أربع ساعات من النقاش، أكثر من خمسين مُداخلة، وتثمين وانتقاد، واحتجاج واقتراح، كانت هذه خُلاصة اليوم الوطني لمُناقشة مسودة مشروع القانون الجنائي.
وبينما أجمع المُتدخلون على « الإشادة » بخُطوة النقاش العمومي للمُسودة، انتقد عدد منهم « ضيق الوقت »، وعدم كفاية مساء يوم واحد لمٰناقشة قانون مصيري كهذا.
ومن بين المُقتضيات القانونية التي كانت محط انتقاد، تلك المتعلقة بـ »ازدراء الأديان »، و »العلاقات الجنسية »، و »زعزعة ولاء المواطنين للدولة »، و »جرائم الشرف »، و »تجريم الإعدام »، و »الافطار العلني في رمضان ». وفي المقابل، أشاد آخرون بالمُسودة لتضمينها مجموعة من المواد الجديدة التي تُجرم أو تقنن لأول مرة، مثل « التحرش الجنسي »، و »التعذيب » و »الإجهاض ».
من جهته، شدد عبد الرحيم الجامعي، على أن القانون الجنائي، يجب أن يُعبر عن تصورات المواطنين والمؤسسات، ويعكس رؤية البلاد للعدالة في السنوات العشر المقبلة، في حين وجه انتقادات شديدة اللهجة للمسودة، بسبب عدم إلغائها لعُقوبة الاعدام، مُعتبرا أن عدم التراجع عنها يعكس عدم القدرة على تطوير الترسانة التشريعية.
أما النقيب عبد الرحمن بنعمرو، فأوضح أن المسودة جاءت بمجموعة من المواد التي تعدلت نحو الأمام، وأخرى تراجعت إلى الخلف، إلى جانب ثالثة يجب أن تُحذف وغيرها يُعدل.
ودعا النقيب إلى تحديد المسائل المُتعلقة بـ »ازدراء الأديان »، مُشددا على ضرورة التفصيل في هذه الحالات حتى لا تمس بالنقاشات العمومية، والتنصيص على حالات الاستثناء مثل المرضى والمسافرين، أو إزالة العقوبة بشكل نهائي في ما يتعلق بمسألة الإفطار العلني في رمضان.
وفي تعليق له على التهم المتعلقة بـ »زعزعة عقيدة مُسلم »، شدد المتحدث نفسه على أن المُسلم الحقيقي لا تُزعزع عقيدته، وإن تمت زعزعتها فإن هذا ليس بمُسلم.
ومن جهتها، وجهت خديجة الروكاني، المحامية وعُضو ائتلاف ربيع الكرامة، انتقادات شديدة اللهجة للمسودة، مُعتبرة أنه يُلمس فيها « ملاءمة انتقائية للدستور وتوصيات الانصاف والمصالحة »، مشددة على أن « هذه الانتقائية ستعطينا قانونا جنائيا سياسيا وأمنيا مبنيا على خلفية إديولوجية ».
كما انتقدت المُتحدثة نفسها أيضا، المادة المتعلقة بـ »زعزعة ولاء المواطنين للدولة »، متسائلة « لماذا الولاء للدولة؟ »، إذ اعتبرت أن هذا الأمر « ضد الصراع الديمقراطي في البلد »، لأنه بحسب قولها « الولاء للدولة يعني الولاء لنظام سياسي مُعين يُمكن أن نختلف فيه »، في حين دعت إلى تعويضها إما بعبارة « الولاء للمُجتمع » أو « الولاء للوطن ».
ومن جهة أخرى، دعا عبد العالي حامي الدين إلى توسيع فئة ضحايا التعذيب لتشمل المساجين الذين يتعرضون لسوء المعاملة، إلى جانب « تجريم رفض القيام بالخبرة الطبية لمن يشتكون تعرضهم للتعذيب »، وأيضا إلى إجبار المُتورطين في جرائم اغتصاب الأطفال، على العلاج النفسي، بالإضافة إلى الإبقاء على عُقوبة الإعدام فقط بالنسبة إلى الجرائم الخطيرة والبشعة التي تُحدث « استبشاعا » من طرف الرأي العام.