دخل ملف الصحراء الملتهب المرحلة الأكثر حساسية في أجندته السنوية، حيث أدرجه مجلس الأمن الدولي في أجندة عمله خلال شهر أبريل، وخصّص له يوم 16 من الشهر الجاري لمناقشته بحضور ما يُعرف بـ»الدول المساهمة بقوات عسكرية»، أو ما يصطلح عليه بالإنجليزية «TCC meeting». فيما كشفت مصادر «أخبار اليوم» أن المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي في ملف الصحراء، الأمريكي كريستوفر روس، سيقدّم تقريره السنوي الجديد يوم 9 أبريل، على أن يتخذ مجلس الأمن الدولي قراره بشأن التمديد لبعثة الـ»مينورسو» يوم 28 من الشهر الجاري.
مصادر « اليوم24» قالت إن المسودّة الأولية لتقرير كريستوفر روس لا تخلو من مضامين مسيئة للمغرب ومصالحه في الملف، «حيث يصرّ الدبلوماسي الأمريكي على الحديث مطوّلا عما يسميه خروقات لحقوق الإنسان، رغم كل التقارير الدولية والمبادرات المغربية للانفتاح في هذا المجال»، يقول أحد مصادر «أخبار اليوم». فيما أكدت مصادر متطابقة خلو التقرير الجديد من الدعوة إلى توسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، دون أن يعني ذلك حدوث تراجع لصالح المغرب بهذا الخصوص، «بقدر ما يعكس تغيير استراتيجية خصوم المغرب، بترتيبهم لتحالف بين لوبي ما يعرف بحقوق الإنسان ولوبي جديد يستعمل ورقة ثروات الصحراء».
في مقابل تراجع مطلب توسيع صلاحيات بعثة المينورسو، قالت مصادر «اليوم24» إن التقرير الجديد لكريستوفر روس يمضي في اتّجاه القيام بخطوة إضافية بخصوص علاقة المفوضية السامية لحقوق الإنسان، التابعة للأمم المتحدة، بملف الصحراء. «فالتقارير الأخيرة للأمين العام للأمم المتحدة، منذ 2008 على الأقل، أصبحت تحرص على تخصيص فقرة للحديث عن عدم توفّر الأمم المتحدة على أي ولاية في مجال حقوق الإنسان بالصحراء، وأن المفوضية السامية للأمم المتحدة لا تتوفّر على أي مكتب في المنطقة لمراقبة الوضع الحقوقي». ورجّح المصدر نفسه أن يكون للزيارة التي يقوم بها وفد عن المفوضية الأممية للأقاليم الصحراوية بين 13 و17 أبريل الجاري، علاقة بالترتيب لإحداث مكتب لها في الصحراء، «خاصة أن الوفد قد يحضر حلقة تدريبية في مجال حقوق الإنسان، موجّهة لقوات الأمن المغربية في الصحراء».
وفيما نجح المغرب خلال العامين الماضيين في ضبط علاقاته الثنائية مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، على أساس توافقات سياسية – اقتصادية، كشفت مصادر «اليوم24» عن تحوّل بريطانيا إلى مصدر أول للقلق في الرباط. وبعدما كانت الورقة الروسية إحدى البطاقات الرابحة التي لعبها المغرب في العام 2013 في مواجهة التحركات الأمريكية لتوسيع صلاحيات المينورسو، يبدو أن المغرب بات يواجه صعوبات في موسكو بخصوص ملف وحدته الترابية. فبعد تأجيل الزيارة الملكية إلى روسيا منذ الصيف الماضي، لم يحل خروج السفير المغربي في موسكو الشهر الماضي للإعلان عن قرب تنظيم هذه الزيارة، دون استقبال روسيا وفدا من جبهة البوليساريو الأسبوع الماضي، أعلنت فيه عن دعمها حلا سياسيا مقبولا من جميع الأطراف.
الخبير المغربي في ملف الصحراء، الحقوقي عبد المجيد بلغزال، قلّل من أهمية الزيارة الأخيرة لقياديين في البوليساريو إلى روسيا، متسائلا: «ما مدى صحة هذه الأنباء أولا؟ خاصة أن روسيا نفسها تواجه إشكالات كبيرة مرتبطة بالانفصال، ولا يمكنها استراتيجيا الإقدام على خطوة في هذا الاتجاه». في المقابل، شدّد بلغزال على جدّية الضغوط البريطانية ضد المغرب، مذكّرا بأن لندن كانت العام الماضي البلد الوحيد الذي اقترح تقليص مدة عرض الملف على مجلس الأمن الدولي من سنة إلى 6 أشهر. بلغزال قال: «إن كل الضغوط المرتبطة بموضوع الثروات في الصحراء بات مصدرها هو بريطانيا، وعلينا ألا ننسى أنه ومن أصل 73 برلمانيا أوربيا تتوفّر عليهم بريطانيا، 3 فقط، صوّتوا لصالح تجديد اتفاقية الصيد البحري مع المغرب، والهيئة الدولية الحاملة لملف الدفاع عن ثروات الصحراء يوجد مقرّه في بريطانيا، وتحرص على إطلاق حملتها بين شهري فبراير ومارس للضغط على اجتماع مجلس الأمن الدولي».
الخبير المغربي أوضح أن أقوى التحرّكات الدولية لاستعمال ملف ثروات الصحراء في الفترة الأخيرة تجسّد في ندوة دولية نظّمت مؤخرا في استراليا. «لكن، وعند البحث في هوية منظمي هذا اللقاء، نجد 4 شركات للنفط والغاز، إما بريطانية أو بريطانية – استرالية، وكلها حصلت على عقود للتنقيب مع جبهة البوليساريو». ونبّه بلغزال، أيضا، إلى دخول مكتب للاستشارات القانونية، الذي يرأسه الوزير الأول البريطاني السابق توني بلير، على خط الحملة الدولية للدفاع عن ثروات الصحراء، «وأنا هنا أتساءل عن خلفيات تحرّكات بلير في الوقت الذي كان قد عرض خدماته في اللوبيينغ لصالح المغرب في ملف الصحراء ولم يجد تجاوبا، أي أن هناك ملامح لعملية ابتزاز كبيرة ضد المغرب، ونحن مع كامل الأسف نواجه صعوبة كبيرة في اختراق المجال الأنغلوساكسوني، وخاصة البريطاني، وعمل السفارة المغربية في هذا المجال ضعيف جدا، فالأميرة التي توجد فيها «على راسنا وعينينا»، ويمكنها أن تفيد كسفيرة فوق العادة بحكم جنسيتها البريطانية وعلاقاتها باللوردات…، لكن العمل الميداني العميق يحتاج إلى بروفايل آخر».