أبو حفص: «الدعاة الجدد» غير متمكنين من المواضيع التي يناقشونها

28 مارس 2015 - 21:37

 حاورته : نادية الهاني 

‭{‬ خلال السنوات الأخيرة، ظهر شباب «دعاة» يوجهون دروسا في الإسلام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، هل هذه الموجة الجديدة صحية؟

< بغض النظر عن دوافع هؤلاء الشباب، التي قد تكون طيبة والغرض منها المساهمة في توعية الشباب بدينهم، لكنني لا أراها ظاهرة صحية وسلبياتها أعظم من ايجابياتها، فجل النماذج التي رأيتها لحد الآن تمارس نوعا من الوصاية باسم الدين، وتصور نفسها راكبة على سفينة الإصلاح وسط مجتمع غارق فاسد، ما يخلق حاجزا بينها وبين طوائف كثيرة في المجتمع، على أنها تقع في نفس أخطاء الخطاب الوعظي البعيد عن العقلانية والمنطقية، ما أظهرها ضعيفة الحجة وغير مقنعة لما استدرجت للنقاشات العامة، وهذا أمر سلبي آخر، كذلك تعرضهم لمواضيع أكبر منهم دون تمكنهم من المادة، ولا مما يناقشون، ولا مما يطرحون.

فمصطلح الدعوة مصطلح فضفاض يستدرج متبنيه للخوض في كل المواضيع دون قيود ولا ضوابط بحجة أن ما يطرحه ذلك الداعية هو رأي الدين، ولا يكون الأمر كذلك دائما، وحتى إن كان، فالمعالجة تكون سطحية وغير عميقة. مما لا أحبه أيضا في هذا النوع من الخطاب استعداؤه لطوائف مجتمعية وتيارات، ودخوله في صراعات مما لا يتناسب مع مفهوم الدعوة وسط مجتمع مدني، مما يساهم في تقسيم المجتمع، بل حتى سن هؤلاء الشباب ومستواهم التكويني لا يؤهلهم لدخول صراعات بهذا الحجم، فكل هذا في نظري يجعل تقييمي لهذه الظاهرة سلبيا مع علمي بحسن مقاصد هؤلاء الشباب وحماسهم لهويتهم وقيمهم.

‭{‬ هل نفسر توجه الشباب للعمل الدعوي مرده إلى الفراغ في التأطير على المستوى الديني؟

< صحيح، الفراغ كبير على مستوى التأطير، وتخلي كثير من المجالس الرسمية وغير الرسمية عن دورها في التوعية والدعوة وتأطير الشباب بشكل سليم… حتى كثير من المفكرين ينخرطون في النقاشات النخبوية، ولا يعتنون بهموم الشباب ومشاكلهم، ما يخلق فراغا يستغله هؤلاء الدعاة الجدد. ولهذا، لا غرابة أن تجد لهم متابعين بالآلاف وسط غياب عرض أكثر إقناعا وجاذبية. فالمسؤولية تتحملها الجهات التي تخلت عن دورها في القرب من الفئات الشبابية والإحساس بها.

‭{‬ كيف يمكن استثمار هذه الموجة لتحصين الشباب من الجماعات الإرهابية؟

< لا يمكن إقصاء هؤلاء الشباب ولا مطالبتهم بالاعتزال، ولكن أيضا لابد من توجيههم واستيعابهم، فلهم قدرات جيدة في التواصل، ولهم متابعون كثر، ويمتلكون حماسا وشجاعة لابد من استغلالها، وذلك بتوجيههم للمساهمة في التوعية بالقضايا الثابتة والمتفق عليها كنبذ العنف، والإرهاب، أو المخدرات، أو الغش المدرسي، أو التهاون في أداء الواجبات، دون الانزلاق إلى الصراعات الإيديولوجية، ودون الخوض في مواضيع شائكة وتحتاج لتكوين وعلم دقيق.

‭{‬ في مقابل تزايد الحملات الدعوية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، هناك حملات أيضا مناهضة للدين الإسلامي، ما أسباب هذا التناقض داخل المجتمع المغربي؟

< أسباب هذا التناقض كثيرة جدا، من أهمها أن الخطاب الدعوي القديم استنفد صلاحيته، ومع ذلك هناك إصرار من البعض على عدم التجديد والتحديث، ما يظهر عند فئات كثيرة هشة وغير مكتملة البناء، ولا يجيب عن كل الأسئلة الراهنة، ولا يروي ظمأ الشباب الحائر، فتكون ردة الفعل الثورة على الدين كله، ولهذا أنبه مرارا وتكرارا إلى أن الكثير من الخطاب الديني الرائج يدفع للإلحاد وليس للتدين، وينفر من الدين ولا يرغب فيه. وسائل الاتصال الجديدة «النيوميديا» أحدثت ثورة في المعلومات التي أصبحت تتدفق كالشلال كل دقيقة، وتقدم أنماطا وأشكالا من الإجابات والرسائل، فلم يعد الخطاب الديني التقليدي قادرا علي مواجهتها، ولم تعد أية معلومة يمكن إخفاؤها، فكان طبيعيا أن ينتج عن ذلك كل هذه الحملات من طرف شباب لم يجد ما يروي ظمأه، ولا من يجيب عن تساؤلاته الوجودية.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي