معطيات مثيرة كشف عنها التحقيق في حادثة اصطدام سيارة إسعاف، تابعة لجمعية الرحامنة للخدمات الاجتماعية، بسيارة خفيفة، صباح يوم الاثنين المنصرم، على الطريق الوطنية رقم 9 بين مركزي سيدي بوعثمان و»انزالت لعظم»، التي أسفرت عن مصرع أربعة أشخاص وإصابة أربعة آخرين بجروح وكسور متفاوتة الخطورة.
فقد أكد مصدر مسؤول بوزارة الصحة لـ»اليوم24» أن وزارته فتحت تحقيقا في الحادث، خلص إلى أن سائق سيارة الإسعاف كان ينقل مريضة يرافقها شقيقها لموعد مع طبيب بمصحة خاصة بمراكش، التي سبق أن أجرت فيها عملية جراحية لاستئصال المرارة، مضيفا أن السائق لم يكن يتوفر على الترخيص، أو «الأمر للقيام بمهمة» من طرف إدارة مستشفى ابن جرير.
مصدر آخر بالوزارة نفسها طلب عدم الإشارة إلى اسمه وصفته، واعتبر أن الحادثة هي الثالثة من نوعها في أقل من سنتين بالإقليم. فقد سبق أن تعرضت سيارة إسعاف تابعة بجماعة «بوشان» لحادثة سير أسفرت عن مقتل سائقها، كما سبق لممرضة بمستشفى «صخور الرحامنة» أن قضت في حادثة سير، بينما أصيب ممرض وسائق سيارة الإسعاف بجروح بليغة.
وعزا المصدر نفسه توالي حوادث سير سيارات الإسعاف بالرحامنة إلى كثرة تنقلاتها باتجاه مستشفيات مراكش، بسبب تعثر أشغال تأهيل مستشفى ابن جرير، التي انطلقت منذ سنة 2008. «بالرغم من توفر المستشفى على جناح للجراحة والإنعاش، وعلى فريق طبي صيني، فإن الحالات التي تحتاج إلى أبسط التدخلات الجراحية تتم إحالتها على مراكش» يقول مصدرنا، ويضيف: «لقد أصبح المستشفى هنا يقتصر على استقبل الحالات التي تحتاج إلى تشخيص بسيط، فحتى النساء اللواتي يحتجن إلى عمليات قيصيرية أو عاديةّ، تتم إحالتهن على مستشفى الأم والطفل بمراكش، الذي أصبح المسؤولون فيه يحتجون على هذه الوضعية، ويتلكؤون في استقبال الحالات الآتية من الرحامنة.
لا يمكن أن تستمر هذه الحالة بذريعة التأخر في التوقيع على محضر التسليم النهائي لأشغال إعادة تهيئة المستشفى، أو بمبرر انتظار الزيارة الملكية لتدشين المستشفى بعد إصلاحه».
يشار إلى أنه سبق لحافلة نقل مدرسي تابعة للجمعية نفسها أن اصطدمت بقطار لنقل المسافرين عند ممر سككي غير محروس يبعد عن ابن جرير بتسعة كيلومترات، بتاريخ الاثنين 21 ماي من سنة 2012، وخلفت الحادثة مصرع أربعة تلاميذ، وإصابة 16 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، قبل أن تتابع النيّابة العامة السائق، في حالة اعتقال، بجنح:»استهلاك المخدرات، والدخول إلى حظيرة السكك الحديدية دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة، والجرح الخطأ والقتل الخطأ».
يحدث هذا في الوقت الذي تتحدث فيه أحزاب سياسية عن أن مقاربة تسهيل استفادة سكان الرحامنة من الخدمات الاجتماعية عبر إحداث ثلاث جمعيات تعنى بالتشغيل، والخدمات الاجتماعية، والتنمية الفلاحية، قد تم إفراغها من بعديها الاجتماعي والتنموي، وتحولت هذه الجمعيات الممولة من ميزانية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومالية الجماعات المحلية، والتي عهد عامل الإقليم برئاستها وعضوية مكاتبها وإدارتها لمنتخبين ينتمون إلى حزب الأصالة والمعاصرة، (تحولت) إلى ما وصفوه بـ «أداة للدعاية الانتخابية السابقة لأوانها».
المحتجزون يقولون إن الجمعيات الثلاث لم تعقد أي جموع عامة، ولم تقدم تقارير عن الملايير من المال العام التي تستفيد منها، ويتهمون رؤساءها باعتماد «الولاء الحزبي والانتخابوي في اختيار الموظفين والمستفيدين من خدماتها»، مستدلين على ذلك بأن مسطرة اختيار سائقي سيارات الإسعاف وحافلات النقل المدرسي لم تراع فيها الكفاءة والأقدمية، بل شابتها «الزبونية السياسية».
في المقابل، أكد مصدر مسؤول بجمعية الرحامنة للخدمات الاجتماعية أن سائق سيارة الإسعاف لم يتلق أي أمر للقيام بمهمة نقل المريضة، موضحا أن الجمعية تتوفر على 13 سيارة إسعاف تضعها رهن إشارة مستشفيات الإقليم، وأنها لا تتدخل في تحديد المستفيدين من خدمات هذه السيارات، وتتكلف فقط بإدارة ميزانية المحروقات وقطع الغيار، كما أنها لا تقوم باختيار السائقين، وهي العملية التي تتكلف بها جمعية الرحامنة للموارد البشرية، التي يترأسها النائب الثالث لرئيس بلدية ابن جرير.