بدا ثقيل الخُطوات، مُتعبا في وقفته على الرغم من اتكائه على عُكازه، لكنه أصر على الحُضور لأن الخطب بالنسبة إليه « جلل ». أصر الطاهر بلفرياط كما عرفه المغاربة، على الوقوف على المنصة، انتصب ثم خاطب الناس قائلا: جميع الجروح يُمكنها أن تندمل إلا « جرحا نفسيا تسبب فيه مُجرم لطفل في زهرة العمر، فإنه يبقى مُلتصقا في ذاكرته الطرية مهما طال الزمن ».
عبد القادر مُطاع، شدد خلال ندوة صحافية لجمعية « متقيسش ولدي »، نظمتها، مساء اليوم الخميس بالرباط، لإعلان حملتها الوطنية الجديدة لمُناهضة الاعتداءات الجنسية على الأطفال، على أن « الثروة الحقيقية للبلاد هي أبناؤه وبناته، الذين يُمثلون الإبداع والابتكار، والإقلاع بالبلد إلى أعلى عليين »، مُعقبا بالقول: « حرام ما ندويوش وما نتكلموش على هاد الجرائم »، قبل أن يُوجه دعوته إلى الجميع من أجل الالتفاف على هكذا مُبادرات من شأنها الحد من هذه الآفة، على حد قوله.
ومن جهته، وصف محمد الصبار، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الوضع الذي تعيشه فئة الأطفال في بلادنا بـ »القاتم »، مشددا على أنها هشة ولا تستطيع المقاومة والدفاع عن نفسها، إذ تعيش على وقع الاعتداءات المُتكررة والمتنوعة.
وأوضح الصبار، أن الجرائم الجنسية في حق الأطفال، عرفت في الآونة الآخيرة تصاعدا مُطردا، مؤكدا أن هذه الظاهرة كانت في الماضي، إلا أن « فضحها » اليوم جعلها أكثر من أي وقت مضى، كما دعا إلى « تشديد » العقوبات على مُرتكبيها.
وأوضحت نجاة أنور في معرض حديثها، أن الموضوع كان يُمثل في السابق أحد الطابوهات، إذ إن بعض العائلات كانت تُغلق الهاتف في وجه اتصالاتها، تورد المُتحدثة.
ودعت أنوار الحُكومة إلى تحمل مسؤوليتها بغرض مواجهة ظاهرة « البيدوفيليا » في المُجتمع المغربي، من خلال تجنيد الوسائل التربوية واللوجيستية لذلك.
وفي أعقاب ذلك، كشفت رئيسة « ما تقيسش ولادي » أن الجمعية ستطلق حملة وطنية واسعة للتحسيس بُخطورة اغتصاب الأطفال وتتضمن حقيبة توعوية، وعددا من الوصلات التلفزية.
وفي أعقاب ذلك، شدد مولاي إسماعيل العلوي، القيادي في حزب التقدم والاشتراكية، والوزير السابق، على أن ما كان يُميز المُجتمع المغربي هو السكوت على هذه الظاهرة، مُردفا أن « المغرب حقق اليوم مجموعة من التراكمات، التي مكنت من إخراج هذه الظاهرة إلى العلن، إذ صار كلٌ يعترف بوجود هذه الظاهرة، كما أن الإعلام يعمل على فضح ما يحدث ».
وأكد المتحدث نفسه، أن « ما يحدث اليوم محفز لنا جميعا للدفاع عن كرامة أبنائنا وكرامة أبناء هذا المُجتمع »، مُشيرا إلى أن عمل الجمعية شيء يُشرف الوطن والمُجتمع ويجب العمل على تعزيزه ودعمه.
أما محمد النشناش، الرئيس السابق للمُنظمة المغربية لحُقوق الإنسان، أكد أنه من الواجب على المواطنين حماية الأطفال لأنهم رجال الغد، موضحا أنه « عند الحديث عن هذه الحماية، فإننا نتحدث بشكل مُباشر عن مجموعة من الأمهات اللائي يُعانين تداعيات هذه الجرائم »، كما نبه إلى ضرورة استمرارية الحملات، وعدم الاكتفاء بآنيتها وموسميتها.