وصل عدد الاستقالات التي أودعها أطباء يشتغلون بالقطاع العام لدى مصالح الموارد البشرية بوزارة الصحة إلى ما يناهز 250 طلبا، أكثر من نصفها تحول إلى دعاوي مرفوعة لدى المحاكم الإدارية بكل من الرباط ومراكش.
وفي هذا السياق، قال عبد الباقي المنصوري، المحامي بهيئة مراكش، « إن المحكمة الإدارية بمراكش تنظر حاليا في أكثر من 100 ملف، أترافع شخصيا في 85 منها »، وأضاف في اتصال بـ »اليوم24″، « أغلب الأطباء لديهم مبررات اجتماعية ومهنية لطلب الاستقالة، منها غياب المرافق والمعدات، والموارد البشرية الكافية، من قبيل وجود جراحين من دون أجهزة الأشعة أو متخصصين في التخدير (البنج)، إضافة إلى التعيينات التي تشتكي طبيبات من تسببها في مشاكل اجتماعية كالتشتت الأسري، لكن بالنسبة إلى دعاوي الطعن، فالمحكمة لا تحكم بناء على الظروف الواقعية، بل استنادا إلى العقدة التي تربطهم بوزارة الصحة وتمنح في إحدى موادها الحق في فسخها مع إرجاع مبالغ التكوين، وهي المادة 32، التي تبني عليها المحكمة حكمها بإلغاء القرار القاضي برفض الاستقالة، الأمر الذي أكدته محكمة الاستئناف في أكثر من مناسبة ». وأضاف المحامي المنصوري أن بين يديه ما يناهز مائة دعوى يرفعها أطباء ضمن القطاع العام أمام القضاء الإداري من أجل الطعن في رفض استقالتهم، متسائلا عن مصير الأحكام التي لم تعرف طريقها إلى التنفيذ.
من جهته، صرّح مصدر من وزارة الصحة، رفض الكشف عن اسمه، « أن ضمان الأمن الصحي للمواطنين، له أولوية تصب في المصلحة العليا للبلاد بدل المصلحة الخاصة للأطباء المستقيلين، والتي يُراد بها استعمال حق عدم الاستمرار في العمل عن طريق الاستقالة »، وفي جواب عن الأحكام الكثيرة، التي قضت بموجبها المحكمة الإدارية بإلغاء قرارات رفض الاستقالة، أضاف المصدر نفسه « في الوقت ذاته هناك قرار نهائي للمحكمة الإدارية بالرباط يقضي برفض طلب، مــن أجل إلغاء قرار وزاري يقضي بإلغاء طلب استقالته، وقد استعمل العارض حقه في اللجوء، إلى مقاضاة الوزارة، لكن المحكمة الإدارية بالرباط أكدت رفض الاستقالة ». وشدد المصدر المسؤول على أن قبول الاستقالة من المسائل التي تدخل ضمن السلطة التقديرية للإدارة، محيلا على القرار المذكور، والذي أكدت من خلاله المحكمة الإدارية بالرباط، أن هذه المخاطر تفرض تغليب المصلحة العامة المتمثلة في توفير أطر طبية متخصصة بالمستشفيات العمومية ضمانا لحق الأفراد في الصحة، والتضحية بالمصلحة الخاصة المتمثلة في حق عدم الاستمرار في العمل عن طريق الاستقالة.
وتشير آخر الأرقام في ولاية الدار البيضاء الكبرى وحدها، إلى أن نزيفا كبيرا يحصل في أطباء القطاع العام وأساتذة التعليم العالي بكلية الطب، حيث وصل عدد الاستقالات خلال سنة 2012، إلى 13 أستاذا طبيبا، وخلال سنة 2013 وضع 25 أستاذا طبيبا استقالتهم، وفي موسم 2014 بلغ عدد الاستقالات 21 أستاذا، وإلى حدود شهر شتنبر الماضي انضافت 8 استقالات، ما يؤشر على استمرار نزيف الاستقالات.
وتجدر الإشارة إلى أن وزير الصحة الحسين الوردي، سبق وأن أكد على أن الخصاص في أطباء القطاع العام يصل إلى 7000 طبيب و9000 ممرض.
مشيرا في آخر تصريح له في الموضوع، إلى أن الخصاص مسألة تشمل معظم المناطق الوطنية، بما فيها المناطق الحضرية، وإن كانت تمس بشكل كبير المناطق النائية، في تلميح للمناطق التي يرفض الأطباء التعيينات بها.