسطينيين الأبرياء ؟ من صنع هذا التطرف ورعاه منذ نشأته؟ أليس الغرب ؟ هل السيد توفيق بوعشرين متؤكد بأن شارلي إبدو كانت ضحية "التطرف الإسلامي" ؟ أم أننا بصدد جزء آخر من مسلسل الرعب الأمريكي الذي لا تنتهي حلقاته .. مع فائق احترامي لصاحب المقال

l. s. منذ 10 سنوات

لِ libre فرنسا ومعها عالمها المسيحي الأول (أوروبا وأمريكا) لا يشرفهم أن يتشبه مغربي مسلم عالمثالثي، بشارلي ابدو "شهيد الحرب على الإسلام ونبي الإسلام". تطفل أمثالك ونفاقهم وتملقهم وتزلفهم المقزز تدنيس وتبخيس لقدسية شارلي.

Libre منذ 10 سنوات

Je suis éffaré de la plus part des commentaires, on dirait qu'être saint d'esprit comme l'est Taoufik Bouachrine devient une denrée rare dans notre pays. Evidemment je suis d'accord avec Taoufik, rien à lui reprocher, il est propre intéllectuellement et avons besoin d'autres plumes comme lui pour installer la démocratie dans notre pays , je n'ai pas besoin de le défendre , il sait trés bien le faire lui même. quand à l'objet de son editoriel, je dis simplement, moi Marocain , je suis charlie.

Mostafa منذ 10 سنوات

.I can't agree with you Mr taoufik .freedom of speech and views has limits

مثقف مغربي منذ 10 سنوات

المقدس هو الله جل في علاه القوي الجبار المقدس هي كل روح بريئة تقتل باي ذنب قتلت كانت في الغرب أو الشرق وهو الغالبية العظمى على اية حال ومازال ترمى فوقه البراميل من السماء هدايا بشار الكيماوي السنوري لماذا لا تحتقر مثلا الإرهابي الأول في العالم الكيان الصهيوني-المشارك في مسيرة الأحد بباريس ياحسرة- لا تستطيع لأنها خط أحمر ومعاداة "للسامية" أما المسلمين فأوباش لا يساوون شيئا في بورصة القيم الغربية الإرهاب صنيعة السياسة الغربية المعادية لكل ما هو إسلامي داخل العالم العربي وخارجه(دوفيليبان) الإرهاب مرفوض من الجميع سواء كان عربيا أو غربيا أما الكيل بميكيالين فغير مقبول في دولة الحرية والمساواة والإخاء

laarbi ssonni منذ 10 سنوات

لاتلوموا الكاتب إنه يقول مالايعتقد، إنها السباحة الإضطرارية رهبا ورغبا في اتجاه التيار الجارف. هل تتصورون انه يستطيع أن يقول شيئا آخر؟ من يحميه من الصاعقة؟ هل تعتقدون أنه بإمكانه حتى السكوت؟ من يبرئه من تهمة الرضا بما وقع؟ إنها ضريبة المهنيين من حجمه... صحافيون من حجم آخر مثل عبد الباري عطوان يستطيع المناورة اقرؤوا له إن شئتم هذا المقال: هل "الهولوكوست" أكثر قداسة من النبي محمد؟

مغربي على قد الحال منذ 10 سنوات

هل تمكن اليهود من اخضاع الغرب عن طريق قتل مواطنيه في الشوارع والقطارات والابراج السكنية ام عن طريق السيطرة على الاعلام والاقتصاد ثم هل سنراهم يقتلون ريدلي سكوت انتقاما لفيلمه الذي يهدم اهم ركن في دينهم وهو عبور البحر الى ارض الميعاد لا بل سيردون بفيلم اخر من هوليوود ويمنحونه الاوسكار ترويجا له ودعما لاهدافهم العبرة بالنتيجة

مغربي على قد الحال منذ 10 سنوات

''لا شيء مقدس اليوم حول العالم إلا حرية الفكر والتعبير'' ورغم ان الارهاب يقتل من العرب والمسلمين اضعاف ما يقتل من غيرهم فكمية التعليقات على مواقع التواصل التي تحاول تبرير ما وقع مخيفة فعلا الامر فعلا خطير ويحتاج من العقلاء امثالكم مجهودا كبيرا ومتواصلا لان للغرائر سطوة على العقول الصغيرة

ahmed منذ 10 سنوات

لا شيء مقدس اليوم حول العالم إلا حرية الفكر والتعبير يجب عليك تصحيح هده الفكرة و مرجعة نفسك جرب ممارسة الحرية في السخرية من الهولوكوست المقدس ستجد نفسك في السجن بتهمة معاداة السامية فحرية التعبير لا تعطي الحق بتحقير المعتقدات وتشويه مقدسات الناس كان لزاماً تجنبه بغية عدم المساهمة في ترويج خطابات الكراهية داخل المجتمعات.

ABD ALHAKIM OULED TAIMA منذ 10 سنوات

لادخل للمسلمين في هذاالهجوم البلطجي.وهذاهجوم منظم من طرف الموساد هذاماجاءت به اذاعة هولندية .فرجاءا البحت عن المعلومة الصحيحة و الموتوق بها.وتغيير الصورة النمطية للمسلمين كلما تسمع هجوم الارهاب نقوم بالنضرتجاه العرب و المسلمين نحن المسلمين. تحري المعلومة استاذ .

Père amin منذ 10 سنوات

لا شيء مقدس اليوم حول العالم إلا حرية الفكر والتعبير، وهذه هي الحقيقة التي لم يستوعبها جل المسلمين حول العالم، اتقي الله ويرزقك من حيث لا يحتسب

اب فاطمة منذ 10 سنوات

لا شيء مقدس اليوم حول العالم إلا حرية الفكر والتعبير، وهذه هي الحقيقة التي لم يستوعبها جل المسلمين حول العالم، الله يهديك تبث

اب امين منذ 10 سنوات

لا شيء مقدس اليوم حول العالم إلا حرية الفكر والتعبير، وهذه هي الحقيقة التي لم يستوعبها جل المسلمين حول العالم، بل العكس انت الذي لم تستوعب ان المقدس الوحيد هو الله ,تلعب على وجهين اذا كانو كما تقول انهم يحملون القلم المسموم كما تدعي فلماذا الرسول صلى الله عليه وسلم .لمذا لم تدافع عن نبيك وتدافع على من أساء اليه الله يهديك الى الطريق المستقيم أسي توفيق

mohamed منذ 10 سنوات

«انتقم لمحمد ص vous avez pas le temps de continuer salla Allaho 3alahyhi wa salam merci comme même un bon article

يوسف منذ 10 سنوات

عفوا سيدي "توفيق" إنها حرب بيننا وستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. لذا وجب عليهم تقبل رد الفعل حتى وإن كان مبالغ فيه. ولا ننسى أنهم بدأونا أول مرة

lilia منذ 10 سنوات

non vous n'etes pas charlie vous etes ce que vous etes tout simplement

Ibrahim منذ 10 سنوات

تعليق لأحد الإخوة على موقع التواصل الإجتماعي : #‏كلنا_بشر‬ مئات الألاف قُتلوا في سوريا مئات الألاف قُتلوا في العراق الآلاف قُتلوا في مصر الآلاف قُتلوا في فلسطين و الدماء يوميا تُراق قِلة شَجبوا ، قلة تفاعلوا ،قلة قليلة حزنت . قُتل فرنسيون و إذا بأبناء جلدتنا يقيمون الدنيا و لا يقعدونها ، فنصبوا أنفسهم سفراء النوايا الحسنة ، و بَينوا بما لا شك فيه أننا نُقدس المواطن الغربي ، و نرى بعين الحقارة أرواح إخواننا . نشجب القتل بكافة ألوانه ما لم تكن حربا . لكن نُنكر أيضا أن نرى الآخر الغربي خير في نظرة البعض من الآخر المسلم و العربي .

التالي