رسالة إلى أغنياء فوربيس المغاربة 

05 مارس 2015 - 18:38

السادة بنجلون، أخنوش، الشعبي، الصفريوي، الأزرق، العلمي… صباحكم سعيد أيها السادة الأغنياء الذين دخلتم إلى لائحة فوربيس لأغنى أغنياء العالم. نحن مسرورون بهذا الحضور المغربي في هذه اللائحة الذهبية، ومبتهجون بصوركم المنشورة في المجلة النيويوركية. هذا دليل على أن الثروة يمكن أن تنبت حتى في البلدان الفقيرة، وهذا دليل على عملكم وذكائكم و«شطارتكم» ومغامراتكم، فالثروة لا تبتسم إلا للمغامرين، كما يقول المثل البريطاني.

لكن دعونا نذكركم، في هذا اليوم الربيعي المشمس، بمسؤولياتكم إزاء بلدانكم وأوطانكم ومواطنيكم، كلما ازداد المرء ثراء وقوة ونفوذا وتأثيرا، ازدادت مسؤوليته إزاء الوطن وإزاء الفقراء وإزاء المصلحة العامة…

لن نعود للحديث عن مصدر ثروة بعضكم، عفا الله عما سلف، كما يقول رئيس الحكومة، ولن نرجع إلى الأدبيات الماركسية القديمة التي كانت تعتبر أن المشكلة في المغرب هي أغنياؤه وليس فقراؤه، وأن الطريق إلى إعادة توزيع الثروة على الفقراء يمر حتما عبر تفقير الأغنياء. كاتب هذه السطور يعتبر أن المشكل في المغرب هو الفقر لا الغنى، وأن دور الدولة هو أن تفتح المزيد من الطرق والقنوات والفرص للشباب من أجل أن يصيروا أغنياء، أو على الأقل ألا يصادفوا الفقر في طريقهم، لا أن تجعل الأغنياء فقراء.. هذا انتحار اقتصادي، لكن في الوقت ذاته، فإن تراكم الثروة دون تنمية انتحار اجتماعي…

أيها السادة المحترمون، لدي مؤاخذتان على عملكم وسيرتكم بيننا، أولا أؤاخذكم بعدم الاهتمام الكافي والمطلوب بالتنمية الاجتماعية، وبعدم المساهمة الفعالة في رتق دربالة الفقر بالمغرب. كم منحة تعطون للطلبة كل سنة؟ كم مستشفى تبنون كل عام؟ كم من جامعة ترعون؟ كم تصرفون من أرباحكم الصافية على تشغيل الشباب والأخذ بأيديهم ومساعدتهم على خلق مقاولات خاصة بهم؟ كم من رأسمال عالي المخاطر تضعونه كل سنة من أجل تشجيع الاستثمار في قطاعات غير مربحة لكن بلادنا محتاجة إليها؟ باختصار.. كم من نقطة تحصلون عليها أنتم وزملاؤكم في النادي الذهبي كل سنة في امتحان المقاولة المواطنة؟

أنتم تعرفون قبل غيركم أن أرقى الجامعات في أمريكا، هارفرد مثلا، بنيت قبل قرنين أو يزيد بهبة من مليونير أمريكي، وأنتم تعرفون أن وارين بافيت تبرع بأكثر من 30 مليار دولار لمؤسسة بيل غيتس الخيرية، وأن هذا الأخير يصرف المليارات من الدولارات على أبحاث طبية ولقاحات جديدة لمكافحة المرض، وأنه في أوروبا يتنافس كبار الأثرياء على من يتبرع أكثر من غيره لمشروعات إنسانية واجتماعية داخل البلاد وخارجها. 

الأغنياء هم الذين يعيشون في مناخ أقل فقرا، وليس الأغنياء من يعيشون وسط غابة من الفقراء…

المؤاخذة الثانية التي يسجلها المراقبون والمواطنون على أغنياء المغرب أن أكثرهم لا يفتحون أفواههم إلا في عيادات الأسنان، وأن أغلبيتهم الساحقة لا تتحدث في السياسة، ولا تسعى إلى الديمقراطية، ولا تؤيد الليبرالية التي تخدم البزنس الذي يأكلون منه.. جلهم يفضل أن يعيش في كنف السلطوية، ولا يرى الحرية إلا في ولوج السوق، وتأسيس بنك، وجني الأرباح، وتخفيض الضريبة، أما الحرية السياسية وقوة المؤسسات التمثيلية وقيم المواطنة ودولة الحق والقانون، فإن الأغنياء لا يعتبرونها معركتهم الملحة.

أيها السادة الأغنياء، الرأسمالية ابنة الليبرالية، وحرية التجارة سبقتها حرية الفكر والتعبير، و«دعه يعمل دعه يمر» شعار ولد بعد ميلاد البرلمانات والصحف وحقوق الإنسان وحرية التعبير في أوروبا النهضة والأنوار…

كان الملك الراحل الحسن الثاني يشبه الأغنياء في المغرب بـ«الحزام الذي يشد وسط السلطة»، أي تلك «السمطة» التي تبقي جسم النظام مستورا وواقفا في مواجهة جيوش الفقراء. اليوم نريد من الأغنياء والطبقات الوسطى أن يكونوا حزام الديمقراطية، وحبل نجاة الوطن من الفقر والحرمان والهشاشة والسلطوية، خشنة كانت أم ناعمة…

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

فاطمة الزهراء منذ 9 سنوات

أحب طريقتك في النقد. شكرا

omar منذ 9 سنوات

يمكن أن تسأل هؤلاء سؤالا آخر أشد على القلب وفيه محاسبة شديدة , تذهب بصاحبنا إما الى مقام عرضه السماوات والأرض , وإما الى أسفل من ذلك سافلين, السؤال هو : كم من الدراهم زكاة تقابل رأس مالكم ؟ وهل أخرجتموها حقا لله, أم ألهتكم كثرة الأرقام والأوراق وتهتم في عدها؟

ألأنصازي منذ 9 سنوات

بدون نداء السيد توفيق،وكن على يقين أنه اذا كان مالهم من حلال ويستثمر كما ينص على ذالك القانون اللاهي فانا أغنيائنا سيبارك الله لهم في مالهم ولن يفعلوا به الا الخيرللبلاد و للعباد.

علي الإدريسي منذ 9 سنوات

إذا لم يبادر الملك وهو من أثرياء المغرب الكبار كما يعرف الداني والقاصي وأفراد من أسرته إلى سن تقليد التبرع للمشاريع الخبرية والإنسانية والعلمية فكن على يقين ياسيد توفيق بوعشرين فإن فلوس اللبان ياكلها زعطوط وبنوك شبكات العنكبوت

مغربي على قد الحال منذ 9 سنوات

اوباما تعرض لنقذ لاذع من الصحافة والمنظمات الاهلية الامريكية لانه تبرع ب 5% من مداخيله في سنته الاولى في الحكم فعاد في السنة الموالية للتبرع ب 10% (رغم ان مدخوله كان اكبر بفضل نشره لاحد كتبه) اما في تقافتنا فالمتبرع -ان وجد- يطمع في مكافئته ب 10 امثال ما تبرع به رسم ابتسامة على وجه حزين قد تمنح قلبك من الفرح ما لا تستطيعه ملايين عديدة الجيوب المنتفخة لا تغطي فقر الروح ليس لدينا برجوازية لدينا اقطاعية واقطاعيون

zahra EL farhani منذ 9 سنوات

Il faut savoir que la richesse dont laquelle vous rejouissez Mrs les riches ,les pauvres ont une partie la dans ainsi que la nation et si vs niez cela vous etes que des etangers qui viennent investir chez nous et ne veulent que profiter le maximum . Soyey des vrais citoyens marocains qui aiment le bien pour leur pays ainsi pour celui de leur peuple . nous vous estimons et nous continuons à faire cela tant vous pensez sincerment a la contribution au developpement de votre pays.

zahra EL farhani منذ 9 سنوات

Il faut savoir que la richesse dont laquelle vous rejouissez Mrs les riches ,les pauvres ont une partie la dans ainsi que la nation et si vs niez cela vous etes que des etangers qui viennent investir chez nous et ne veulent sue profiter le maximum . Soyey des vrais citoyens marocains qui aiment le bien pour leur pays ainsi pour celui de leur peuple . nous vous estimons et nous continuons àfaire cela tant vous pensez sincerment a la contribution au developpement de votre pays.

محمد زغنون منذ 9 سنوات

إن عزوف الكثير من أغنياء المغرب عن الحديث في السياسة وانتقاد الإستبداد والسلطوية في المغرب سببه أن الدولة تعلم الكثير من نقاط ضعفهم, ليس آخرها أن ثرواتهم نمت عن تهرب ضريبي بأرقام فلكية, والدولة تضغط على هذا الجرح كلما استدعت الضرورة ذلك بل وتجحف كثيرا فيه, لاسيما أن قضاءنا غير مستقل, والغني المغربي يعلم يقينا أن القضاء لن ينصفه إذا تلقى تعليمات بمعالجة قضائية خاصة بملفه, ومثالا عن ذلك ملف حسن الشامي

amir منذ 9 سنوات

un très bon article.j'espère que nos richards sont à l'écoute.

التالي