عز الدين أقصبي: في المغرب نظام الفساد أقوى من نظام النزاهة

11 أبريل 2015 - 13:40

تُطالعنا بشكل دوري تقارير سواء وطنية أو دولية، إذ تكشف في كل مرة عن جيوب للفساد في الإدارة والمؤسسات المغربية، في نظرك أين تكمن المشكلة، هل في القوانين أم في الإرادة السياسية؟

الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة أنجزت في السنة الماضية 2014 دراسة للنظام الوطني للنزاهة، تكشف فيها مشاكل بالجملة تعتري الركائز الأساسية للجهاز الوطني للنزاهة، والتي تتكون من الجهاز التنفيذي والجهاز القضائي وأجهزة المراقبة، حيث تبين لنا من خلالها أن هناك خللا كبيرا لدى جميع المتدخلين، فالنظام الوطني للنزاهة يقوم على توزيع الأدوار بين الركائز القائمة، إذ يسعى إلى الحد من تداعيات الفساد، والبرلمان يراقب الأجهزة التنفيذية والحكومة، وكذلك المجلس الأعلى للحسابات وجهاز الرقابة، التابع لوزارة المالية، يمارسان الرقابة على الاختلالات المالية.. وما تجلى في سنة 2014 على العموم بعد إنجازنا للدراسة، هو أن النظام الوطني للنزاهة فاشل، بل ويمكن أن نتحدث عن نظام وطني للفساد أقوى من نظام النزاهة، والأسباب التي توصلنا إليها يمكن إجمالها في عنصرين وهما: عدم توازن الأجهزة، وغياب فصل السلط.

عندما نقف عند هذه النتائج نصطدم بالعديد من المشاكل، من قبيل أن المجلس الأعلى للحسابات ينجز تقارير تظهر نوعا ما تقدما في مراقبة المؤسسات، ولكنه يبقى محصورا في مستويات مخصوصة، خاصة وأن هناك غيابا شبه تام لتفعيل الخلاصات أو الإحالة على القضاء. مثلا، كيف يصبح التصريح بالممتلكات مسألة شكلية، وليس لهذا التصريح أي نجاعة، بحيث لا توجد بعده لا مراقبة ولا متابعة، وكنموذج التعليم، تصور أنه بعد 15 عاما من الإصلاح، يأتي الوزير ليصدم المغاربة بما صرح به أخيرا، ما معنى قوله إن تلامذتنا لا يقرؤون شيئا سوى الخرافة، أين هي المراقبة؟ وفوق ذلك كله أين هي المسؤولية السياسية. هناك مشاكل تعتري جميع القطاعات بدون استثناء، وثبت أن هناك اختلالات بالجملة وتبذيرا مفرطا للمال العام، وهناك تملصا من المسؤولية.

تناول التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات، خروقات واختلالات في العديد من المؤسسات والصناديق، منها التي يعرفها المغاربة، ومنها التي لا يعرفون اختصاصاتها. ما تعليقكم على ذلك؟

بالفعل التقارير تكشف للمواطنين، حجم الفساد وإهدار المال العام الذي تعاني منه مرافق البلاد، وكما تعرف هناك بعض القضايا وبعض الصناديق يجهلها المغاربة، ويغلب عليها طابع الضبابية وغياب الشفافية، وهذا الفساد الذي يقدمه المجلس مطروح، كذلك، كمشكل سياسي ومشكل في التدبير، فمثلا ساد مؤخرا نقاش بمناسبة التصويت على قانون المالية، لكي تدمج مجموعة من الصناديق وتطبق عليها المساطر القانونية، كما تطبق على جميع المؤسسات وكل ما تشمله الميزانية العامة ومراقبتها، وتمت مواجهته من طرف لوبيات قوية داخل البرلمان وخارجه، هذا ما يظهر وجود جهات لها مصالح كبيرة، وتستفيد من غياب الشفافية، وتنتعش في أجواء الفساد، وهي غير مستعدة لمراقبة ومحاسبة المسؤولين عن ضياع المال العام.

في ظل الوضع السائد هل هناك من مقترحات أو بدائل من أجل الوقوف أمام هذا الواقع الذي يضيع على المغرب فرصة التقدم؟

في تحليلي الشخصي، المشكل لا يكمن في الاقتراحات، فهي موجودة، وخروج المواطنين في 2011، يدل على أن المجتمع احتج ليعبر عن رفضه للاستبداد والفساد، ومن أوجه هذا الأخير، عدم مراقبة المرافق العمومية وإهدار المال العام، لكن المشكل الذي يطرح، هل هناك إرادة سياسية لتجاوز هذه المعضلة؟ إن الفساد ليس إشكالا معزولا، بل مرض عمّ جميع المؤسسات ومرافق البلاد، لذلك لا أعتقد أن هناك إرادة سياسية لمحاسبة المفسدين، وجميع المؤشرات لا تبشر بخير، فهناك الدستور الذي ينص على ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة، لكن هذا النص لا يطبق على أرض الواقع، مثلا الوصول إلى المعلومة حق غير مطبق، وجهاز محاربة الفساد تم إفراغه من كل معانيه ومقتضياته. أمام هذه الشروط والعوامل، سيصبح من الصعب إعادة الثقة إلى المواطنين، لذلك فإن أول من نطالب به هو القيام بالإصلاح السياسي والمسؤولية السياسية، ثم بعد ذلك ننتقل إلى الاقتراحات. 

*  عز الدين أقصبي خبير اقتصادي

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

محمد منذ 8 سنوات

الارادة السياسية هي الغائبة رغم وجود المؤسسات التي تنادي بمحاربة الفساد وتعمل على الافتحاص والمراقبة في المجالس الجميلة والمكاتب الانيقة ستظل دائما اشكال زخرفية تؤتت الواقع السياسي المغربي ولنا في كلمة الرئس الاول عفا الله لخير دليل عن كونه يأسس لنفس الاسلوب الذي دابت عليه الحكومات السابقة ويؤكد عن كونه شانه شأن سابقيه يستجدي البقاء في الحكومة اكبر فثرة ممكنة ،والسؤال وهو الى متى سيظل المغرب على هذا الحال ومن الخاسر الاكبر في كل ذا ؟

مغربي منذ 8 سنوات

يجب ان نخصص مراقب لكل مراقب ولكن سياسة عفى الله عما سلف هي بطاقة خضراء لمزيد من الفساد ونهب اموال الدولة و الله وحده هو المراقب النزيه.

التالي