فضيحة جديدة تهز الاستثمارات الأجنبية بالمغرب، عقب كشف لجنة سلامة المعاملات المالية في الولايات المتحدة الأمريكية لنتائج تحقيق في عروض بالرشاوى قدمها مسؤولون كبار في « شركة أمريكية » إلى مسؤولين في شركة « ديار القطرية » ومسؤولين رسميين مغاربة، للفوز بصفقة لإنجاز شطر من مشروع سياحي، تنجزه الشركة القطرية في مدينة طنجة بقيمة 25 مليون دولار (حوالي 22 مليار سنتيم).
ويفضح تقرير من 22 صفحة، تتوفر « اليوم22 » على نسخة منه، كيف أن مسؤولا في شركة « PBSJ »، ومقرها في ولاية فلوريدا، يدعى « وليد حاتوم »، وهو مواطن أمريكي من أصل قطري، عرض ووعد بتقديم رشاوى ومنافع أخرى إلى مسؤولين في الشركة القطرية ومسؤولين رسميين مغاربة، من أجل تأمين عقود تطوير عقارية تساوي الملايين من الدولارات، بكل من قطر والمغرب.
وفي تفاصيل القضية، كما يعرضها التقرير الصادر في 21 يناير، فقد فتحت « قطري ديار » مشروعا لمنتجع سياحي يتضمن فنادق مصنفة (مشروع الهوارة في طنجة) للمناقصة. وفي 7 غشت 2009، بعث مدير القسم الدولي في شركة « PBSJ »، وليد حاتوم، رسالة بريدية، تتضمن مؤهلات شركته للحصول على العقد، إلى مسؤول مغربي وإلى شركة « ديار القطرية »، بوصفها صاحبة المشروع في المغرب. وفي أكتوبر 2009، عرض حاتوم دفع أموال إلى مسؤول مغربي، على أنه شريك محلي لتأمين صفقة المشروع بالمغرب، دون أن يكون للوكالة التي تمثل هذه الشراكة أي وجود على أرض الواقع. ويساوي المشروع نحو 25 مليون دولار بالنسبة إلى شركة « PBSJ »، وعرضت على المسؤول المغربي نسبة 3 في المائة من قيمة الصفقة، أي ما يعادل 750 ألف دولار (700 مليون سنتيم). ووجه حاتوم موظفي القسم الدولي عند الشركة نحو إخفاء هذا الجانب من الرشوة من السجلات، مقترحا النفخ في المكونات المالية الأخرى للصفقة.
وفي 19 أكتوبر، أبلغت « ديار القطرية »، شركة « PBSJ »، موافقتها ومنحها المشروع المغربي. ويشير التحقيق إلى أن المسؤولين في شركة « PBSJ » تجاهلوا أعلاما حمراء في هذه الصفقة، من قبيل أن الموظفين عندهم كانوا يعلمون أن الشريك المحلي (وهو الوصف المقدم في التقرير للدلالة على المسؤول الحكومي المغربي) كان يقدم إليهم معلومات سرية عن تفاصيل المناقصة، كما كان حاتوم يخبر الموظفين بأن معلوماته حول الصفقة يستقيها من شخص يصفه بـ « صديق عزيز » ومسؤول رفيع المستوى في شركة « ديار القطرية ». وكشف التحقيق أن شركة « PBJS »، قبل أن تتقدم بعرضها إلى المناقصة حول المشروع المغربي، علم مسؤول داخلها بأن زوج واحدة من الموظفين الكبار لدى الشريك المحلي كان مسؤولا رسميا يعمل ويراقب المشروع المغربي لـشركة « ديار القطرية ». وتأكد المسؤول بالشركة من دور هذا المسؤول المغربي عندما حضر عشاء برفقة حاتوم، وكان معهما المسؤول المغربي وزوجته. وعلاوة على ذلك، كان الموظفون في « PBSJ »، يعلمون أن « رسوم الوكالة للشريك المحلي » نوقشت بوصفها تكاليف قانونية لملف المناقصة. ومباشرة بعد منحها صفقة المغرب، علق رئيس العمليات الخارجية في « PBSJ » على عملية كسب صفقة المغرب، بأنها دليل على نجاح القسم الدولي في الظفر بصفقتين في وقت قصير، لكنه ما إن سأل حاتوم عن كيفية تحقيق ذلك بالرغم من أن الشركة ليست لديها تجربة ملائمة في هذا الموضوع على الصعيد الدولي، حتى أجابه بأن الشركة قدمت رسوم الوكالة بهدف ربح تلك الصفقات، وأقر أيضا بأن المشاكل ستقع، إذا لم تدفع تلك الرسوم، وحينها فقط، فتح المسؤولون الكبار في الشركة تحقيقا في الموضوع.
وبعد ثلاثة أسابيع، وفي نونبر 2009، أخبر مسؤول حكومي قطري رئيس القسم الدولي في شركة « PBSJ »، وليد حاتوم، بأن شركة « ديار القطرية » اكتشفت أدورا وتدخلات لمسؤولين رسميين بالمغرب لصالح شركته، وتوجب تبعا لذلك، سحب الصفقة من شركته، غير أن حاتوم لم يستسلم، فقرر تقديم عرض جديد إلى مسؤول قطري ثان كي يتدخل لصالح شركته لدى « ديار القطرية »، لكن هذه الشركة رفضت الحفاظ على العقد بينها وبين « PBSJ ». وفي دجنبر 2009، أوقفت الشركة حاتوم عن العمل، وشرع في حذف الرسائل البريدية من علبته الإلكترونية. وبحسب نتائج التحقيق، فإن شركة « ديار القطرية » و « PBSJ »، نجحتا في اكتشاف خطة حاتوم، قبل أن تجرى أي تحويلات مالية فعلية للمسؤولين الرسميين الذين يساعدونه في كسب الصفقات. وكانت قيمة التحويلات، التي وعد بها حاتوم المسؤولين في كل من قطر والمغرب، تصل إلى مليون و390 ألف دولار، أي نحو مليار و100 مليون سنتيم.